فأقبلوا إليه يزفون
"يزفون " يسرعون ، من زفيف النعام . ويزفون : من أزف ، إذا دخل في الزفيف . أو من أزفه ، إذا حمله على الزفيف ، أي : يزف بعضهم بعضا . ويزفون ، على البناء للمفعول ، أي : يحملون على الزفيف . ويزفون ، من وزف يزف إذا أسرع . ويزفون : من زفاه إذا حداه ، كأن بعضهم يزفو بعضا لتسارعهم إليه ، فإن قلت : بين هذا وبين قوله تعالى : [ ص: 218 ] قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم [الأنبياء : 59 - 60 ] كالتناقض حيث ذكر ها هنا أنهم أدبروا عنه خيفة العدوى ، فلما أبصروه يكسرهم أقبلوا إليه متبادرين ليكفوه ويوقعوا به ، وذكر ثم أنهم سألوا عن الكاسر ، حتى قيل لهم : سمعنا إبراهيم يذمهم ، فلعله هو الكاسر ; ففى أحدهما أنهم شاهدوه يكسرها ، وفى الآخر : أنهم استدلوا بذمه على أنه الكاسر . قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يكون الذين أبصروه وزفوا إليه نفرا منهم دون جمهورهم وكبرائهم ، فلما رجع الجمهور والعلية من عيدهم إلى بيت الأصنام ليأكلوا الطعام الذي وضعوه عندها لتبرك عليه ورأوها مكسورة اشمأزوا من ذلك ، وسألوا : من فعل هذا بها ؟ ثم لم ينم عليه أولئك النفر نميمة صريحة ، ولكن على سبيل التورية والتعريض بقولهم سمعنا فتى يذكرهم لبعض الصوارف . والثاني : أن يكسرها ويذهب ولا يشعر بذلك أحد ، ويكون إقبالهم إليه يزفون بعد رجوعهم من عيدهم وسؤالهم عن الكاسر . وقولهم : قالوا فأتوا به على أعين الناس [الأنبياء : 61 ] .