وأن أتلو القرآن أي أواظب على قراءته على الناس بطريق تكرير الدعوة وتثنيته الإرشاد لكفايته في الهداية إلى طريق الرشاد، وقيل أي أواظب على قراءته لينكشف لي حقائقه الرائقة المخزونة في تضاعيفه شيئا فشيئا فإن المواظبة على قراءته من أسباب فتح باب الفيوضات الإلهية والأسرار القدسية، وقد حكي إن تعذبهم فإنهم عبادك فما زال يكررها ويظهر له من أسرارها ما يظهر حتى طلع الفجر. أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قام ليلة يصلي فقرأ قوله تعالى:
وقيل: أتلو من تلاه إذا تبعه، أي وأن أتبع القرآن، وهو خلاف الظاهر، ويؤيد ما ذكرناه أولا من المعنى ما في حرف كما أخرجه أبي أبو عبيد عن وابن المنذر هارون واتل عليهم القرآن وحكى عنه في البحر أنه قرأ واتل هذا القرآن، ولا تأييد فيه لما ذكرنا. وقرأ عبد الله وأن اتل بغير واو أمرا من تلا فجاز أن تكون أن مصدرية وصلت بالأمر، وجاز أن تكون مفسرة على إضمار أمرت فمن اهتدى أي بالإيمان بالقرآن والعمل بما فيه من الشرائع والأحكام، وقيل: أي بالاتباع فيما [ ص: 40 ] ذكر من العبادة والإسلام، وتلاوة القرآن أو اتباعه فإنما يهتدي لنفسه أي فإنما منافع اهتدائه تعود إليه ومن ضل بالكفر به والإعراض عنه، وقيل بالمخالفة فيما ذكر فقل أي له. إنما أنا من المنذرين وقد خرجت عن عهدة الإنذار فليس علي من وبال ضلالك شيء وإنما هو عليك فقط ويعلم مما ذكرنا أن جواب الشرط جملة القول وما في حيزه والرابط المشترط في مثله محذوف وقدره بعضهم بعد المنذرين أي من المنذرين إياه، وجوز كون الجواب محذوفا أي من ضل فوبال ضلاله مختص به وحذف ذلك لدلالة جواب مقابله عليه، وجوز بعضهم كون الجملة بعد هي الجواب ولكونها كناية تعريضية عما قدره أبو حيان لم تحتج إلى رابط ثم إن ظاهر التصريح بقل هنا يقتضي أن يكون فمن اهتدى إلخ من كلامه عز وجل عقب به أمره صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يقول لهم ما قبله، ولا بعد في كونه من مقول القول المقدر قبل قوله تعالى: أبو حيان إنما أمرت كما