فويل يومئذ للمكذبين الذين هم في خوض يلعبون يوم يدعون إلى نار جهنم [ ص: 625 ] دعا هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون
غلب الخوض في الاندفاع في الباطل والكذب. ومنه قوله تعالى: وكنا نخوض مع الخائضين [المدثر: 45]، وخضتم كالذي خاضوا [التوبة: 69] الدع: الدفع العنيف، وذلك أن خزنة النار يغلون أيديهم إلى أعناقهم، ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم، ويدفعونهم إلى النار دفعا على وجوههم وزخا في أقفيتهم. وقرأ : (يدعون) من الدعاء أي يقال لهم: هلموا إلى النار، وادخلوا النار "دعا" مدعوعين، يقال لهم: هذه النار زيد بن علي أفسحر هذا يعني كنتم تقولون للوحي هذا سحر، أفسحر هذا؟ يريد: أهذا المصدق أيضا سحر؟ ودخلت الفاء لهذا المعنى أم أنتم لا تبصرون كما كنتم لا تبصرون في الدنيا، يعني: أم أنتم عمي عن المخبر عنه كما كنتم عميا عن الخبر، وهذا تقريع وتهكم "سواء" خبر محذوف، أي: سواء عليكم الأمران: الصبر وعدمه، فإن قلت: لم علل استواء الصبر وعدمه بقوله: إنما تجزون ما كنتم تعملون ؟ قلت: لأن الصبر إنما يكون له مزية على الجزع، لنفعه في العاقبة بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير، فأما الصبر على العذاب الذي هو الجزاء ولا عاقبة له ولا منفعة، فلا مزية له على الجزع.