nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=87الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89nindex.php?page=treesubj&link=28975ودوا لو تكفرون [ ص: 727 ] كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91nindex.php?page=treesubj&link=28975_30563_30566ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92nindex.php?page=treesubj&link=9311_28975وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93nindex.php?page=treesubj&link=30443_25122_9286_33480_28975ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=94nindex.php?page=treesubj&link=28975_8106_8265_18081_18797_33538_18793يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا
يبدأ هذا الدرس بقاعدة التصور الإسلامي الأساسية..
nindex.php?page=treesubj&link=28663التوحيد وإفراد الله - سبحانه - بالألوهية; ثم يبني على هذه القاعدة أحكاما شتى في معاملة المجتمع المسلم مع المعسكرات المختلفة; بعد التنديد بانقسام الصف المسلم إلى فئتين ورأيين، في معاملة المنافقين - ويبدو أنها جماعة خاصة من المنافقين من غير سكان
المدينة - فتقوم هذه الأحكام - وهذا التنديد أيضا - على قاعدتها الأصيلة، التي يقوم عليها بناء النظام الإسلامي كله.. والتي يتكرر ذكرها كلما اتجه المنهج الرباني إلى تشريع أو توجيه.
هذه الأحكام في معاملة المعسكرات المختلفة، هي طرف من القواعد التي أنشأها الإسلام - لأول مرة في تاريخ البشرية - لتنظيم المعاملات الدولية; واتخاذ قواعد أخرى لهذه المعاملات، غير تحكيم السيف، ومنطق القوة، وشريعة الغاب.
[ ص: 728 ] إن
أوربا بقانونها الدولي - وكل ما تفرع عنه من المنظمات الدولية - لم تبدأ في هذا الاتجاه إلا في القرن السابع عشر الميلادي (الحادي عشر الهجري) . ولم يزل هذا القانون - في جملته - حبرا على ورق; ولم تزل هذه المنظمات - في جملتها - أدوات تختفي وراءها الأطماع الدولية; ومنابر للحرب الباردة! وليست أداة لإحقاق حق; ولا لتحقيق عدل! وقد دعت إليها منازعات بين دول متكافئة القوى. ولكن كلما اختل هذا التكافؤ لم يعد للقوانين الدولية قيمة، ولا للمنظمات الدولية عمل ذو قيمة!
أما الإسلام - المنهج الرباني للبشر - فقد وضع أسس المعاملات الدولية في القرن السابع الميلادي (الأول الهجري) . ووضعها من عند نفسه; دون أن تضطره إلى ذلك ملابسات القوى المتكافئة. فهو كان يضعها ليستخدمها هو، وليقيم المجتمع المسلم علاقاته مع المعسكرات الأخرى على أساسها. ليرفع للبشرية راية العدالة، وليقيم لها معالم الطريق. ولو كانت المعسكرات الأخرى - الجاهلية - لا تعامل المجتمع المسلم بتلك المبادئ من جانبها.. فلقد كان الإسلام ينشئ هذه المبادئ إنشاء وللمرة الأولى..
وهذه القواعد للمعاملات الدولية متفرقة في مواضعها ومناسباتها من سور القرآن، وهي تؤلف في مجموعها قانونا كاملا للتعامل الدولي. يضم حكما لكل حالة من الحالات التي تعرض بين المعسكر الإسلامي والمعسكرات الأخرى: محاربة. ومهادنة. ومحالفة. ومحايدة. ومرتبطة مع محارب، أو مهادن، أو محالف، أو محايد ... إلخ..
وليس بنا هنا أن نستعرض هذه المبادئ والأحكام (فهي جديرة ببحث مستقل يتولاه متخصص في القانون الدولي) . ولكننا نستعرض ما جاء في هذه المجموعة من الآيات في هذا الدرس.. وهي تتعلق بالتعامل مع الطوائف التالية:
"أ" المنافقين غير المقيمين في
المدينة .
"ب" الذين يرتبطون بقوم بينهم وبين المسلمين ميثاق..
"ج" المحايدين الذين تضيق صدورهم بحرب المسلمين أو حرب قومهم كذلك. وهم على دينهم.
"د" المتلاعبين بالعقيدة الذين يظهرون الإسلام إذا قدموا
المدينة ويظهرون الكفر إذا عادوا إلى
مكة .
"هـ" حالات القتل الخطأ بين المسلمين والقتل العمد على اختلاف المواطن والأقوام..
