وقوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=30531_30539_30558_34131_34273_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19فقد كذبوكم حكاية لاحتجاجه تعالى على العبدة بطريق تلوين الخطاب وصرفه عن المعبودين عند تمام جوابهم وتوجهه إلى العبدة مبالغة في تقريعهم وتبكيتهم على تقدير قول مرتب على الجواب أي فقال الله تعالى عند ذلك: قد كذبكم المعبودون أيها الكفرة، وقال بعض الأجلة الفاء فصيحة مثلها في قول
عباس بن الأحنف :
قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا ثم القفول فقد جئنا خراسانا
والتقدير هنا قلنا أو قال تعالى إن قلتم إنهم آلهة فقد كذبوكم
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19بما تقولون أي في قولكم على أن الباء بمعنى في وما مصدرية والجار والمجرور متعلق بالفعل والقول بمعنى المقول، ويجوز أن تكون ما موصولة والعائد محذوف أي في الذي تقولونه، وجوز أن تكون الباء صلة والمجرور بدل اشتمال من الضمير المنصوب في كذبوكم، والمراد بمقولهم أنهم آلهة أو هؤلاء أضلونا، وتعقب بأن تكذيبهم في هذا القول لا تعلق له بما بعده من عدم استطاعتهم للصرف والنصر أصلا وإنما الذي يستتبعه تكذيبهم في زعمهم أنهم آلهتهم وناصروهم وفيه نظر كما سنشير إليه قريبا إن شاء الله تعالى، وقيل: الخطاب للمعبودين أي فقد كذبكم العابدون أيها المعبودون في قولكم سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء حيث زعموا أنكم آلهة، والمراد الحكم على أولئك المكذبين بالكفر على وجه فيه استزادة غيظ المعبودين عليهم وجعله مفرعا عليه ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
والفاء أيضا فصيحة، والجملة جزاء باعتبار الأخبار، وقيل: هو خطاب للمؤمنين في الدنيا فقد كذبكم أيها المؤمنون الكفرة في الدنيا فيما تقولونه من التوحيد وجيء بالكلام ليفرع عليه ما بعد وكلا القولين كما ترى والثاني أبعدهما، وقرأ
أبو حيوة «يقولون» بالياء آخر الحروف وهي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير وقنبل الخطاب في
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19كذبوكم للعابدين وضمير الجمع فيه وفي «يقولون» للمعبودين أي فقد كذبكم أيها العبدة المعبودون بزعمكم بقولهم سبحانك إلخ والباء للملابسة أو الاستعانة، وفيه أيضا القولان السابقان أي فقد كذبكم أيها المعبودون العبدة بقولهم إنكم آلهة أو فقد كذبكم أيها المؤمنون الكفار في التوحيد بقولهم: إن هؤلاء المحكي عنهم آلهة
[ ص: 253 ] nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19فما تستطيعون أي فما تملكون أيها العبدة
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19صرفا أي دفعا للعذاب عن أنفسكم بوجه من الوجوه كما يعرب عنه التنكير أي لا بالذات ولا بالواسطة، وقيل: حيلة من قولهم: إنه ليصرف في أموره أي يحتال فيها، وقيل: توبة، وقيل: فدية والأول أظهر فإن أصل الصرف رد الشيء من حالة إلى أخرى وإطلاقه على الحيلة أو التوبة أو الفدية مجاز، والمراد فما تملكون دفعا للعذاب قبل حلوله
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19ولا نصرا أي فردا من أفراد النصر أي العون لا من جهة أنفسكم ومن جهة غيركم بعد حلوله، وقيل: نصرا جمع ناصر كصحب جمع صاحب وليس بشيء، والفاء لترتيب عدم الاستطاعة على ما قبلها من التكذيب لكن لا على معنى أنه لولاه لوجدت الاستطاعة حقيقة بل في زعمهم حيث كانوا يزعمون أنهم يدفعون عنهم العذاب وينصرونهم وفيه ضرب تهكم بهم، والمراد من التكذيب المرتب عليه ما ذكر تكذيبهم بقولهم إنهم آلهة، ويجوز أن يراد به تكذيبهم بقولهم: هؤلاء أضلونا وهو متضمن نفي كونهم آلهة وبذلك يتم أمر الترتيب.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه وأكثر السبعة «يستطيعون» بالياء التحتية
أي فما يستطيع آلهتكم دفعا للعذاب عنكم، وقيل حيلة لدفعه، وقيل فدية عنكم ولا نصرا لكم، وقيل في معنى الآية على تقدير كون الخطاب السابق للمؤمنين إنه سبحانه أراد أن هؤلاء الكفرة شديد والشكيمة في التكذيب الموجب للتعذيب فما تستطيعون أنتم صرفهم عنه ولا نصرا لكم فيما يصيبهم مما يستوجبه من العذاب هذا على قراءة
حفص «تستطيعون» بالتاء الفوقية وأما على قراءة الجماعة «يستطيعون» بالياء فالمعنى ما يستطيعون صرفا لأنفسهم عما هم عليه ولا نصرا لها فيما استوجبوه بتكذيبهم من العذاب أو فما يستطيعون صرفكم عن الحق الذي أنتم عليه ولا نصرا لأنفسهم من العذاب انتهى وهو كما ترى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19ومن يظلم أي يكفر
