أجد الملامة في هواك لذيذة حبا لذكرك فليلمني اللوم
أو من باب الامتثال ويدعي أنهم مكلفون ، ولا يسلم أنهم خارجون عن خطة التكليف أو يخرجون عنها يوم القيامة ، نعم لا يرون ذلك كلفة وإن أمروا به .
وفي حديث طويل جدا أخرجه عبد بن حميد وعلي بن سعيد في كتاب الطاعة والعصيان . وأبو يعلى وأبو الحسن القطان في المطولات . في العظمة . وأبو الشيخ في البعث والنشور عن والبيهقي أبي هريرة «فبينما نحن وقوف - أي في المحشر - إذ سمعنا حسا من السماء شديدا فينزل أهل سماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ثم تنزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف إلى السماوات السبع ثم ينزل الجبار في ظلل من الغمام والملائكة تحمل عرشه يومئذ ثمانية وهم اليوم أربعة أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والأرضون والسماوات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم لهم زجل بالتسبيح فيقولون : سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت سبحان الحي الذي لا يموت سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض ثم يهتف سبحانه بصوته فيقول عز وجل : «يا معشر الجن والإنس إني قد أنصت لكم منذ يوم خلقتكم إلى يومكم هذا أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فانصتوا إلي فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم فمن وجد خيرا فليحمد الله تعالى ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه » الحديث .
[ ص: 37 ] وقضي بينهم بالحق أي بين العباد كلهم بإدخال بعضهم الجنة وبعضهم النار فإن القضاء المعروف يكون بينهم ، ولوضوح ذلك لا يضر كون الضمير لغير الملائكة مع أن ضمير ( يسبحون ) لهم إذ التفكيك لا يمتنع مطلقا كما توهم ، وقيل : ضمير ( بينهم ) للملائكة واستظهره ، وثوابهم وإن كانوا كلهم معصومين يكون على حسب تفاضل أعمالهم فيختلف تفاضل مراتبهم فإقامة كل في منزلته حسب عمله هو القضاء بينهم بالحق . أبو حيان
وقيل الحمد لله رب العالمين أي على ما قضى بيننا بالحق ، والقائل قيل : هم المؤمنون المقضي لهم لا ما يعمهم والمقضي عليهم ، وحمدهم الأول على إنجاز وعده سبحانه وإيراثهم الأرض يتبوؤون من الجنة ما شاءوا ، وحمدهم هذا على القضاء بالحق بينهم فلا تكرار .
وقال الطيبي : إن الأول للتفصلة بين الفريقين بحسب الوعد والوعيد والسخط والرضوان ، والثاني للتفرقة بينهما بحسب الأبدان ففريق في الجنة وفريق في السعير والأول أحسن ، وقيل : هم الملائكة يحمدونه تعالى على قضائه سبحانه بينهم بالحق وإنزال كل منهم منزلته ، وعليه ليس في الحمدين شائبة تكرار لتغاير الحامدين .
وقيل : ( قيل ) دون قالوا لتعينهم وتعظيمهم ، وجوز كون القائل جميع العباد منعمهم ومعذبهم وكأنه أريد أن الحمد من عموم الخلق المقضي بينهم هنا إشارة إلى التمام وفصل الخصام كما يقوله المنصرفون من مجلس حكومة ونحوها ، فيحمده المؤمنون لظهور حقهم وغيرهم لعدله واستراحتهم من انتظار الفصل ، ففي بعض الآثار أنه يطول الوقوف في المحشر على العباد حتى إن أحدهم ليقول : رب أرحني ولو إلى النار ، وقيل : إنهم يحمدونه إظهارا للرضا والتسليم .
وقال : هذا الحمد ختم للأمر يقال عند انتهاء فصل القضاء أي إن هذا الحاكم العدل ينبغي أن يحمد عند نفوذ حكمه وإكمال قضائه ، ومن هذه الآية جعلت ( الحمد لله رب العالمين ) خاتمة المجالس في العلم ، هذا والحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على رسوله ابن عطية محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين .