nindex.php?page=treesubj&link=28902_32433_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أو كظلمات عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39كسراب ، وكلمة أو قيل لتقسيم حال أعمالهم الحسنة، وجوز الإطلاق باعتبار وقتين فإنها كالسراب في الآخرة من حيث عدم نفعها وكالظلمات في الدنيا من حيث خلوها عن نور الحق، وخص
[ ص: 182 ] هذا بالدنيا لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور فإنه ظاهر في الهداية والتوفيق المخصوص بها، والأول بالآخرة لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39ووجد إلخ وقدم أحوال الآخرة التي هي أعظم وأهم لاتصال ذلك بما يتعلق بها من قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=38ليجزيهم إلخ ثم ذكر أحوال الدنيا تتميما لها.
وجوز أن يعكس ذلك فيكون المراد من الأول تشبيه أعمالهم بالسراب في الدنيا حال الموت، ومن الثاني تشبيهها بالظلمات في القيامة كما
في الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=652267«الظلم ظلمات يوم القيامة»
ويكون ذلك ترقيا مناسبا للترتيب الوقوعي وليس بذلك لما سمعت، وقيل للتنويع، وذلك أنه أثر ما مثلت أعمالهم التي كانوا يعتمدون عليها أقوى اعتماد ويفتخرون بها في كل واد وناد بما ذكر من حال السراب مثلت أعمالهم القبيحة التي ليس فيها شائبة خيرية يغتر بها المغترون بالظلمات المذكورة، وزعم
الجرجاني أن المراد هنا تشبيه كفرهم فقط وهو كما ترى. والظاهر على التنويع أن يراد من الأعمال في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39أعمالهم ما يشمل النوعين.
واعترض بأنه يأبى ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39ووجد الله عنده بناء على دخوله في التشبيه لأن أعمالهم الصالحة وإن سلم أنها لا تنفع مع الكفرة لا وخامة في عاقبتها كما يؤذن به قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39ووجد إلخ. وأجيب بأنه ليس فيه ما يدل على أن سبب العقاب الأعمال الصالحة بل وجد أن العقاب بسبب قبائح أعمالهم لكنها ذكرت جميعها لبيان أن بعضها جعل هباء منثورا وبعضها معاقب به، وجوز أن تكون للتخيير في التشبيه لمشابهة أعمالهم الحسنة أو مطلقا السراب لكونها لاغية لا منفعة فيها، والظلمات المذكورة لكونها خالية عن نور الحق، واختاره
الكرماني.
واعترض بأن
nindex.php?page=showalam&ids=14374الرضي كغيره ذكر أنها لا تكون للتخيير إلا في الطلب. وأجيب بأنه وإن اشتهر ذلك فقد ذهب كثير إلى عدم اختصاصه به
كابن مالك nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري ووقوعه في التشبيه كثير، وأيا ما كان فليس في الكلام مضاف محذوف. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي الفارسي : فيه مضاف محذوف والتقدير أو كذي ظلمات، ودل عليه ما يأتي من قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إذا أخرج يده والتشبيه عنده هنا يحتمل أن يكون للأعمال على نمط التشبيه السابق ويقدر أو كأعمال ذي ظلمات. ويحتمل أن يكون للكفرة ويقدر أو هم كذي ظلمات والكل خلاف الظاهر، وأمر الضمير سيظهر لك إن شاء الله تعالى.
وقرأ
سفيان بن حسين «أو كظلمات» بفتح الواو، ووجه ذلك في البحر بأنه جعلها واو عطف تقدمت عليها الهمزة التي لتقرير التشبيه الخالي عن محض الاستفهام. وقيل هي
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أو التي في قراءة الجمهور وفتحت الواو للمجاورة كما كسرت الدال لها في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله على بعض القراءات
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40في بحر لجي أي عميق كثير الماء منسوب إلى اللج وهو معظم ماء البحر. وقيل اللجة وهي أيضا معظمه وهو صفة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40بحر وكذا جملة قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40يغشاه أي يغطي ذلك البحر ويستره بالكلية
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40موج وقدمت الأولى لإفرادها. وقيل الجملة صفة ذي المقدر والضمير راجع إليه، وقد علمت حال ذلك التقدير وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40من فوقه موج جملة من مبتدأ وخبر محلها الرفع على أنها صفة لموج أو الصفة الجار والمجرور وما بعده فاعل له لاعتماده على الموصوف. والمراد يغشاه أمواج متراكمة متراكبة بعضها على بعض، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40من فوقه سحاب صفة لموج الثاني على أحد الوجهين المذكورين أي من فوق ذلك الموج سحاب ظلماني ستر أضواء النجوم، وفيه إيماء إلى غاية تراكم الأمواج
[ ص: 183 ] وتضاعفها حتى كأنها بلغت السحاب
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظلمات خبر مبتدأ محذوف أي هي ظلمات
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40بعضها فوق بعض أي متكاثفة متراكمة، وهذا بيان لكمال شدة الظلمات كما أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35نور على نور بيان لغاية قوة النور خلا أن ذلك متعلق بالمشبه وهذا بالمشبه به كما يعرب عنه ما بعده.