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19منكم أيها المكلفون ويعبد من دون الله تعالى إلها آخر كهؤلاء الكفرة
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19نذقه في الآخرة
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19عذابا كبيرا لا يقادر قدره وهو عذاب النار، وقرئ «يذقه» على أن الضمير لله عز وجل، وقيل:
لمصدر يظلم أي يذقه الظلم والإسناد مجازي، وتفسير الظلم بالكفر هو المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج وأيد بأن المقام يقتضيه فإن الكلام في الكفر ووعيده من مفتتح السورة، وجوز أن يراد به ما يعم الشرك وسائر المعاصي والوعيد بالعذاب لا ينافي العفو بالنسبة إلى غير المشرك لما حقق في موضعه. واختار
الطيبي التفسير الأول وجعل الخطاب للكفار أيضا لأن الكلام فيهم من أول وقد سبق
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19فقد كذبوكم وهذه الآية لما يجري عليهم من الأهوال والنكال من لدن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=12إذا رأتهم من مكان بعيد [الفرقان: 12] ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19ومن يظلم حينئذ ومن يدم على الظلم، وفي الكشف الوجه أن الخطاب عام والظلم الكفر
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19ومن يظلم مظهر أقيم مقام المضمر تنبيها على توغلهم في الكفر وتجاوزهم حد الإنصاف والعدل إلى محض الاعتساف والجدل فيما رموا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الأصل فلا يستطيعون صرفا ولا نصرا ونذيقهم عذابا كبيرا أو نذيقكم على اختلاف القراءتين والحمل على من يدم على الظلم منكم ليختص الخطاب بالكفار صحيح أيضا ولكن تفوته النكتة التي ذكرناها انتهى. ولا يخفى أن كونه من إقامة المظهر مقام المضمر خلاف الظاهر فتأمل.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=30531_30539_30558_34131_34273_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ حِكَايَةٌ لِاحْتِجَاجِهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبَدَةِ بِطَرِيقِ تَلْوِينِ الْخِطَابِ وَصَرْفِهِ عَنِ الْمَعْبُودِينَ عِنْدَ تَمَامِ جَوَابِهِمْ وَتَوَجُّهِهِ إِلَى الْعَبَدَةِ مُبَالَغَةً فِي تَقْرِيعِهِمْ وَتَبْكِيتِهِمْ عَلَى تَقْدِيرِ قَوْلٍ مُرَتَّبٍ عَلَى الْجَوَابِ أَيْ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذَلِكَ: قَدْ كَذَّبَكُمُ الْمَعْبُودُونَ أَيُّهَا الْكَفَرَةُ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَجِلَّةِ الْفَاءُ فَصِيحَةٌ مِثْلُهَا فِي قَوْلِ
عَبَّاسِ بْنِ الْأَحْنَفِ :
قَالُوا خُرَاسَانَ أَقْصَى مَا يُرَادُ بِنَا ثُمَّ الْقُفُولُ فَقَدْ جِئْنَا خُرَاسَانَا
وَالتَّقْدِيرُ هُنَا قُلْنَا أَوْ قَالَ تَعَالَى إِنْ قُلْتُمْ إِنَّهُمْ آلِهَةٌ فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19بِمَا تَقُولُونَ أَيْ فِي قَوْلِكُمْ عَلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْلُ بِمَعْنَى الْمَقُولِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا مَوْصُولَةً وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ فِي الَّذِي تَقُولُونَهُ، وَجَوَّزَ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ صِلَةً وَالْمَجْرُورُ بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي كَذَّبُوكُمْ، وَالْمُرَادُ بِمِقْوَلِهِمْ أَنَّهُمْ آلِهَةٌ أَوْ هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا، وَتَعَقَّبَ بِأَنَّ تَكْذِيبَهُمْ فِي هَذَا الْقَوْلِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ عَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِمْ لِلصَّرْفِ وَالنَّصْرِ أَصْلًا وَإِنَّمَا الَّذِي يَسْتَتْبِعُهُ تَكْذِيبُهُمْ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ آلِهَتُهُمْ وَنَاصِرُوهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا سَنُشِيرُ إِلَيْهِ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِلْمَعْبُودِينَ أَيْ فَقَدْ كَذَّبَكُمُ الْعَابِدُونَ أَيُّهَا الْمَعْبُودُونَ فِي قَوْلِكُمْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءٍ حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّكُمْ آلِهَةً، وَالْمُرَادُ الْحُكْمُ عَلَى أُولَئِكَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْكُفْرِ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ اسْتِزَادَةُ غَيْظِ الْمَعْبُودِينَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَهُ مُفَرَّعًا عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالْفَاءُ أَيْضًا فَصِيحَةٌ، وَالْجُمْلَةُ جَزَاءٌ بِاعْتِبَارِ الْأَخْبَارِ، وَقِيلَ: هُوَ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا فَقَدْ كَذَّبَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْكَفَرَةُ فِي الدُّنْيَا فِيمَا تَقُولُونَهُ مِنَ التَّوْحِيدِ وَجِيءَ بِالْكَلَامِ لِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ مَا بَعْدُ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَرَى وَالثَّانِي أَبْعَدُهُمَا، وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ «يَقُولُونَ» بِالْيَاءِ آخِرَ الْحُرُوفِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنِ كَثِيرٍ وَقَنْبَلِ الْخِطَابِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19كَذَّبُوكُمْ لِلْعَابِدِينَ وَضَمِيرُ الْجَمْعِ فِيهِ وَفِي «يَقُولُونَ» لِلْمَعْبُودِينَ أَيْ فَقَدْ كَذَّبَكُمْ أَيُّهَا الْعَبَدَةُ الْمَعْبُودُونَ بِزَعْمِكُمْ بِقَوْلِهِمْ سُبْحَانَكَ إِلَخْ وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَوِ الِاسْتِعَانَةِ، وَفِيهِ أَيْضًا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ أَيْ فَقَدْ كَذَّبَكُمْ أَيُّهَا الْمَعْبُودُونَ الْعَبَدَةُ بِقَوْلِهِمْ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ أَوْ فَقَدْ كَذَّبَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْكُفَّارُ فِي التَّوْحِيدِ بِقَوْلِهِمْ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمَحْكِيَّ عَنْهُمْ آلِهَةٌ
[ ص: 253 ] nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19فَمَا تَسْتَطِيعُونَ أَيْ فَمَا تَمْلِكُونَ أَيُّهَا الْعَبَدَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19صَرْفًا أَيْ دَفْعًا لِلْعَذَابِ عَنْ أَنْفُسِكُمْ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ كَمَا يُعْرِبُ عَنْهُ التَّنْكِيرُ أَيْ لَا بِالذَّاتِ وَلَا بِالْوَاسِطَةِ، وَقِيلَ: حِيلَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّهُ لِيَصْرِفَ فِي أُمُورِهِ أَيْ يَحْتَالُ فِيهَا، وَقِيلَ: تَوْبَةٌ، وَقِيلَ: فِدْيَةٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَإِنَّ أَصْلَ الصَّرْفِ رَدُّ الشَّيْءِ مِنْ حَالَةٍ إِلَى أُخْرَى وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْحِيلَةِ أَوِ التَّوْبَةِ أَوِ الْفِدْيَةِ مَجَازٌ، وَالْمُرَادُ فَمَا تَمْلِكُونَ دَفْعًا لِلْعَذَابِ قَبْلَ حُلُولِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19وَلا نَصْرًا أَيْ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ النَّصْرِ أَيِ الْعَوْنِ لَا مِنْ جِهَةِ أَنْفُسِكُمْ وَمِنْ جِهَةِ غَيْرِكُمْ بَعْدَ حُلُولِهِ، وَقِيلَ: نَصْرًا جَمْعُ نَاصِرٍ كَصَحْبٍ جَمْعُ صَاحِبٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالْفَاءُ لِتَرْتِيبِ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَى مَا قَبْلِهَا مِنَ التَّكْذِيبِ لَكِنْ لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْلَاهُ لَوَجَدَتِ الِاسْتِطَاعَةُ حَقِيقَةً بَلْ فِي زَعْمِهِمْ حَيْثُ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ وَيَنْصُرُونَهُمْ وَفِيهِ ضَرْبُ تَهَكُّمٍ بِهِمْ، وَالْمُرَادُ مِنَ التَّكْذِيبِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ تَكْذِيبَهُمْ بِقَوْلِهِمْ إِنَّهُمْ آلِهَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ تَكْذِيبُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ نَفْيِ كَوْنِهِمْ آلِهَةً وَبِذَلِكَ يَتِمُّ أَمْرُ التَّرْتِيبِ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ وَأَكْثَرُ السَّبْعَةِ «يَسْتَطِيعُونَ» بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ
