إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم
وقوله تعالى : إني وجدت امرأة تملكهم استئناف ببيان ما جاء به من النبأ وتفصيل له إثر الإجمال ، وهي بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن ريان ، وكان أبوها ملك أرض اليمن كلها ورث الملك من أربعين أبا ولم يكن له ولد غيرها فغلبت بعده على الملك ودانت لها الأمة ، وكانت هي وقومها مجوسا يعبدون الشمس . وإيثار "وجدت" على "رأيت" لما أشير إليه من الإيذان بكونه عند غيبته بصدد خدمته عليه الصلاة والسلام بإبراز نفسه في معرض من يتفقد أحوالها ويتعرفها كأنها طلبته وضالته ليعرضها على سليمان عليه السلام ، وضمير "تملكهم" لسبأ على أنه اسم لحي ، أو لأهلها المدلول عليهم بذكر مدينتهم على أنه اسم لها . وأوتيت من كل شيء أي : من الأشياء التي يحتاج إليها الملوك .
ولها عرش عظيم قيل : كان ثلاثين ذراعا في ثلاثين عرضا وسمكا ، وقيل : ثمانين في ثمانين من ذهب وفضة مكللا بالجواهر ، وكانت قوامه من ياقوت أحمر وأخضر ودر وزمرد وعليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق ، واستعظام الهدهد لعرشها مع ما كان يشاهده من ملك سليمان عليه السلام إما بالنسبة إلى حالها ، أو إلى عروش أمثالها من الملوك وقد جوز أن يكون لسليمان عليه السلام مثله ، وأيا ما كان فوصفه بذلك بين يديه عليه الصلاة والسلام لما مر من ترغيبه عليه الصلاة والسلام في الإصغاء إلى حديثه وتوجيه عزيمته عليه الصلاة والسلام نحو تسخيرها .