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظلمات مبتدأ خبره قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40بعضها فوق بعض . وتعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان وتبعه
ابن هشام بأن الظاهر أنه لا يجوز لما فيه من الابتداء بالنكرة من غير مسوغ إلا أن يقدر صفة لها يؤذن بها التنوين أي ظلمات كثيرة أو عظيمة وهو تكلف. وأجاز أيضا أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40بعضها بدلا من
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظلمات . وتعقب بأنه لا يجوز من جهة المعنى لأن المراد والله تعالى أعلم الإخبار بأنها ظلمات وأن بعض تلك الظلمات فوق بعض أي هي ظلمات متراكمة لا الإخبار بأن بعض ظلمات فوق بعض من غير إخبار بأن تلك الظلمات السابقة متراكمة. وقرأ
قنبل «ظلمات» بالجر على أنه بدل من
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظلمات الأولى لا تأكيد لها. وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40بعضها فوق بعض في موضع الصفة له. وقرأ
البزي «سحاب ظلمات» بإضافة سحاب إلى ظلمات وهذه الإضافة كالإضافة في لجين الماء أو لبيان أن ذلك السحاب ليس سحاب مطر ورحمة.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إذا أخرج أي من ابتلى بها، وإضماره من غير ذكر لدلالة المعنى عليه دلالة واضحة. وكذا تقدير ضمير يرجع إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظلمات واحتج إليه لأن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إذا أخرج إلخ في موضع الصفة لظلمات ولا بد لها من رابط ولا يتعين ما أشرنا إليه. وقيل: ضمير الفاعل عائد على اسم الفاعل المفهوم من الفعل على حد
nindex.php?page=hadith&LINKID=652295«لا يشرب الخمر وهو مؤمن»
أي إذا أخرج المخرج فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40يده وجعلها بمرأى منه قريبة من عينيه لينظر إليها
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40لم يكد يراها أي لم يقرب من رؤيتها وهي أقرب شيء إليه فضلا عن أن يراها. وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري زيادة ( يكد) . وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد أن المعنى لم يرها إلا بعد الجهد فإنه قد جرى العرف أن يقال: ما كاد يفعل ولم يكد يفعل في فعل قد فعل بجهد مع استبعاد فعله وعليه جاء قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فذبحوها وما كادوا يفعلون [البقرة: 71] ومن هنا خطأ
ابن شبرمة ذا الرمة بقوله:
ذا غير النأي المحبين لم يكد رسيس الهوى من حب مية يبرح
وناداه يا
أبا غيلان أراه قد برح ففك وسلم له
ذو الرمة ذلك فغير لم يكد بل لم يكن أو لم أجد، والتحقيق أن الذي يقتضيه لم يكد وما كاد يفعل أن الفعل لم يكن من أصله ولا قارب في الظن أن يكون ولا يشك في هذا.
وقد علم أن كاد موضوعة لشدة قرب الفعل من الوقوع ومشارفته فمحال أن يوجب نفيه وجود الفعل لأنه يؤدي إلى أن يكون ما قارب كذلك فالنظر إلى أنه إذا لم يكن المعنى على أن ثمت حالا يبعد معها أن تكون ثم تغيرت كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فذبحوها إلخ يلتزم الظاهر ويجعل المعنى أن الفعل لم يقارب أن يكون فضلا عن أن يكون والآية على ذلك وكذا البيت، وقد ذكر أن لم يكد فيهما جواب
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39إذا فيكون مستقبلا وإذا قلت: إذا خرجت لم أخرج فقد نفيت خروجا في المستقبل فاستحال أن يكون المعنى فيهما على أن الفعل قد كان.
وهذا التحقيق خلاصة ما حقق
الشيخ في دلائل الإعجاز، ومنه يعلم تخطئة من زعم أن كاد نفيها إثبات وإثباتها نفي.
وفي الحواشي الشهابية أن نفي كاد على التحقيق المذكور أبلغ من نفي الفعل الداخلة عليه لأن نفي مقاربته
[ ص: 184 ] يدل على نفيه بطريق برهاني إلا أنه إذا وقع في الماضي لا ينافي ثبوته في المستقبل وربما أشعر بأنه وقع بعد اليأس منه كما في آية البقرة، وإذا وقع في المستقبل لا ينافي وقوعه في الماضي فإن قامت قرينة على ثبوته فيه أشعر بأنه انتفى وأيس منه بعد ما كان ليس كذلك كما في هذه الآية فإنه لشدة الظلمة لا يمكنه رؤية يده التي كانت نصب عينيه، ثم فرع على هذا أن لك أن تقول: إن مراد من قال: إن نفيها إثبات وإثباتها نفي أن نفيها في الماضي يشعر بالثبوت في المستقبل وعكسه كما سمعت، وهذا وجه تخطئة
ابن شبرمة وتغيير
ذي الرمة لأن مراده أن قديم هواها لم يقرب من الزوال في جميع الأزمان ونفيه في المستقبل يوهم ثبوته في الماضي فلا يقال: إنهما من فصحاء العرب المستشهد بكلامهم فكيف خفي ذلك عليهما ولذا استبعده في الكشف وذهب إلى أن قصتهما موضوعة أوصى بحفظ ذلك حيث قال: فاحفظه فإنه تحقيق أنيق وتوفيق دقيق سنح بمحض اللطف والتوفيق انتهى.
