nindex.php?page=treesubj&link=28976_14303_16359_34454_34464nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر ; أي : اطلع بعد التحليف .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107على أنهما استحقا إثما حسبما اعترفا به بقولهما : إنا إذا لمن الآثمين ; أي : فعلا ما يوجب إثما من تحريف وكتم ، بأن ظهر
[ ص: 91 ] بأيديهما شيء من التركة ، وادعيا استحقاقهما له بوجه من الوجوه ، كما وقع في سبب النزول حسبما سيأتي .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فآخران ; أي : رجلان آخران ، وهو مبتدأ خبره
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107يقومان مقامهما ، ولا محظور في الفصل بالخبر بين المبتدأ وبين وصفه الذي هو الجار والمجرور بعده ; أي : يقومان مقام الذين عثر على خيانتهما ، وليس المراد بمقامهما : مقام أداء الشهادة التي تولياها ولم يؤدياها كما هي ، بل هو مقام الحبس والتحليف على الوجه المذكور لإظهار الحق ، وإبراز كذبهما فيما ادعيا من استحقاقهما لما في أيديهما .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107من الذين استحق على البناء للفاعل على قراءة علي ، وابن عباس ، وأبي ، رضي الله عنهم ; أي : من أهل الميت الذين استحق .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107عليهم الأوليان من بينهم ; أي : الأقربان إلى الميت الوارثان له الأحقان بالشهادة ; أي : باليمين كما ستعرفه ، ومفعول " استحق " محذوف ; أي : استحقا عليهم أن يجردوهما للقيام بها ; لأنها حقهما ، ويظهروا بهما كذب الكاذبين وهما في الحقيقة الآخران القائمان مقام الأولين على وضع المظهر مقام المضمر .
وقرئ على البناء للمفعول ، وهو الأظهر ; أي : من الذين استحق عليهم الإثم ; أي : جني عليهم ، وهم أهل الميت وعشيرته ، فالأوليان مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، كأنه قيل : ومن هما ؟ فقيل : الأوليان ، أو هو بدل من الضمير في " يقومان " ، أو من " آخران " ، وقد جوز ارتفاعه باستحق على حذف المضاف ; أي : استحق عليهم انتداب الأولين منهم للشهادة .
وقرئ : ( الأولين ) على أنه صفة للذين ... إلخ ، مجرور ، أو منصوب على المدح ، ومعنى الأولية : التقدم على الأجانب في الشهادة لكونهم أحق بها . وقرئ : ( الأوليين ) على التثنية وانتصابه على المدح ، وقرئ : ( الأولان ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فيقسمان بالله عطف على " يقومان " .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107لشهادتنا المراد بالشهادة : اليمين ، كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ; أي : ليميننا على أنهما كاذبان فيما ادعيا من الاستحقاق ، مع كونها حقة صادقة في نفسها .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107أحق بالقبول .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107من شهادتهما ; أي : من يمينهما ، مع كونها كاذبة في نفسها ، لما أنه قد ظهر للناس استحقاقهما للإثم ، ويميننا منزهة عن الريب والريبة ، فصيغة التفضيل مع أنه لا حقية في يمينهما رأسا ، إنما هي لإمكان قبولها في الجملة ، باعتبار احتمال صدقهما في ادعاء تملكهما لما ظهر في أيديهما .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107وما اعتدينا عطف على جواب القسم ; أي : ما تجاوزنا فيها الحق ، أو ما اعتدينا عليهما بإبطال حقهما .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107إنا إذا لمن الظالمين استئناف مقرر لما قبله ; أي : إنا إن اعتدينا في يميننا لمن الظالمين أنفسهم بتعريضها لسخط الله تعالى وعذابه ; بسبب هتك حرمة اسم الله تعالى ، أو لمن الواضعين الحق في غير موضعه ، ومعنى النظم الكريم : أن المحتضر ينبغي أن يشهد على وصيته عدلين من ذوي نسبه أو دينه ، فإن لم يجدهما بأن كان في سفر ، فآخران من غيرهم ، ثم إن وقع ارتياب بهما أقسما على أنهما ما كتما من الشهادة ، ولا من التركة شيئا بالتغليظ في الوقت ، فإن اطلع بعد ذلك على كذبهما بأن ظهر بأيديهما شيء من التركة ، وادعيا تملكه من جهة الميت ، حلف الورثة وعمل بأيمانهم .
