[ ص: 164 ] سورة يس
مكية ، [إلا آية 45 فمدنية ] وآياتها 83
نزلت بعد سورة الجن
بسم الله الرحمن الرحيم
يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون
قرئ : (يس ) بالفتح ، كأين وكيف ، أو بالنصب على : اتل يس ، وبالكسر على الأصل كجير ، وبالرفع على هذه يس ، أو بالضم كحيث ، وفخمت الألف وأميلت . وعن رضي الله عنهما : معناه يا إنسان في لغة طيء ، والله أعلم بصحته ، وإن صح فوجهه أن يكون أصله يا أنيسين ، فكثر النداء به على ألسنتهم حتى اقتصروا على شطره ، كما قالوا في القسم : م الله في أيمن الله "الحكيم " ذي الحكمة ، أو لأنه دليل ناطق بالحكمة كالحي ، أو لأنه كلام حكيم فوصف بصفة المتكلم به ابن عباس على صراط مستقيم خبر بعد خبر ، أو صلة للمرسلين . فإن قلت : أي حاجة إليه خبرا كان أو صلة ، وقد علم أن المرسلين لا يكونون إلا على صراط مستقيم ؟ قلت : ليس الغرض بذكره ما ذهبت إليه من تمييز من أرسل على صراط مستقيم عن غيره ممن ليس على [ ص: 165 ] صفته ، وإنما الغرض وصفه ووصف ما جاء به من الشريعة ، فجمع بين الوصفين في نظام واحد ، كأنه قال : إنك لمن المرسلين الثابتين على طريق ثابت ، وأيضا فإن التنكير فيه دل على أنه أرسل من بين الصرط المستقيمة لا يكتنه وصفه ، وقرئ : تنزيل العزيز الرحيم بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، وبالنصب على أعني ، وبالجر على البدل من القرآن قوما ما أنذر آباؤهم قوما غير منذر آباؤهم على الوصف ، ونحوه قوله تعالى : لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك [القصص : 46 ] ، وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير [سبأ : 44 ] ، وقد فسر ما أنذر آباؤهم على إثبات الإنذار . ووجه ذلك أن تجعل "ما " مصدرية ، لتنذر قوما إنذار آبائهم ، أو موصولة ومنصوبة على المفعول الثاني لتنذر قوما ما أنذره آباؤهم من العذاب ، كقوله تعالى : إنا أنذرناكم عذابا قريبا [النبأ : 40 ] . فإن قلت : أي فرق بين تعلقي قوله : فهم غافلون على التفسيرين ؟ قلت : هو على الأول متعلق بالنفى ، أي : لم ينذروا فهم غافلون ، على أن عدم إنذارهم هو سبب غفلتهم ، وعلى الثاني بقوله : إنك لمن المرسلين لتنذر ، كما تقول : أرسلتك إلى فلان لتنذره ، فإنه غافل ، أو فهو غافل . فإن قلت : كيف يكونون منذرين غير منذرين لمناقضة هذا ما في الآي الأخر ؟ قلت : لا مناقضة ; لأن الآي في نفى إنذارهم لا في نفى إنذار آبائهم ، وآباؤهم القدماء من ولد إسماعيل وكانت النذارة فيهم . فإن قلت : ففى [ ص: 166 ] أحد التفسيرين أن آباءهم لم ينذروا وهو الظاهر ، فما تصنع به ؟ قلت : أريد آباؤهم الأدنون دون الأباعد "القول " قوله تعالى : لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين [السجدة : 13 ] يعني تعلق بهم هذا القول ، وثبت عليهم ووجب ; لأنهم ممن علم أنهم يموتون على الكفر .