أَيْ فَمَا يَسْتَطِيعُ آلِهَتُكُمْ دَفْعًا لِلْعَذَابِ عَنْكُمْ، وَقِيلَ حِيلَةٌ لِدَفْعِهِ، وَقِيلَ فِدْيَةٌ عَنْكُمْ وَلَا نَصْرًا لَكُمْ، وَقِيلَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْخِطَابِ السَّابِقِ لِلْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةَ شَدِيدٌ وَالشَّكِيمَةُ فِي التَّكْذِيبِ الْمُوجِبِ لِلتَّعْذِيبِ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْتُمْ صَرْفَهُمْ عَنْهُ وَلَا نَصْرًا لَكُمْ فِيمَا يُصِيبُهُمْ مِمَّا يَسْتَوْجِبُهُ مِنَ الْعَذَابِ هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ
حَفْصٍ «تَسْتَطِيعُونَ» بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ «يَسْتَطِيعُونَ» بِالْيَاءِ فَالْمَعْنَى مَا يَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا لِأَنْفُسِهِمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ وَلَا نَصْرًا لَهَا فِيمَا اسْتَوْجَبُوهُ بِتَكْذِيبِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ أَوْ فَمَا يَسْتَطِيعُونَ صَرْفَكُمْ عَنِ الْحَقِّ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَلَا نَصْرًا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ انْتَهَى وَهُوَ كَمَا تَرَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19وَمَنْ يَظْلِمْ أَيْ يَكْفُرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19مِنْكُمْ أَيُّهَا الْمُكَلَّفُونَ وَيَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَهًا آخَرَ كَهَؤُلَاءِ الْكَفَرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19نُذِقْهُ فِي الْآخِرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19عَذَابًا كَبِيرًا لَا يُقَادِرُ قَدْرَهُ وَهُوَ عَذَابُ النَّارِ، وَقُرِئَ «يَذُقْهُ» عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقِيلَ:
لِمَصْدَرٍ يَظْلِمُ أَيْ يَذُقْهُ الظُّلْمُ وَالْإِسْنَادُ مَجَازِيٌّ، وَتَفْسِيرُ الظُّلْمِ بِالْكُفْرِ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جَرِيجٍ وَأَيَّدَ بِأَنَّ الْمَقَامَ يَقْتَضِيهِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْكُفْرِ وَوَعِيدِهِ مِنْ مُفْتَتَحِ السُّورَةِ، وَجَوَّزَ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الشِّرْكَ وَسَائِرَ الْمَعَاصِي وَالْوَعِيدَ بِالْعَذَابِ لَا يُنَافِي الْعَفْوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِ الْمُشْرِكِ لِمَا حَقَّقَ فِي مَوْضِعِهِ. وَاخْتَارَ
الطَّيِّبِيُّ التَّفْسِيرَ الْأَوَّلَ وَجَعَلَ الْخِطَابَ لِلْكُفَّارِ أَيْضًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِمْ مِنْ أَوَّلُ وَقَدْ سَبَقَ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ وَهَذِهِ الْآيَةُ لِمَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَهْوَالِ وَالنَّكَالِ مِنْ لَدُنِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=12إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ [الْفَرْقَانُ: 12] وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19وَمَنْ يَظْلِمْ حِينَئِذٍ وَمَنْ يَدُمْ عَلَى الظُّلْمِ، وَفِي الْكَشْفِ الْوَجْهُ أَنَّ الْخِطَابَ عَامٌّ وَالظُّلْمُ الْكُفْرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19وَمَنْ يَظْلِمْ مَظْهَرٌ أُقِيمَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ تَنْبِيهًا عَلَى تَوَغُّلِهِمْ فِي الْكَفْرِ وَتَجَاوُزِهِمْ حَدَّ الْإِنْصَافِ وَالْعَدْلِ إِلَى مَحْضِ الِاعْتِسَافِ وَالْجَدَلِ فِيمَا رَمَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْأَصْلُ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَنُذِيقُهُمْ عَذَابًا كَبِيرًا أَوْ نُذِيقُكُمْ عَلَى اخْتِلَافِ الْقِرَاءَتَيْنِ وَالْحَمْلِ عَلَى مَنْ يَدُمْ عَلَى الظُّلْمِ مِنْكُمْ لِيَخْتَصَّ الْخِطَابُ بِالْكُفَّارِ صَحِيحٌ أَيْضًا وَلَكِنْ تَفُوتُهُ النُّكْتَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهُ مِنْ إِقَامَةِ الْمُظْهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ خِلَافَ الظَّاهِرِ فَتَأَمَّلْ.