ولعل تخصيص الاثنين لخصوص الواقعة ، فإنه روي أن
تميم بن أوس الداري وعدي بن يزيد خرجا إلى
الشام للتجارة ، وكانا حينئذ نصرانيين ، ومعهما
بديل بن أبي مريم مولى
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ، وكان مسلما مهاجرا ، فلما قدموا
الشام مرض بديل ، فكتب كتابا فيه جميع ما معه ، وطرحه في متاعه ولم يخبرهما بذلك ، وأوصى إليهما بأن يدفعا متاعه إلى أهله ومات ، ففتشاه فوجدا فيه إناء من فضة وزنه ثلثمائة مثقال منقوشا بالذهب ، فغيباه ودفعا المتاع إلى أهله ، فأصابوا فيه الكتاب ، فطلبوا منهما الإناء ، فقالا : ما ندري إنما أوصى إلينا بشيء وأمرنا أن ندفعه إليكم
[ ص: 92 ] ففعلنا ، وما لنا بالإناء من علم ، فرفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزل " يأيها الذين آمنوا ... " الآية ، فاستحلفهما بعد صلاة العصر عند المنبر ، بالله الذي لا إله إلا هو أنهما لم يختانا شيئا مما دفع ولا كتما ، فحلفا على ذلك ، فخلى صلى الله عليه وسلم سبيلهما ، ثم إن الإناء وجد
بمكة ، فقال : من بيده اشتريته من
تميم وعدي . وقيل : لما طالت المدة أظهراه ، فبلغ ذلك
بني سهم فطلبوه منهما ، فقالا : كنا اشتريناه من
بديل ، فقالوا : ألم نقل لكما : هل باع صاحبنا من متاعه شيئا ؟ فقلتما : لا ، قالا : ما كان لنا بينة فكرهنا أن نقربه ، فرفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزل قوله عز وجل : " فإن عثر ... " الآية ، فقام
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان ، فحلفا بالله بعد العصر أنهما كذبا وخانا ، فدفع الإناء إليهما ، وفي رواية إلى أولياء الميت ، واعلم أنهما إن كانا وارثين لبديل ، فلا نسخ إلا في وصف اليمين ، فإن الوارث لا يحلف على البتات ، وإلا فهو منسوخ .
nindex.php?page=treesubj&link=28976_14303_16359_34454_34464nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنَ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ ; أَيِ : اطُّلِعَ بَعْدَ التَّحْلِيفِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا حَسْبَمَا اعْتَرَفَا بِهِ بِقَوْلِهِمَا : إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ ; أَيْ : فَعَلَا مَا يُوجِبُ إِثْمًا مِنْ تَحْرِيفٍ وَكَتْمٍ ، بِأَنْ ظَهَرَ
[ ص: 91 ] بِأَيْدِيهِمَا شَيْءٌ مِنَ التَّرِكَةِ ، وَادَّعَيَا اسْتِحْقَاقَهُمَا لَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، كَمَا وَقَعَ فِي سَبَبِ النُّزُولِ حَسْبَمَا سَيَأْتِي .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَآخَرَانِ ; أَيْ : رَجُلَانِ آخَرَانِ ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا ، وَلَا مَحْظُورَ فِي الْفَصْلِ بِالْخَبَرِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَبَيْنَ وَصْفِهِ الَّذِي هُوَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ بَعْدَهُ ; أَيْ : يَقُومَانِ مَقَامَ الَّذِينَ عُثِرَ عَلَى خِيَانَتِهِمَا ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَقَامِهِمَا : مَقَامَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تَوَلَّيَاهَا وَلَمْ يُؤَدِّيَاهَا كَمَا هِيَ ، بَلْ هُوَ مَقَامُ الْحَبْسِ وَالتَّحْلِيفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِإِظْهَارِ الْحَقِّ ، وَإِبْرَازِ كَذِبِهِمَا فِيمَا ادَّعَيَا مِنِ اسْتِحْقَاقِهِمَا لِمَا فِي أَيْدِيهِمَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ عَلَى قِرَاءَةِ عَلِيٍّ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَأُبَيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ; أَيْ : مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ مِنْ بَيْنِهِمْ ; أَيِ : الْأَقْرَبَانِ إِلَى الْمَيِّتِ الْوَارِثَانِ لَهُ الْأَحَقَّانِ بِالشَّهَادَةِ ; أَيْ : بِالْيَمِينِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ ، وَمَفْعُولُ " اسْتَحَقَّ " مَحْذُوفٌ ; أَيِ : اسْتَحَقَّا عَلَيْهِمْ أَنْ يُجَرِّدُوهُمَا لِلْقِيَامِ بِهَا ; لِأَنَّهَا حَقُّهُمَا ، وَيُظْهِرُوا بِهِمَا كَذِبَ الْكَاذِبَيْنِ وَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ الْآخَرَانِ الْقَائِمَانِ مَقَامَ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى وَضْعِ الْمُظْهَرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ .
وَقُرِئَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ ; أَيْ : مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْإِثْمُ ; أَيْ : جُنِيَ عَلَيْهِمْ ، وَهُمْ أَهْلُ الْمَيِّتِ وَعَشِيرَتُهُ ، فَالْأَوْلَيَانِ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : وَمَنْ هُمَا ؟ فَقِيلَ : الْأَوْلَيَانِ ، أَوْ هُوَ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي " يَقُومَانِ " ، أَوْ مِنْ " آخَرَانِ " ، وَقَدْ جُوِّزَ ارْتِفَاعُهُ بِاسْتَحَقَّ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ ; أَيِ : اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ انْتِدَابُ الْأَوَّلَيْنِ مِنْهُمْ لِلشَّهَادَةِ .
وَقُرِئَ : ( الْأَوَّلِينَ ) عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلَّذِينَ ... إِلَخْ ، مَجْرُورٌ ، أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَدْحِ ، وَمَعْنَى الْأَوَّلِيَّةِ : التَّقَدُّمُ عَلَى الْأَجَانِبِ فِي الشَّهَادَةِ لِكَوْنِهِمْ أَحَقَّ بِهَا . وَقُرِئَ : ( الْأَوَّلِيَّيْنِ ) عَلَى التَّثْنِيَةِ وَانْتِصَابُهُ عَلَى الْمَدْحِ ، وَقُرِئَ : ( الْأَوَّلَانِ ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ عَطْفٌ عَلَى " يَقُومَانِ " .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107لَشَهَادَتُنَا الْمُرَادُ بِالشَّهَادَةِ : الْيَمِينُ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ; أَيْ : لَيَمِينُنَا عَلَى أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ فِيمَا ادَّعَيَا مِنَ الْاسْتِحْقَاقِ ، مَعَ كَوْنِهَا حَقَّةً صَادِقَةً فِي نَفْسِهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107أَحَقُّ بِالْقَبُولِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107مِنْ شَهَادَتِهِمَا ; أَيْ : مِنْ يَمِينِهِمَا ، مَعَ كَوْنِهَا كَاذِبَةً فِي نَفْسِهَا ، لِمَا أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ لِلنَّاسِ اسْتِحْقَاقُهُمَا لِلْإِثْمِ ، وَيَمِينُنَا مُنَزَّهَةٌ عَنِ الرَّيْبِ وَالرِّيبَةِ ، فَصِيغَةُ التَّفْضِيلِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَقِّيَّةَ فِي يَمِينِهِمَا رَأْسًا ، إِنَّمَا هِيَ لِإِمْكَانِ قَبُولِهَا فِي الْجُمْلَةِ ، بِاعْتِبَارِ احْتِمَالِ صِدْقِهِمَا فِي ادِّعَاءِ تَمَلُّكِهِمَا لِمَا ظَهَرَ فِي أَيْدِيهِمَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107وَمَا اعْتَدَيْنَا عَطْفٌ عَلَى جَوَابِ الْقَسَمِ ; أَيْ : مَا تَجَاوَزْنَا فِيهَا الْحَقَّ ، أَوْ مَا اعْتَدَيْنَا عَلَيْهِمَا بِإِبْطَالِ حَقِّهِمَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ اسْتِئْنَافٌ مُقَرِّرٌ لِمَا قَبْلَهُ ; أَيْ : إِنَّا إِنِ اعْتَدَيْنَا فِي يَمِينِنَا لَمِنَ الظَّالِمِينَ أَنْفُسَهُمْ بِتَعْرِيضِهَا لِسَخَطِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَذَابِهِ ; بِسَبَبِ هَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، أَوْ لَمِنَ الْوَاضِعِينَ الْحَقَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ، وَمَعْنَى النَّظْمِ الْكَرِيمِ : أَنَّ الْمُحْتَضَرَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ عَلَى وَصِيَّتِهِ عَدْلَيْنِ مِنْ ذَوِي نَسَبِهِ أَوْ دِينِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا بِأَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ ، فَآخَرَانِ مِنْ غَيْرِهِمْ ، ثُمَّ إِنْ وَقَعَ ارْتِيَابٌ بِهِمَا أَقْسَمَا عَلَى أَنَّهُمَا مَا كَتَمَا مِنَ الشَّهَادَةِ ، وَلَا مِنَ التَّرِكَةِ شَيْئًا بِالتَّغْلِيظِ فِي الْوَقْتِ ، فَإِنِ اطُّلِعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى كَذِبِهِمَا بِأَنْ ظَهَرَ بِأَيْدِيهِمَا شَيْءٌ مِنَ التَّرِكَةِ ، وَادَّعَيَا تَمَلُّكَهُ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ ، حَلَفَ الْوَرَثَةُ وَعُمِلَ بِأَيْمَانِهِمْ .