ولعمري أن ما أول به كلام القائل بعيد غاية البعد ولا أظنه يقع موقع القبول عنده ونفي كل فعل في الماضي لا ينافي ثبوته في المستقبل ونفيه في المستقبل لا ينافي وقوعه في الماضي ولا اختصاص لكاد بذلك فيا ليت شعري هل دفع الإيهام ما غير إليه
ذو الرمة بيته فتأمل ذاك والله تعالى يتولى هداك، ثم إن ظاهر الآية يقتضي أن مانع الرؤية شدة الظلمة وهو كذلك لأن شرط الرؤية بحسب العادة في هذه النشأة الضوء سواء كانت بمحض خلق الله تعالى كما ذهب إليه أهل الحق أو كانت بخروج الشعاع من العين على هيئة مخروط مصمت أو مؤلف من خطوط مجتمعة في الجانب الذي يلي الرأس أو لا على هيئة مخروط بل على استواء لكن مع ثبوت طرفه الذي يلي العين واتصاله بالمرئي أو بتكيف الشعاع الذي في العين بكيفية الهواء وصيرورة الكل آلة للرؤية كما ذهب إليه فرق الرياضيين أو كانت بانطباع شبح المرئي في جزء من الرطوبة الجليدية التي تشبه البرد والجمد كما ذهب إليه الطبيعيون، وهذان المذهبان هما المشهوران للفلاسفة ونسب للإشراقيين منهم.
واختاره
شهاب الدين القتيل أن الرؤية بمقابلة المستنير للعضو الباصر الذي فيه رطوبة صقلية وإذا وجدت هذه الشروط مع زوال المانع يقع للنفس علم إشراقي حضوري على المبصر فتدركه النفس مشاهدة ظاهرة جلية بلا شعاع ولا انطباع، واختار
الملأ صدرا أنها بإنشاء صورة مماثلة للمرئي بقدرة الله تعالى من عالم الملكوت النفساني مجردة عن المادة الخارجية حاضرة عند النفس المدركة قائمة بها قيام الفعل بفاعله لا قيام المقبول بقابله، وتحقيق ذلك بما له وما عليه في مبسوطات كتب الفلسفة. وربما يظن أن الظلمة سواء كانت وجودية أو عدم ملكة من شروط الرؤية كالضوء لكن بالنسبة إلى بعض الأجسام كالأشياء التي تلمع بالليل. ونفى ابن سينا ذلك وقال: لا يمكن أن تكون الظلمة شرطا لوجود اللوامع مبصرة وذلك لأن المضيء مرئي سواء كان الرائي في الظلمة أو في الضوء كالنار نراها مطلقا، وأما الشمس فإنما لا يمكننا أن نراها في الظلمة لأنها متى طلعت لم تبق الظلمة، وأما الكواكب واللوامع فإنما ترى في الظلمة دون النهار لأن ضوء الشمس غالب على ضوئها وإذا انفعل الحس عن الضوء القوي لا جرم لا ينفعل عن الضعيف، فأما في الليل فليس هناك ضوء غالب على ضوئها فلا جرم ترى، وبالجملة فصيرورتها غير مرئية ليس لتوقف ذلك على الظلمة بل لوجود المانع عن الرؤية وهو وجود الضوء الغالب انتهى، ويمكن أن يقال: إن ضوء الشمس على ما ذكر مانع عن رؤية اللوامع ورفع مانع الرؤية شرط لها ودفع الضوء هو الظلمة فالظلمة شرط رؤية اللوامع بالليل وهو المطلوب فتدبر ولا تغفل
[ ص: 185 ] والله تعالى أعلم بحقائق الأمور.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور اعتراض تذييلي جيء به لتقرير ما أفاده التمثيل من كون أعمال الكفار كما فصل وتحقيق أن ذلك لعدم هدايته تعالى إياهم لنوره، وإيراد الموصول للإشارة بما في حيز الصلة إلى علة الحكم وأنهم ممن لم يشإ الله تعالى هدايتهم أي من لم يشإ الله تعالى أن يهديه الله سبحانه لنور في الدنيا فما له هداية ما من أحد أصلا فيها، وقيل: معنى الآية من لم يكن له نور في الدنيا فلا نور له في الآخرة. وقيل: كلا الأمرين في الآخرة، والمعنى من لم ينوره الله تعالى بعفوه ويرحمه برحمته يوم القيامة فلا رحمة له من أحد فيها والمعول عليه ما تقدم. والظاهر أن المراد تشبيه أعمال الكفرة بالظلمات المتكاثفة من غير اعتبار أجزاء في طرفي التشبيه يعتبر تشبيه بعضها ببعض، ومنهم من اعتبر ذلك فقال: الظلمات الأعمال الفاسدة والمعتقدات الباطلة والبحر اللجي صدر الكافر وقلبه والموج الضلال والجهالة التي قد غمرت قلبه والموج الثاني الفكر المعوجة والسحاب شهوته في الكفر وإعراضه عن الإيمان. وقيل: الظلمات أعمال الكافر والبحر هواه العميق القعر الكثير لخطر الغريق هو فيه والموج ما يغشى قلبه من الجهل والغفلة. والموج الثاني ما يغشاه من شك وشبهة والسحاب ما يغشاه من شرك وحيرة فيمنعه من الاهتداء والكل كما ترى ولو جعل من باب الإشارة لهان الأمر.