وسنجد أحكاما صريحة واضحة في جميع هذه الحالات; التي تكون جانبا من مبادئ التعامل في المحيط الدولي. شأنها شأن بقية الأحكام، التي تتناول شتى العلاقات الأخرى.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=87اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهُ حَدِيثًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89nindex.php?page=treesubj&link=28975وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ [ ص: 727 ] كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90إِلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91nindex.php?page=treesubj&link=28975_30563_30566سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92nindex.php?page=treesubj&link=9311_28975وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهِ عَلِيمًا حَكِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93nindex.php?page=treesubj&link=30443_25122_9286_33480_28975وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=94nindex.php?page=treesubj&link=28975_8106_8265_18081_18797_33538_18793يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهِ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهِ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
يَبْدَأُ هَذَا الدَّرْسُ بِقَاعِدَةِ التَّصَوُّرِ الْإِسْلَامِيِّ الْأَسَاسِيَّةِ..
nindex.php?page=treesubj&link=28663التَّوْحِيدِ وَإِفْرَادِ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - بِالْأُلُوهِيَّةِ; ثُمَّ يَبْنِي عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَحْكَامًا شَتَّى فِي مُعَامَلَةِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ مَعَ الْمُعَسْكَرَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ; بَعْدَ التَّنْدِيدِ بِانْقِسَامِ الصَّفِّ الْمُسْلِمِ إِلَى فِئَتَيْنِ وَرَأْيَيْنِ، فِي مُعَامَلَةِ الْمُنَافِقِينَ - وَيَبْدُو أَنَّهَا جَمَاعَةٌ خَاصَّةٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ مِنْ غَيْرِ سُكَّانِ
الْمَدِينَةِ - فَتَقُومُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ - وَهَذَا التَّنْدِيدُ أَيْضًا - عَلَى قَاعِدَتِهَا الْأَصِيلَةِ، الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا بِنَاءُ النِّظَامِ الْإِسْلَامِيِّ كُلِّهِ.. وَالَّتِي يَتَكَرَّرُ ذِكْرُهَا كُلَّمَا اتَّجَهَ الْمَنْهَجُ الرَّبَّانِيُّ إِلَى تَشْرِيعٍ أَوْ تَوْجِيهٍ.
هَذِهِ الْأَحْكَامُ فِي مُعَامَلَةِ الْمُعَسْكَرَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، هِيَ طَرَفٌ مِنَ الْقَوَاعِدِ الَّتِي أَنْشَأَهَا الْإِسْلَامُ - لِأَوَّلِ مَرَّةٍ فِي تَارِيخِ الْبَشَرِيَّةِ - لِتَنْظِيمِ الْمُعَامَلَاتِ الدُّوَلِيَّةِ; وَاتِّخَاذِ قَوَاعِدَ أُخْرَى لِهَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ، غَيْرِ تَحْكِيمِ السَّيْفِ، وَمَنْطِقِ الْقُوَّةِ، وَشَرِيعَةِ الْغَابِ.
[ ص: 728 ] إِنَّ
أُورُبَّا بِقَانُونِهَا الدُّوَلِيِّ - وَكُلِّ مَا تَفَرَّعَ عَنْهُ مِنَ الْمُنَظَّمَاتِ الدُّوَلِيَّةِ - لَمْ تَبْدَأْ فِي هَذَا الِاتِّجَاهِ إِلَّا فِي الْقَرْنِ السَّابِعَ عَشَرَ الْمِيلَادِيِّ (الْحَادِي عَشَرَ الْهِجْرِيِّ) . وَلَمْ يَزَلْ هَذَا الْقَانُونُ - فِي جُمْلَتِهِ - حِبْرًا عَلَى وَرَقٍ; وَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الْمُنَظَّمَاتُ - فِي جُمْلَتِهَا - أَدَوَاتٍ تَخْتَفِي وَرَاءَهَا الْأَطْمَاعُ الدُّوَلِيَّةُ; وَمَنَابِرَ لِلْحَرْبِ الْبَارِدَةِ! وَلَيْسَتْ أَدَاةً لِإِحْقَاقِ حَقٍّ; وَلَا لِتَحْقِيقِ عَدْلٍ! وَقَدْ دَعَتْ إِلَيْهَا مُنَازَعَاتٌ بَيْنَ دُوَلٍ مُتَكَافِئَةِ الْقُوَى. وَلَكِنْ كُلَّمَا اخْتَلَّ هَذَا التَّكَافُؤُ لَمْ يَعُدْ لِلْقَوَانِينِ الدُّوَلِيَّةِ قِيمَةٌ، وَلَا لِلْمُنَظَّمَاتِ الدُّوَلِيَّةِ عَمَلٌ ذُو قِيمَةٍ!
