مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود أي مثل جزاء دأبهم أي عادتهم الدائمة من الكفر وإيذاء الرسل ، وقدر المضاف لأن المخوف في الحقيقة جزاء العمل لا هو ، وجاء هذا من نصب ( مثل ) الثاني على أنه عطف بيان لمثل الأول لأن آخر ما تناولته الإضافة قوم نوح ، ولو قلت : أهلك الله الأحزاب قوم نوح وعاد وثمود لم يكن إلا عطف بيان لإضافة قوم إلى أعلام فسرى ذلك الحكم إلى أول ما تناولته الإضافة .
وقال : هو بدل من ( مثل ) الأول ، والاحتياج إلى تقدير المضاف على حاله ابن عطية والذين من بعدهم كقوم لوط وما الله يريد ظلما للعباد أي فما فعل سبحانه بهؤلاء الأحزاب لم يكن ظلما بل كان عدلا وقسطا لأنه عز وجل أرسل إليهم رسلهم بالبينات فكذبوهم وتحزبوا عليهم فاقتضى ذلك إهلاكهم ، وهذا أبلغ من قوله تعالى : وما ربك بظلام للعبيد [فصلت : 46] من حيث جعل المنفي فيه إرادة الظلم لأن من كان عن إرادة [ ص: 67 ] الظلم بعيدا كان عن الظلم نفسه أبعد ، وحيث نكر الظلم كأنه نفى أن يريد ظلما ما لعباده ، ويجوز أن يكون معناه كمعنى قوله تعالى : الزمخشري ولا يرضى لعباده الكفر [الزمر : 7] أي لا يريد سبحانه لهم أن يظلموا يعني أنه عز وجل دمرهم لأنهم كانوا ظالمين ، ولا يخفى أن هذا المعنى مرجوح لفظا ومعنى ، ثم لا حجة فيه للمعتزلة لثبوت الفرق بين أراده منه وأراده له فلو سلم أنه سبحانه لا يريد لهم أن يظلموا لم يلزم أن لا يريده منهم والممتنع عند أهل السنة هو هذا فلا احتياج إلى صرف الآية عن الظاهر عندهم أيضا .