nindex.php?page=treesubj&link=28902_32433_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أَوْ كَظُلُمَاتٍ عَطْفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39كَسَرَابٍ ، وَكَلِمَةٌ أَوْ قِيلَ لِتَقْسِيمِ حَالِ أَعْمَالِهِمُ الْحَسَنَةِ، وَجَوَّزَ الْإِطْلَاقَ بِاعْتِبَارِ وَقْتَيْنِ فَإِنَّهَا كَالسَّرَابِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ نَفْعِهَا وَكَالظُّلُمَاتِ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَيْثُ خُلُوِّهَا عَنْ نُورِ الْحَقِّ، وَخَصَّ
[ ص: 182 ] هَذَا بِالدُّنْيَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ الْمَخْصُوصِ بِهَا، وَالْأَوَّلُ بِالْآخِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَوَجَدَ إِلَخْ وَقَدَّمَ أَحْوَالَ الْآخِرَةِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ وَأَهَمُّ لِاتِّصَالِ ذَلِكَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=38لِيَجْزِيَهُمُ إِلَخْ ثُمَّ ذَكَرَ أَحْوَالَ الدُّنْيَا تَتْمِيمًا لَهَا.
وَجَوَّزَ أَنْ يَعْكِسَ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنَ الْأَوَّلِ تَشْبِيهُ أَعْمَالِهِمْ بِالسَّرَابِ فِي الدُّنْيَا حَالَ الْمَوْتِ، وَمِنَ الثَّانِي تَشْبِيهُهَا بِالظُّلُمَاتِ فِي الْقِيَامَةِ كَمَا
فِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=652267«الظُّلَمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
وَيَكُونُ ذَلِكَ تَرَقِّيًا مُنَاسِبًا لِلتَّرْتِيبِ الْوُقُوعِي وَلَيْسَ بِذَلِكَ لِمَا سَمِعْتَ، وَقِيلَ لِلتَّنْوِيعِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَثَّرَ مَا مَثَّلَتْ أَعْمَالُهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهَا أَقْوَى اعْتِمَادٍ وَيَفْتَخِرُونَ بِهَا فِي كُلِّ وَادٍ وَنَادٍ بِمَا ذُكِرَ مِنْ حَالِ السَّرَابِ مُثِّلَتْ أَعْمَالُهُمُ الْقَبِيحَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَائِبَةٌ خَيْرِيَّةٌ يَغْتَرُّ بِهَا الْمُغْتَرُّونَ بِالظُّلُمَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَزَعَمَ
الْجُرْجَانِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا تَشْبِيهُ كُفْرِهِمْ فَقَطْ وَهُوَ كَمَا تَرَى. وَالظَّاهِرُ عَلَى التَّنْوِيعِ أَنْ يُرَادَ مِنَ الْأَعْمَالِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39أَعْمَالُهُمْ مَا يَشْمَلُ النَّوْعَيْنِ.
وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ يَأْبَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ بِنَاءً عَلَى دُخُولِهِ فِي التَّشْبِيهِ لِأَنَّ أَعْمَالَهُمُ الصَّالِحَةَ وَإِنْ سَلَمَ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ مَعَ الْكَفَرَةِ لَا وَخَامَةَ فِي عَاقِبَتِهَا كَمَا يُؤْذِنُ بِهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَوَجَدَ إِلَخْ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ الْعِقَابِ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ بَلْ وَجَدَ أَنَّ الْعِقَابَ بِسَبَبِ قَبَائِحِ أَعْمَالِهِمْ لَكِنَّهَا ذُكِرَتْ جَمِيعُهَا لِبَيَانِ أَنَّ بَعْضَهَا جُعِلَ هَبَاءً مَنْثُورًا وَبَعْضُهَا مُعَاقَبٌ بِهِ، وَجَوَّزَ أَنْ تَكُونَ لِلتَّخْيِيرِ فِي التَّشْبِيهِ لِمُشَابِهَةِ أَعْمَالِهِمُ الْحَسَنَةِ أَوْ مُطْلَقًا السَّرَابُ لِكَوْنِهَا لَاغِيَةً لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا، وَالظُّلُمَاتُ الْمَذْكُورَةُ لِكَوْنِهَا خَالِيَةً عَنْ نُورِ الْحَقِّ، وَاخْتَارَهُ
الْكَرْمَانِيُّ.
وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14374الرَّضِيَّ كَغَيْرِهِ ذَكَرَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ لِلتَّخْيِيرِ إِلَّا فِي الطَّلَبِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ وَإِنِ اشْتُهِرَ ذَلِكَ فَقَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ إِلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِهِ
كَابْنِ مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيِّ وَوُقُوعُهُ فِي التَّشْبِيهِ كَثِيرٌ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12095أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ : فِيهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ كَذِي ظُلُمَاتٍ، وَدَلَّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ وَالتَّشْبِيهُ عِنْدَهُ هُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَعْمَالِ عَلَى نَمَطِ التَّشْبِيهِ السَّابِقِ وَيُقَدَّرُ أَوْ كَأَعْمَالِ ذِي ظُلُمَاتٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْكَفَرَةِ وَيُقَدَّرُ أَوْ هُمْ كَذِي ظُلُمَاتٍ وَالْكُلُّ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَأَمْرُ الضَّمِيرِ سَيَظْهَرُ لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَرَأَ
سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ «أَوْ كَظُلُمَاتٍ» بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ جَعَلَهَا وَاوَ عَطْفٍ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهَا الْهَمْزَةُ الَّتِي لِتَقْرِيرِ التَّشْبِيهِ الْخَالِي عَنْ مَحْضِ الِاسْتِفْهَامِ. وَقِيلَ هِيَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أَوْ الَّتِي فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ وَفُتِحَتِ الْوَاوُ لِلْمُجَاوِرَةِ كَمَا كُسِرَتِ الدَّالُّ لَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ أَيْ عَمِيقٍ كَثِيرِ الْمَاءِ مَنْسُوبٍ إِلَى اللُّجِّ وَهُوَ مُعْظَمُ مَاءِ الْبَحْرِ. وَقِيلَ اللُّجَّةُ وَهِيَ أَيْضًا مُعْظَمُهُ وَهُوَ صِفَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40بَحْرٍ وَكَذَا جُمْلَةُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40يَغْشَاهُ أَيْ يُغَطِّي ذَلِكَ الْبَحْرَ وَيَسْتُرُهُ بِالْكُلِّيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40مَوْجٌ وَقُدِّمَتِ الْأُولَى لِإِفْرَادِهَا. وَقِيلَ الْجُمْلَةُ صِفَةُ ذِي الْمُقَدَّرِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَيْهِ، وَقَدْ عَلِمْتُ حَالَ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ جُمْلَةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ مَحَلُّهَا الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ لِمَوْجٍ أَوِ الصِّفَةِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وَمَا بَعْدَهُ فَاعِلٌ لَهُ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى الْمَوْصُوفِ. وَالْمُرَادُ يَغْشَاهُ أَمْوَاجٌ مُتَرَاكِمَةٌ مُتَرَاكِبَةٌ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ صِفَةٌ لِمَوْجٍ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَيْ مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ الْمَوْجِ سَحَابٌ ظَلْمَانِيٌّ سَتَرَ أَضْوَاءَ النُّجُومِ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى غَايَةِ تَرَاكُمِ الْأَمْوَاجِ
[ ص: 183 ] وَتُضَاعُفِهَا حَتَّى كَأَنَّهَا بَلَغَتِ السَّحَابَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظُلُمَاتٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ ظُلُمَاتٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ أَيْ مُتَكَاثِفَةٍ مُتَرَاكِمَةٍ، وَهَذَا بَيَانٌ لِكَمَالِ شِدَّةِ الظُّلُمَاتِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35نُورٌ عَلَى نُورٌ بَيَانٌ لِغَايَةِ قُوَّةِ النُّورِ خَلَا أَنَّ ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُشَبَّهِ وَهَذَا بِالْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا يُعْرِبُ عَنْهُ مَا بَعْدَهُ.
وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14183الْحَوْفِيُّ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظُلُمَاتٌ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ . وَتَعَقَّبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ وَتَبِعَهُ
ابْنُ هِشَامٍ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنَ الِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ إِلَّا أَنْ يُقَدِّرَ صِفَةً لَهَا يُؤْذِنُ بِهَا التَّنْوِينُ أَيْ ظُلُمَاتٍ كَثِيرَةٍ أَوْ عَظِيمَةٍ وَهُوَ تَكَلُّفٌ. وَأَجَازَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40بَعْضُهَا بَدَلًا مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظُلُمَاتٌ . وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمُرَادَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهَا ظُلُمَاتٌ وَأَنَّ بَعْضَ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ فَوْقَ بَعْضٍ أَيْ هِيَ ظُلُمَاتٌ مُتَرَاكِمَةٌ لَا الْإِخْبَارُ بِأَنَّ بَعْضَ ظُلُمَاتٍ فَوْقَ بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ إِخْبَارٍ بِأَنَّ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ السَّابِقَةَ مُتَرَاكِمَةٌ. وَقَرَأَ
قَنْبَلُ «ظُلُمَاتٍ» بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظُلُمَاتٌ الْأُولَى لَا تَأْكِيدَ لَهَا. وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لَهُ. وَقَرَأَ
الْبَزِيُّ «سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ» بِإِضَافَةِ سَحَابٍ إِلَى ظُلُمَاتٍ وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ كَالْإِضَافَةِ فِي لُجَيْنِ الْمَاءِ أَوْ لِبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ السَّحَابَ لَيْسَ سَحَابُ مَطَرٍ وَرَحْمَةٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إِذَا أَخْرَجَ أَيْ مِنِ ابْتَلَى بِهَا، وَإِضْمَارُهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ. وَكَذَا تَقْدِيرُ ضَمِيرٍ يَرْجِعُ إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظُلُمَاتٌ وَاحْتَجَّ إِلَيْهِ لِأَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إِذَا أَخْرَجَ إِلَخْ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِظُلُمَاتٍ وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ رَابِطٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ. وَقِيلَ: ضَمِيرُ الْفَاعِلِ عَائِدٌ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْفِعْلِ عَلَى حَدِّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=652295«لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ»
أَيْ إِذَا أَخْرَجَ الْمُخْرِجُ فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40يَدَهُ وَجَعَلَهَا بِمَرْأَى مِنْهُ قَرِيبَةً مِنْ عَيْنَيْهِ لِيَنْظُرَ إِلَيْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا أَيْ لَمْ يُقَرِّبْ مِنْ رُؤْيَتِهَا وَهِيَ أَقْرَبُ شَيْءٍ إِلَيْهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَرَاهَا. وَزَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ زِيَادَةَ ( يَكَدْ) . وَزَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفِرَاءُ nindex.php?page=showalam&ids=15153وَالْمِبْرَدُ أَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يَرَهَا إِلَّا بَعْدَ الْجُهْدِ فَإِنَّهُ قَدْ جَرَى الْعُرْفُ أَنْ يُقَالَ: مَا كَادَ يَفْعَلُ وَلَمْ يَكَدْ يَفْعَلُ فِي فِعْلٍ قَدْ فُعِلَ بِجُهْدٍ مَعَ اسْتِبْعَادِ فِعْلِهِ وَعَلَيْهِ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ [الْبَقَرَةُ: 71] وَمِنْ هُنَا خَطَأَ
ابْنُ شُبْرُمَةَ ذَا الرُّمَّةِ بِقَوْلِهِ:
ذَا غَيْرِ النَّأْيِ الْمُحِبِّينَ لَمْ يَكَدْ رَسِيسُ الْهَوَى مِنْ حُبِّ مِيَةٍ يَبْرَحُ
وَنَادَاهُ يَا
أَبَا غِيلَانَ أَرَاهُ قَدْ بَرِحَ فَفَكَّ وَسَلَّمَ لَهُ
ذُو الرُّمَّةِ ذَلِكَ فَغَيْرُ لَمْ يَكَدْ بَلْ لَمْ يَكُنْ أَوْ لَمْ أُجِدْ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ لَمْ يَكَدْ وَمَا كَادَ يَفْعَلُ أَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا قَارَبَ فِي الظَّنِّ أَنْ يَكُونَ وَلَا يَشُكُّ فِي هَذَا.
وَقَدْ عَلِمَ أَنْ كَادَ مَوْضُوعَةٌ لِشِدَّةِ قُرْبِ الْفِعْلِ مِنَ الْوُقُوعِ وَمُشَارَفَتِهِ فَمُحَالٌ أَنْ يُوجِبَ نَفْيَهُ وُجُودَ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ يَكُونَ مَا قَارَبَ كَذَلِكَ فَالنَّظَرُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَعْنَى عَلَى أَنْ ثَمَّتْ حَالًا يَبْعُدُ مَعَهَا أَنْ تَكُونَ ثُمَّ تَغَيَّرَتْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فَذَبَحُوهَا إِلَخْ يَلْتَزِمُ الظَّاهِرُ وَيَجْعَلُ الْمَعْنَى أَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يُقَارِبْ أَنْ يَكُونَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ وَالْآيَةُ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَا الْبَيْتُ، وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ لَمْ يَكَدْ فِيهِمَا جَوَابٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39إِذَا فَيَكُونُ مُسْتَقْبَلًا وَإِذَا قُلْتُ: إِذَا خَرَجَتْ لَمْ أَخْرُجْ فَقَدْ نُفِيَتْ خُرُوجًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِيهِمَا عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ قَدْ كَانَ.
