أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير
أو كالذي مر على قرية اختلفوا في الذي مر على قرية على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه عزيز ، قاله والثاني: أنه قتادة. إرمياء ، وهو قول والثالث: أنه وهب. الخضر ، وهو قول ، واختلفوا في القرية على قولين: أحدهما: هي ابن إسحاق بيت المقدس لما خربه بختنصر ، وهذا قول وهب . وقتادة والثاني: أنها التي خرج منها الألوف حذر الموت ، قاله والربيع بن أنس. . ابن زيد وهي خاوية على عروشها في الخاوية قولان: أحدهما: الخراب ، وهو قول ، ابن عباس ، والربيع والثاني: الخالية. وأصل الخواء الخلو ، يقال: خوت الدار إذا خلت من أهلها ، والخواء الجوع لخلو البطن من الغذاء والضحاك. على عروشها : على أبنيتها ، والعرش: البناء. قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فيه وجهان: أحدهما: يعمرها بعد خرابها. والثاني: يعيد أهلها بعد هلاكهم. [ ص: 332 ]
فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت أي مكث. قال لبثت يوما أو بعض يوم لأن الله تعالى أماته في أول النهار ، وأحياه بعد مائة عام آخر النهار ، فقال: يوما ، ثم التفت فرأى بقية الشمس فقال: أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه فيه تأويلان: أحدهما: معناه لم يتغير ، من الماء الآسن وهو غير المتغير ، قال والفرق بين الآسن والآجن أن الآجن المتغير الذي يمكن شربه والآسن المتغير الذي لا يمكن شربه. والثاني: معناه لم تأت عليه السنون فيصير متغيرا ، قاله ابن زيد: قيل: إن طعامه كان عصيرا وتينا وعنبا ، فوجد العصير حلوا ، ووجد التين والعنب طريا جنيا. فإن قيل: فكيف علم أنه مات مائة عام ولم يتغير فيها طعامه؟ قيل: إنه رجع إلى حاله فعلم بالآثار والأخبار ، وأنه شاهد أولاد أولاده شيوخا ، وكان قد خلف آباءهم مردا أنه مات مائة عام. وروي عن أبو عبيد. كرم الله وجهه: أن علي بن أبي طالب عزيرا خرج من أهله وخلف امرأته حاملا وله خمسون سنة ، فأماته الله مائة عام ، ثم بعثه فرجع إلى أهله ، وهو ابن خمسين سنة ، وله ولد هو ابن مائة سنة ، فكان ابنه أكبر منه بخمسين سنة ، وهو الذي جعله الله آية للناس. وفي قوله تعالى: وانظر إلى العظام كيف ننشزها قراءتان: إحداهما: ننشرها بالراء المهملة ، قرأ بذلك ابن كثير ونافع ، ومعناه نحييها. والنشور: الحياة بعد الموت ، مأخوذ من نشر الثوب ، لأن الميت [ ص: 333 ] وأبو عمرو
كالمطوي ، لأنه مقبوض عن التصرف بالموت ، فإذا حيي وانبسط بالتصرف قيل: نشر وأنشر. والقراءة الثانية: قرأ بها الباقون (ننشزها) بالزاي المعجمة ، يعني نرفع بعضها إلى بعض ، وأصل النشوز الارتفاع ، ومنه النشز اسم للموضع المرتفع من الأرض ، ومنه نشوز المرأة لارتفاعها عن طاعة الزوج. وقيل: إن الله أحيا عينيه وأعاد بصره قبل إحياء جسده ، فكان يرى اجتماع عظامه واكتساءها لحما ، ورأى كيف أحيا الله حماره وجمع عظامه. واختلفوا في القائل له: كم لبثت على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه ملك. والثاني: نبي. والثالث: أنه بعض المؤمنين المعمرين ممن شاهده عند موته وإحيائه.