من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون
وقوله تعالى : من جاء بالحسنة فله خير منها بيان لما أشير إليه بإحاطة علمه تعالى بأفعالهم من ترتيب أجزيتها عليها ؛ أي : من جاء منكم ، أو من أولئك الذين أتوه تعالى بالحسنة فله من الجزاء ما هو خير منها ، إما باعتبار أنه أضعافها ، وإما باعتبار دوامه وانقضائها . وقيل : فله خير حاصل من جهتها وهو الجنة . وعن رضي الله عنهما : الحسنة كلمة الشهادة . ابن عباس
وهم أي : الذين جاءوا بالحسنات من فزع أي : عظيم هائل لا يقادر قدره وهو الفزع الحاصل من مشاهدة العذاب بعد تمام المحاسبة وظهور الحسنات والسيئات ، وهو الذي في قوله تعالى : لا يحزنهم الفزع الأكبر ... . وعن رحمه الله تعالى : حين يؤمر بالعبد إلى النار ، وقال الحسن : حين يذبح الموت ، وينادي المنادي : يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت . ابن جريج
يومئذ أي : يوم إذ ينفخ في الصور آمنون لا يعتريهم ذلك الفزع الهائل ولا يلحقهم ضرره أصلا ، وأما الفزع الذي يعتري كل من في السموات ومن في الأرض غير من استثناه الله تعالى فإنما هو التهيب والرعب الحاصل في ابتداء النفخة من معاينة فنون الدواهي والأهوال ، ولا يكاد يخلو منه أحد بحكم الجبلة وإن كان آمنا من لحوق الضرر والأمن يستعمل بالجار وبدونه كما في قوله تعالى : أفأمنوا مكر الله ... .وقرئ : "من فزع يومئذ" بالإضافة مع كسر الميم وفتحها أيضا ، والمراد : هو الفزع المذكور في القراءة الأولى لا جميع الأفزاع الحاصلة يومئذ ، ومدار الإضافة كونه أعظم الأفزاع وأكبرها كأن ما عداه ليس بفزع بالنسبة إليه .