nindex.php?page=treesubj&link=30532_30539_31931_31948_32426_32458_29435_32427_27685_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم ( 104 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=105ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ( 105 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ( 106 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=107ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ( 107 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ( 108 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير ( 109 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=110وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير ( 110 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ( 111 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 112 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ( 113 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ( 114 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115ولله المشرق .والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ( 115 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون ( 116 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=117بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ( 117 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=118وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون ( 118 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=119إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ( 119 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ( 120 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ( 121 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=122يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ( 122 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=123واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون ( 123 )
[ ص: 99 ] يمضي هذا الدرس في كشف دسائس اليهود وكيدهم للإسلام والمسلمين وتحذير الجماعة المسلمة من ألاعيبهم وحيلهم، وما تكنه نفوسهم للمسلمين من الحقد والشر، وما يبيتون لهم من الكيد والضر ونهى الجماعة المسلمة عن التشبه بهؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب في قول أو فعل ويكشف للمسلمين عن الأسباب الحقيقية الدفينة التي تكمن وراء أقوال اليهود وأفعالهم، وكيدهم ودسهم، وألاعيبهم وفتنهم، التي يطلقونها في الصف الإسلامي.
ويبدو أن اليهود كانوا يتخذون من نسخ بعض الأوامر والتكاليف، وتغييرها وفق مقتضيات النشأة الإسلامية الجديدة، والظروف والملابسات التي تحيط بالجماعة المسلمة.. يبدو أنهم كانوا يتخذون من هذا ذريعة للتشكيك في مصدر هذه الأوامر والتكاليف ويقولون للمسلمين: لو كانت من عند الله ما نسخت ولا صدر أمر جديد يلغي أو يعدل أمرا سابقا..
واشتدت هذه الحملة عند
nindex.php?page=treesubj&link=29376تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة بعد ستة عشر شهرا من الهجرة. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اتجه بالصلاة - عقب الهجرة - إلى
بيت المقدس - قبلة اليهود ومصلاهم - فاتخذ اليهود من هذا التوجه حجة على أن دينهم هو الدين، وقبلتهم هي القبلة مما جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرغب ولا يصرح في التحول عن
بيت المقدس إلى
الكعبة ، بيت الله المحرم. وظلت هذه الرغبة تعتمل في نفسه حتى استجاب له ربه فوجهه إلى القبلة التي يرضاها - كما سيجيء في سياق السورة - ونظرا لما يحمله هذا التحول من دحض لحجة بني إسرائيل فقد عز عليهم أن يفقدوا مثل هذه الحجة، فشنوها حملة دعاية ماكرة في وسط المسلمين، بالتشكيك في مصدر الأوامر التي يكلفهم بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي صحة تلقيه عن الوحي.. أي: إنهم وجهوا المعول إلى أساس العقيدة في نفوس المسلمين! ثم قالوا لهم:
إن كان التوجه إلى
بيت المقدس باطلا فقد ضاعت صلاتكم وعبادتكم طوال هذه الفترة. وإن كان صحيحا
[ ص: 100 ] ففيم التحول عنه؟ أي أنهم وجهوا المعول إلى أساس الثقة في نفوس المسلمين برصيدهم من ثواب الله، وقبل كل شيء في حكمة القيادة النبوية! ويبدو أن هذه الحملة الخبيثة الماكرة آتت ثمرتها الكريهة في بعض نفوس المسلمين. فأخذوا يسألون الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قلق وزعزعة; ويطلبون البراهين والأدلة، الأمر الذي لا يتفق مع الطمأنينة المطلقة إلى القيادة، والثقة المطلقة بمصدر العقيدة. فنزل القرآن يبين لهم أن نسخ بعض الأوامر والآيات يتبع حكمة الله الذي يختار الأحسن لعباده ويعلم ما يصلح لهم في كل موقف. وينبههم في الوقت ذاته إلى أن هدف اليهود هو ردهم كفارا بعد إيمانهم; حسدا من عند أنفسهم على اختيار الله لهم، واختصاصهم برحمته وفضله، بتنزيل الكتاب الأخير عليهم، وانتدابهم لهذا الأمر العظيم. ويكشف لهم ما وراء أضاليل اليهود من غرض دفين! ويفند دعواهم الكاذبة في أن الجنة من حقهم وحدهم. ويقص عليهم التهم المتبادلة بين فريقي أهل الكتاب إذ يقول اليهود : ليست النصارى على شيء، وتقول النصارى ليست اليهود على شيء; وكذلك يقول المشركون عن الجميع! ثم يفظع نيتهم التي يخفونها من وراء قصة القبلة وهي منع الاتجاه إلى
الكعبة بيت الله ومسجده الأول، ويعده منعا لمساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعيا في خرابها.
