لئلا يعلم ليعلم أهل الكتاب الذين لم يسلموا. ولا مزيدة. "ألا يقدرون" أن مخففة من الثقيلة، أصله: أنه لا يقدرون، يعني: أن الشأن لا يقدرون. على شيء من فضل الله أي: لا ينالون شيئا مما ذكر من فضله من الكفلين: والنور والمغفرة؛ لأنهم لم يؤمنوا برسول الله، فلم ينفعهم إيمانهم بمن قبله، ولم يكسبهم فضلا قط. وإن كان خطابا لغيرهم، فالمعنى: اتقوا الله واثبتوا على إيمانكم برسول الله يؤتكم ما وعد من آمن من أهل الكتاب من الكفلين في قوله: أولئك يؤتون أجرهم مرتين [القصص: 54]. ولا ينقصكم من مثل أجرهم، لأنكم مثلهم في الإيمانين لا تفرقون بين أحد من رسله. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث - رضي الله عنه - في سبعين راكبا إلى جعفرا يدعوه، فقدم النجاشي عليه فدعاه فاستجاب له، فقال ناس ممن آمن من أهل مملكته وهم أربعون رجلا: ائذن لنا في الوفادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن لهم فقدموا مع جعفر وقد تهيأ لوقعة جعفر أحد ، فلما رأوا ما بالمسلمين من خصاصة: استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجعوا وقدموا بأموال لهم فآسوا بها المسلمين، فأنزل الله: الذين آتيناهم الكتاب.... [البقرة: 121]. إلى قوله: ... ومما رزقناهم ينفقون [البقرة: 3]. فلما سمع من لم يؤمن من أهل الكتاب قوله: يؤتون أجرهم مرتين [القصص: 54]. فخروا على المسلمين وقالوا: أما من آمن بكتابكم وكتابنا فله أجره مرتين، وأما من لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجركم، فما فضلكم علينا؟ فنزلت . وروي أن مؤمني أهل الكتاب افتخروا على غيرهم من المؤمنين بأنهم يؤتون أجرهم مرتين، وادعوا الفضل عليهم، فنزلت. وقرئ: "لكي يعلم" و "لكيلا يعلم". و "ليعلم". و "لأن يعلم"; بإدغام النون في الياء. و "لين يعلم: بقلب الهمزة ياء وإدغام النون في الياء. وعن : "ليلا يعلم"، بفتح اللام وسكون الياء. ورواه الحسن قطرب بكسر اللام. وقيل: في وجهها: حذفت همزة أن، وأدغمت نونها في لام لا; فصار "للا" ثم أبدلت من اللام المدغمة ياء، كقولهم: ديوان، وقيراط. ومن فتح اللام فعلى أن أصل لام الجر الفتح، كما أنشد: [من الطويل]:
أريد لأنسى ذكرها ..........................
[ ص: 55 ] وقرئ: "أن لا يقدروا" "بيد الله" في ملكه وتصرفه. واليد مثل: يؤتيه من يشاء ولا يشاء إلا إيتاء من يستحقه. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ سورة الحديد كتب من الذين آمنوا بالله ورسله ".