وَهَذَا التَّحْقِيقُ خُلَاصَةُ مَا حَقَّقَ
الشَّيْخُ فِي دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ، وَمِنْهُ يَعْلَمُ تَخْطِئَةَ مَنْ زَعَمَ أَنْ كَادَ نَفْيُهَا إِثْبَاتٌ وَإِثْبَاتُهَا نَفْيٌ.
وَفِي الْحَوَاشِي الشِّهَابِيَّةِ أَنَّ نَفْيَ كَادَ عَلَى التَّحْقِيقِ الْمَذْكُورِ أَبْلَغُ مِنْ نَفْيِ الْفِعْلِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ نَفْيَ مُقَارَبَتِهِ
[ ص: 184 ] يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ بِطَرِيقٍ بُرْهَانِيٍّ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاضِي لَا يُنَافِي ثُبُوتَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَرُبَّمَا أَشْعُرُ بِأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْهُ كَمَا فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يُنَافِي وُقُوعَهُ فِي الْمَاضِي فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ثُبُوتِهِ فِيهِ أَشْعُرُ بِأَنَّهُ انْتَفَى وَأَيَّسَ مِنْهُ بَعْدَ مَا كَانَ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَإِنَّهُ لِشِدَّةِ الظُّلْمَةِ لَا يُمْكِنُهُ رُؤْيَةُ يَدِهِ الَّتِي كَانَتْ نُصْبَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا أَنَّ لَكَ أَنْ تَقُولَ: إِنَّ مُرَادَ مَنْ قَالَ: إِنَّ نَفْيَهَا إِثْبَاتٌ وَإِثْبَاتُهَا نَفْيٌ أَنَّ نَفْيَهَا فِي الْمَاضِي يُشْعِرُ بِالثُّبُوتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَعَكْسُهُ كَمَا سَمِعْتَ، وَهَذَا وَجْهُ تَخْطِئَةِ
ابْنِ شُبْرُمَةٍ وَتَغْيِيرُ
ذِي الرُّمَّةِ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ قَدِيمَ هَوَاهَا لَمْ يُقَرِّبْ مِنَ الزَّوَالِ فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ وَنَفْيُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يُوهِمُ ثُبُوتَهُ فِي الْمَاضِي فَلَا يُقَالُ: إِنَّهُمَا مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ الْمُسْتَشْهِدِ بِكَلَامِهِمْ فَكَيْفَ خُفِيَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا وَلِذَا اسْتَبْعَدَهُ فِي الْكَشْفِ وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ قِصَّتَهُمَا مَوْضُوعَةٌ أَوْصَى بِحِفْظِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ تَحْقِيقٌ أَنِيقٌ وَتَوْفِيقٌ دَقِيقٌ سَنَحَ بِمَحْضِ اللُّطْفِ وَالتَّوْفِيقِ انْتَهَى.
وَلَعَمْرِي أَنَّ مَا أَوَّلَ بِهِ كَلَامُ الْقَائِلِ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ وَلَا أَظُنُّهُ يَقَعُ مَوْقِعَ الْقَبُولِ عِنْدَهُ وَنَفْيُ كُلَّ فِعْلٍ فِي الْمَاضِي لَا يُنَافِي ثُبُوتَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَنَفْيُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يُنَافِي وُقُوعَهُ فِي الْمَاضِي وَلَا اخْتِصَاصَ لَكَادَ بِذَلِكَ فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ دَفَعَ الْإِيهَامَ مَا غَيَّرَ إِلَيْهِ
ذُو الرُّمَّةِ بَيْتَهُ فَتَأَمَّلْ ذَاكَ وَاللَّهُ تَعَالَى يَتَوَلَّى هُدَاكَ، ثُمَّ إِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ مَانِعَ الرُّؤْيَةِ شِدَّةُ الظُّلْمَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ الرُّؤْيَةِ بِحَسْبِ الْعَادَةِ فِي هَذِهِ النَّشْأَةِ الضَّوْءُ سَوَاءٌ كَانَتْ بِمَحْضِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْحَقِّ أَوْ كَانَتْ بِخُرُوجِ الشُّعَاعِ مِنَ الْعَيْنِ عَلَى هَيْئَةِ مَخْرُوطٍ مُصْمَتٍ أَوْ مُؤَلَّفٍ مِنْ خُطُوطٍ مُجْتَمِعَةٍ فِي الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي الرَّأْسَ أَوْ لَا عَلَى هَيْئَةِ مَخْرُوطٍ بَلْ عَلَى اسْتِوَاءٍ لَكِنَّ مَعَ ثُبُوتِ طَرْفِهِ الَّذِي يَلِي الْعَيْنَ وَاتِّصَالِهِ بِالْمَرْئِيِّ أَوْ بِتَكَيُّفِ الشُّعَاعِ الَّذِي فِي الْعَيْنِ بِكَيْفِيَّةِ الْهَوَاءِ وَصَيْرُورَةِ الْكُلِّ آلَةً لِلرُّؤْيَةِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فَرِقُ الرِّيَاضِيِّينَ أَوْ كَانَتْ بِانْطِبَاعِ شَبَحِ الْمَرْئِيِّ فِي جُزْءٍ مِنَ الرُّطُوبَةِ الْجَلِيدِيَّةِ الَّتِي تُشْبِهُ الْبَرْدَ وَالْجَمْدَ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الطَّبِيعِيُّونَ، وَهَذَانَ الْمَذْهَبَانِ هُمَا الْمَشْهُورَانِ لِلْفَلَاسِفَةِ وَنُسِبَ لِلْإِشْرَاقِيِّينَ مِنْهُمْ.
