فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب
فوقاه الله سيئات ما مكروا شدائد مكرهم وما هموا به من إلحاق أنواع العذاب بمن خالفهم. وقيل: نجا مع موسى، وحاق بآل فرعون ما هموا به من تعذيب المسلمين، ورجع عليهم كيدهم. "النار" بدل من سوء العذاب. أو خبر مبتدأ محذوف، كأن قائلا قال: ما سوى العذاب؟ فقيل: هو النار. أو مبتدأ خبره يعرضون عليها وفى هذا الوجه تعظيم للنار وتهويل من عذابها، وعرضهم عليها: إحراقهم بها. يقال: عرض الإمام الأسارى على السيف إذا قتلهم به، وقرئ: (النار) بالنصب، وهي تعضد الوجه الأخير. وتقديره: يدخلون النار يعرضون عليها، ويجوز أن ينتصب على الاختصاص. غدوا وعشيا في هذين الوقتين يعذبون بالنار، وفى ما بين ذلك الله أعلم بحالهم، فإما أن يعذبوا بجنس آخر من العذاب، أو ينفس عنهم. ويجوز أن يكون غدوا وعشيا : عبارة عن الدوام، هذا ما دامت الدنيا، فإذا قامت الساعة قيل لهم: "ادخلوا" يا آل فرعون أشد عذاب جهنم. وقرئ: (أدخلوا آل فرعون) أي: يقال لخزنة جهنم: أدخلوهم. فإن قلت: قوله: وحاق بآل فرعون سوء العذاب معناه: أنه رجع عليهم ما هموا به من المكر بالمسلمين، كقول العرب: من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا، فإذا فسر سوء العذاب بنار جهنم؛ لم يكن مكرهم راجعا عليهم; لأنهم لا يعذبون بجهنم. قلت: يجوز أن يهم الإنسان بأن يغرق قوما فيحرق بالنار، ويسمى ذلك حيقا; لأنه هم بسوء فأصابه ما يقع عليه اسم السوء. ولا يشترط في الحيق أن يكون الحائق ذلك السوء بعينه، ويجوز أن يهم فرعون -لما سمع إنذار المسلمين بالنار، وقول المؤمن: وأن المسرفين هم أصحاب النار [غافر: 43]- فيفعل نحو ما فعل نمرود ويعذبهم بالنار، فحاق به مثل ما أضمره بفعله. ويستدل بهذه الآية على إثبات عذاب القبر.