وَلَعَلَّ تَخْصِيصَ الِاثْنَيْنِ لِخُصُوصِ الْوَاقِعَةِ ، فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ
تَمِيمَ بْنَ أَوْسٍ الدَّارِيَّ وَعَدِيَّ بْنَ يَزِيدَ خَرَجَا إِلَى
الشَّامِ لِلتِّجَارَةِ ، وَكَانَا حِينَئِذٍ نَصْرَانِيَّيْنِ ، وَمَعَهُمَا
بُدَيْلُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ مَوْلَى
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَكَانَ مُسْلِمًا مُهَاجِرًا ، فَلَمَّا قَدِمُوا
الشَّامَ مَرِضَ بُدَيْلٌ ، فَكَتَبَ كِتَابًا فِيهِ جَمِيعُ مَا مَعَهُ ، وَطَرَحَهُ فِي مَتَاعِهِ وَلَمْ يُخْبِرْهُمَا بِذَلِكَ ، وَأَوْصَى إِلَيْهِمَا بِأَنْ يَدْفَعَا مَتَاعَهُ إِلَى أَهْلِهِ وَمَاتَ ، فَفَتَّشَاهُ فَوَجَدَا فِيهِ إِنَاءً مِنْ فِضَّةٍ وَزْنُهُ ثَلَثُمِائَةِ مِثْقَالٍ مَنْقُوشًا بِالذَّهَبِ ، فَغَيَّبَاهُ وَدَفَعَا الْمَتَاعَ إِلَى أَهْلِهِ ، فَأَصَابُوا فِيهِ الْكِتَابَ ، فَطَلَبُوا مِنْهُمَا الْإِنَاءَ ، فَقَالَا : مَا نَدْرِي إِنَّمَا أَوْصَى إِلَيْنَا بِشَيْءٍ وَأَمَرَنَا أَنْ نَدْفَعَهُ إِلَيْكُمْ
[ ص: 92 ] فَفَعَلْنَا ، وَمَا لَنَا بِالْإِنَاءِ مِنْ عِلْمٍ ، فَرَفَعُوهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَزَلَ " يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... " الْآيَةَ ، فَاسْتَحْلَفَهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ، بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَانَا شَيْئًا مِمَّا دُفِعَ وَلَا كَتَمَا ، فَحَلَفَا عَلَى ذَلِكَ ، فَخَلَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبِيلَهُمَا ، ثُمَّ إِنَّ الْإِنَاءَ وُجِدَ
بِمَكَّةَ ، فَقَالَ : مَنْ بِيَدِهِ اشْتَرَيْتُهُ مِنْ
تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ . وَقِيلَ : لَمَّا طَالَتِ الْمُدَّةُ أَظْهَرَاهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ
بَنِي سَهْمٍ فَطَلَبُوهُ مِنْهُمَا ، فَقَالَا : كُنَّا اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ
بُدَيْلٍ ، فَقَالُوا : أَلَمْ نَقُلْ لَكُمَا : هَلْ بَاعَ صَاحِبُنَا مِنْ مَتَاعِهِ شَيْئًا ؟ فَقُلْتُمَا : لَا ، قَالَا : مَا كَانَ لَنَا بَيِّنَةٌ فَكَرِهْنَا أَنْ نُقَرِّبَهُ ، فَرَفَعُوهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : " فَإِنْ عُثِرَ ... " الْآيَةَ ، فَقَامَ
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيَّانِ ، فَحَلَفَا بِاللَّهِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَنَّهُمَا كَذَبَا وَخَانَا ، فَدَفَعَ الْإِنَاءَ إِلَيْهِمَا ، وَفِي رِوَايَةٍ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا إِنْ كَانَا وَارِثَيْنِ لِبُدَيْلٍ ، فَلَا نَسْخَ إِلَّا فِي وَصْفِ الْيَمِينِ ، فَإِنَّ الْوَارِثَ لَا يُحَلَّفُ عَلَى الْبَتَّاتِ ، وَإِلَّا فَهُوَ مَنْسُوخٌ .