أَمَّا الْإِسْلَامُ - الْمَنْهَجُ الرَّبَّانِيُّ لِلْبَشَرِ - فَقَدْ وَضَعَ أُسُسَ الْمُعَامَلَاتِ الدُّوَلِيَّةِ فِي الْقَرْنِ السَّابِعِ الْمِيلَادِيِّ (الْأَوَّلِ الْهِجْرِيِّ) . وَوَضَعَهَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ; دُونَ أَنْ تَضْطَرَّهُ إِلَى ذَلِكَ مُلَابَسَاتُ الْقُوَى الْمُتَكَافِئَةِ. فَهُوَ كَانَ يَضَعُهَا لِيَسْتَخْدِمَهَا هُوَ، وَلِيُقِيمَ الْمُجْتَمَعُ الْمُسْلِمُ عَلَاقَاتِهِ مَعَ الْمُعَسْكَرَاتِ الْأُخْرَى عَلَى أَسَاسِهَا. لِيَرْفَعَ لِلْبَشَرِيَّةِ رَايَةَ الْعَدَالَةِ، وَلِيُقِيمَ لَهَا مَعَالِمَ الطَّرِيقِ. وَلَوْ كَانَتِ الْمُعَسْكَرَاتُ الْأُخْرَى - الْجَاهِلِيَّةُ - لَا تُعَامِلُ الْمُجْتَمَعَ الْمُسْلِمَ بِتِلْكَ الْمَبَادِئِ مِنْ جَانِبِهَا.. فَلَقَدْ كَانَ الْإِسْلَامُ يُنْشِئُ هَذِهِ الْمَبَادِئَ إِنْشَاءً وَلِلْمَرَّةِ الْأُولَى..
وَهَذِهِ الْقَوَاعِدُ لِلْمُعَامَلَاتِ الدُّوَلِيَّةِ مُتَفَرِّقَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا وَمُنَاسَبَاتِهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَهِيَ تُؤَلِّفُ فِي مَجْمُوعِهَا قَانُونًا كَامِلًا لِلتَّعَامُلِ الدُّوَلِيِّ. يَضُمُّ حُكْمًا لِكُلِّ حَالَةٍ مِنَ الْحَالَاتِ الَّتِي تَعْرِضُ بَيْنَ الْمُعَسْكَرِ الْإِسْلَامِيِّ وَالْمُعَسْكَرَاتِ الْأُخْرَى: مُحَارَبَةٍ. وَمُهَادَنَةٍ. وَمُحَالَفَةٍ. وَمُحَايَدَةٍ. وَمُرْتَبِطَةٍ مَعَ مُحَارِبٍ، أَوْ مُهَادِنٍ، أَوْ مُحَالِفٍ، أَوْ مُحَايِدٍ ... إِلَخْ..
وَلَيْسَ بِنَا هُنَا أَنْ نَسْتَعْرِضَ هَذِهِ الْمَبَادِئَ وَالْأَحْكَامَ (فَهِيَ جَدِيرَةٌ بِبَحْثٍ مُسْتَقِلٍّ يَتَوَلَّاهُ مُتَخَصِّصٌ فِي الْقَانُونِ الدُّوَلِيِّ) . وَلَكِنَّنَا نَسْتَعْرِضُ مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَجْمُوعَةِ مِنَ الْآيَاتِ فِي هَذَا الدَّرْسِ.. وَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِالتَّعَامُلِ مَعَ الطَّوَائِفِ التَّالِيَةِ:
"أ" الْمُنَافِقِينَ غَيْرِ الْمُقِيمِينَ فِي
الْمَدِينَةِ .
"ب" الَّذِينَ يَرْتَبِطُونَ بِقَوْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِيثَاقٌ..
"ج" الْمُحَايِدِينَ الَّذِينَ تَضِيقُ صُدُورُهُمْ بِحَرْبِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ حَرْبِ قَوْمِهِمْ كَذَلِكَ. وَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ.
"د" الْمُتَلَاعِبِينَ بِالْعَقِيدَةِ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ إِذَا قَدِمُوا
الْمَدِينَةَ وَيُظْهِرُونَ الْكُفْرَ إِذَا عَادُوا إِلَى
مَكَّةَ .
"هـ" حَالَاتِ الْقَتْلِ الْخَطَأِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْقَتْلِ الْعَمْدِ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَوَاطِنِ وَالْأَقْوَامِ..
وَسَنَجِدُ أَحْكَامًا صَرِيحَةً وَاضِحَةً فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْحَالَاتِ; الَّتِي تُكَوِّنُ جَانِبًا مِنْ مَبَادِئِ التَّعَامُلِ فِي الْمُحِيطِ الدُّوَلِيِّ. شَأْنُهَا شَأْنُ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ، الَّتِي تَتَنَاوَلُ شَتَّى الْعَلَاقَاتِ الْأُخْرَى.