إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون
إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا لما نهاهم الله عز وجل عن موالاة الكفرة ، وعلله بأن بعضهم أولياء بعض لا يتصور ولايتهم للمؤمنين ، وبين أن من يتولاهم يكون من جملتهم ، بين ههنا من هو وليهم بطريق قصر الولاية عليه ، كأنه قيل : لا تتخذوهم أولياء ; لأن بعضهم أولياء بعض ، وليسوا بأوليائكم ، إنما أولياؤكم الله ورسوله والمؤمنون ، فاختصوهم بالموالاة ولا تتخطوهم إلى غيرهم ، وإنما أفرد الولي مع تعدده للإيذان بأن الولاية أصالة لله تعالى ، وولايته عليه السلام ، وكذا ولاية المؤمنين بطريق التبعية لولايته عز وجل .
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة صفة " للذين آمنوا " لجريانه مجرى الاسم ، أو بدل منه ، أو نصب على المدح ، أو رفع عليه .
وهم راكعون حال مع فاعل الفعلين ; أي : يعملون ما ذكر من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، وهم خاشعون ومتواضعون لله تعالى . وقيل : هو حال مخصوصة بإيتاء الزكاة ، والركوع ركوع الصلاة ، والمراد : بيان كمال رغبتهم في الإحسان ومسارعتهم إليه . وروي أنها نزلت في رضي الله عنه حين سأله سائل وهو راكع ، فطرح إليه خاتمه ، كأنه كان مر جافى خنصره غير محتاج في إخراجه إلى كثير عمل يؤدي إلى فساد الصلاة . ولفظ الجمع حينئذ لترغيب الناس في مثل فعله رضي الله عنه ، وفيه دلالة على أن صدقة التطوع تسمى زكاة . [ ص: 53 ] علي