ويمضي السياق في هذا الدرس على هذا النحو، حتى ينتهي إلى أن يضع المسلمين وجها لوجه أمام الهدف الحقيقي لأهل الكتاب من اليهود والنصارى .. إنه تحويل المسلمين من دينهم إلى دين أهل الكتاب ولن يرضوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يتبع ملتهم، وإلا فهي الحرب والكيد والدس إلى النهاية! وهذه هي حقيقة المعركة التي تكمن وراء الأباطيل والأضاليل، وتتخفى خلف الحجج والأسباب المقنعة!!!
nindex.php?page=treesubj&link=30532_30539_31931_31948_32426_32458_29435_32427_27685_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 104 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=105مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مِنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ( 105 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 106 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=107أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهَ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ( 107 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ( 108 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 109 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=110وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهِ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( 110 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( 111 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 112 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ( 113 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( 114 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ .وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهِ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ( 115 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ( 116 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=117بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( 117 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=118وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ( 118 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=119إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ( 119 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنَ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ( 120 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ( 121 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=122يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ( 122 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=123وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ( 123 )
[ ص: 99 ] يَمْضِي هَذَا الدَّرْسُ فِي كَشْفِ دَسَائِسِ الْيَهُودِ وَكَيْدِهِمْ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَتَحْذِيرِ الْجَمَاعَةِ الْمُسْلِمَةِ مِنْ أَلَاعِيبِهِمْ وَحِيَلِهِمْ، وَمَا تُكِنُّهُ نُفُوسُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْحِقْدِ وَالشَّرِّ، وَمَا يَبِيتُونَ لَهُمْ مِنَ الْكَيْدِ وَالضُّرِّ وَنَهَى الْجَمَاعَةُ الْمُسْلِمَةُ عَنِ التَّشَبُّهِ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَيَكْشِفُ لِلْمُسْلِمِينَ عَنِ الْأَسْبَابِ الْحَقِيقِيَّةِ الدَّفِينَةِ الَّتِي تَكْمُنُ وَرَاءَ أَقْوَالِ الْيَهُودِ وَأَفْعَالِهِمْ، وَكَيْدِهِمْ وَدَسِّهِمْ، وَأَلَاعِيبِهِمْ وَفِتَنِهِمُ، الَّتِي يُطْلِقُونَهَا فِي الصَّفِّ الْإِسْلَامِيِّ.
وَيَبْدُو أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَتَّخِذُونَ مِنْ نَسْخِ بَعْضِ الْأَوَامِرِ وَالتَّكَالِيفِ، وَتَغْيِيرِهَا وَفْقَ مُقْتَضَيَاتِ النَّشْأَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْجَدِيدَةِ، وَالظُّرُوفِ وَالْمُلَابَسَاتِ الَّتِي تُحِيطُ بِالْجَمَاعَةِ الْمُسْلِمَةِ.. يَبْدُو أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ مِنْ هَذَا ذَرِيعَةً لِلتَّشْكِيكِ فِي مَصْدَرِ هَذِهِ الْأَوَامِرِ وَالتَّكَالِيفِ وَيَقُولُونَ لِلْمُسْلِمِينَ: لَوْ كَانَتْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مَا نُسِخَتْ وَلَا صَدَرَ أَمْرٌ جَدِيدٌ يُلْغِي أَوْ يَعْدِلُ أَمْرًا سَابِقًا..
وَاشْتَدَّتْ هَذِهِ الْحَمْلَةُ عِنْدَ
nindex.php?page=treesubj&link=29376تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ. وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِ اتَّجَهَ بِالصَّلَاةِ - عَقِبَ الْهِجْرَةِ - إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ - قِبْلَةَ الْيَهُودِ وَمُصَلَّاهُمْ - فَاتَّخَذَ الْيَهُودُ مِنْ هَذَا التَّوَجُّهِ حُجَّةً عَلَى أَنَّ دِينَهُمْ هُوَ الدِّينُ، وَقَبِلَتَهُمْ هِيَ الْقُبْلَةُ مِمَّا جُعِلَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَغِّبُ وَلَا يُصَرِّحُ فِي التَّحَوُّلِ عَنْ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى
الْكَعْبَةِ ، بَيْتِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ. وَظَلَّتْ هَذِهِ الرَّغْبَةُ تَعْتَمِلُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى اسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَوَجَّهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي يَرْضَاهَا - كَمَا سَيَجِيءُ فِي سِيَاقِ السُّورَةِ - وَنَظَرًا لِمَا يَحْمِلُهُ هَذَا التَّحَوُّلُ مِنْ دَحْضٍ لِحُجَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَدْ عَزَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْقِدُوا مِثْلَ هَذِهِ الْحُجَّةِ، فَشَنُّوهَا حَمْلَةَ دَعَايَةٍ مَاكِرَةٍ فِي وَسَطِ الْمُسْلِمِينَ، بِالتَّشْكِيكِ فِي مَصْدَرِ الْأَوَامِرِ الَّتِي يُكَلِّفُهُمْ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي صِحَّةِ تَلَقِّيهِ عَنِ الْوَحْيِ.. أَيْ: إِنَّهُمْ وَجَّهُوا الْمِعْوَلَ إِلَى أَسَاسِ الْعَقِيدَةِ فِي نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ! ثُمَّ قَالُوا لَهُمْ:
إِنْ كَانَ التَّوَجُّهُ إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَاطِلًا فَقَدْ ضَاعَتْ صَلَاتُكُمْ وَعِبَادَتُكُمْ طَوَالَ هَذِهِ الْفَتْرَةِ. وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا
[ ص: 100 ] فَفِيمَ التَّحَوُّلُ عَنْهُ؟ أَيْ أَنَّهُمْ وَجَّهُوا الْمِعْوَلَ إِلَى أَسَاسِ الثِّقَةِ فِي نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ بِرَصِيدِهِمْ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ، وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ فِي حِكْمَةِ الْقِيَادَةِ النَّبَوِيَّةِ! وَيَبْدُو أَنَّ هَذِهِ الْحَمْلَةَ الْخَبِيثَةَ الْمَاكِرَةَ آتَتْ ثَمَرَتَهَا الْكَرِيهَةَ فِي بَعْضِ نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ. فَأَخَذُوا يَسْأَلُونَ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَلَقٍ وَزَعْزَعَةٍ; وَيَطْلُبُونَ الْبَرَاهِينَ وَالْأَدِلَّةَ، الْأَمْرُ الَّذِي لَا يَتَّفِقُ مَعَ الطُّمَأْنِينَةِ الْمُطْلَقَةِ إِلَى الْقِيَادَةِ، وَالثِّقَةِ الْمُطْلَقَةِ بِمَصْدَرِ الْعَقِيدَةِ. فَنَزَلَ الْقُرْآنُ يُبَيِّنُ لَهُمْ أَنَّ نَسْخَ بَعْضَ الْأَوَامِرِ وَالْآيَاتِ يَتْبَعُ حِكْمَةَ اللَّهِ الَّذِي يَخْتَارُ الْأَحْسَنَ لِعِبَادِهِ وَيَعْلَمُ مَا يَصْلُحُ لَهُمْ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ. وَيُنَبِّهُهُمْ فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ إِلَى أَنَّ هَدَفَ الْيَهُودِ هُوَ رَدُّهُمْ كُفَّارًا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ; حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ عَلَى اخْتِيَارِ اللَّهِ لَهُمْ، وَاخْتِصَاصِهِمْ بِرَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ، بِتَنْزِيلِ الْكِتَابِ الْأَخِيرِ عَلَيْهِمْ، وَانْتِدَابِهِمْ لِهَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ. وَيَكْشِفُ لَهُمْ مَا وَرَاءَ أَضَالِيلِ الْيَهُودِ مِنْ غَرَضٍ دَفِينٍ! وَيُفَنِّدُ دَعْوَاهُمُ الْكَاذِبَةَ فِي أَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ حَقِّهِمْ وَحْدَهُمْ. وَيَقُصُّ عَلَيْهِمُ التُّهَمَ الْمُتَبَادَلَةَ بَيْنَ فَرِيقَيْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذْ يَقُولُ الْيَهُودُ : لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ، وَتَقُولُ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ; وَكَذَلِكَ يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْجَمِيعِ! ثُمَّ يُفَظِّعُ نِيَّتَهُمُ الَّتِي يُخْفُونَهَا مِنْ وَرَاءِ قِصَّةِ الْقِبْلَةِ وَهِيَ مَنْعُ الِاتِّجَاهِ إِلَى
الْكَعْبَةِ بَيْتِ اللَّهِ وَمَسْجِدِهِ الْأَوَّلِ، وَيَعُدُّهُ مَنْعًا لِمَسَاجِدِ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعْيًا فِي خَرَابِهَا.
وَيَمْضِي السِّيَاقُ فِي هَذَا الدَّرْسِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى أَنْ يَضَعَ الْمُسْلِمِينَ وَجْهًا لِوَجْهٍ أَمَامَ الْهَدَفِ الْحَقِيقِيِّ لِأَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى .. إِنَّهُ تَحْوِيلُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِينِهُمُ إِلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَنْ يَرْضَوْا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ، وَإِلَّا فَهِيَ الْحَرْبُ وَالْكَيْدُ وَالدَّسُّ إِلَى النِّهَايَةِ! وَهَذِهِ هِيَ حَقِيقَةُ الْمَعْرَكَةِ الَّتِي تَكْمُنُ وَرَاءَ الْأَبَاطِيلِ وَالْأَضَالِيلِ، وَتَتَخَفَّى خَلْفَ الْحُجَجِ وَالْأَسْبَابِ الْمُقْنِعَةِ!!!