وَاخْتَارَهُ
شِهَابُ الدِّينِ الْقَتِيلُ أَنَّ الرُّؤْيَةَ بِمُقَابَلَةِ الْمُسْتَنِيرِ لِلْعُضْوِ الْبَاصِرِ الَّذِي فِيهِ رُطُوبَةُ صِقِلِّيَةَ وَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ مَعَ زَوَالِ الْمَانِعِ يَقَعُ لِلنَّفْسِ عِلْمٌ إِشْرَاقِيٌّ حُضُورِيٌّ عَلَى الْمُبْصِرِ فَتُدْرِكُهُ النَّفْسُ مُشَاهِدَةً ظَاهِرَةً جَلِيَّةً بِلَا شُعَاعٍ وَلَا انْطِبَاعٍ، وَاخْتَارَ
الْمَلَأُ صَدْرًا أَنَّهَا بِإِنْشَاءِ صُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ لِلْمَرْئِيِّ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ عَالِمِ الْمَلَكُوتِ النَّفْسَانِيِّ مُجَرَّدَةً عَنِ الْمَادَّةِ الْخَارِجِيَّةِ حَاضِرَةً عِنْدَ النَّفْسِ الْمُدْرِكَةِ قَائِمَةً بِهَا قِيَامَ الْفِعْلِ بِفَاعِلِهِ لَا قِيَامَ الْمَقْبُولِ بِقَابِلِهِ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ بِمَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ فِي مَبْسُوطَاتِ كُتُبِ الْفَلْسَفَةِ. وَرُبَّمَا يَظُنُّ أَنَّ الظُّلْمَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ وُجُودِيَّةً أَوْ عَدَمِ مَلَكَةٍ مِنْ شُرُوطِ الرُّؤْيَةِ كَالضَّوْءِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْضِ الْأَجْسَامِ كَالْأَشْيَاءِ الَّتِي تَلْمَعُ بِاللَّيْلِ. وَنَفَى ابْنُ سِينَا ذَلِكَ وَقَالَ: لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الظَّلَمَةُ شَرْطًا لِوُجُودِ اللَّوَامِعِ مُبْصِرَةً وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُضِيءَ مَرْئِيٌّ سَوَاءً كَانَ الرَّائِي فِي الظُّلْمَةِ أَوْ فِي الضَّوْءِ كَالنَّارِ نَرَاهَا مُطْلَقًا، وَأَمَّا الشَّمْسُ فَإِنَّمَا لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَرَاهَا فِي الظُّلْمَةِ لِأَنَّهَا مَتَّى طَلَعَتْ لَمْ تُبْقَ الظُّلْمَةُ، وَأَمَّا الْكَوَاكِبُ وَاللَّوَامِعُ فَإِنَّمَا تَرَى فِي الظُّلْمَةِ دُونَ النَّهَارِ لِأَنَّ ضَوْءَ الشَّمْسِ غَالِبٌ عَلَى ضَوْئِهَا وَإِذَا انْفَعَلَ الْحِسُّ عَنِ الضَّوْءِ الْقَوِيِّ لَا جَرَمَ لَا يَنْفَعِلُ عَنِ الضَّعِيفِ، فَأَمَّا فِي اللَّيْلِ فَلَيْسَ هُنَاكَ ضَوْءٌ غَالِبٌ عَلَى ضَوْئِهَا فَلَا جَرْمَ تَرَى، وَبِالْجُمْلَةِ فَصَيْرُورَتُهَا غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ لَيْسَ لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الظُّلْمَةِ بَلْ لِوُجُودِ الْمَانِعِ عَنِ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ وُجُودُ الضَّوْءِ الْغَالِبِ انْتَهَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ ضَوْءَ الشَّمْسِ عَلَى مَا ذُكِرَ مَانِعٌ عَنْ رُؤْيَةِ اللَّوَامِعِ وَرَفْعِ مَانِعِ الرُّؤْيَةِ شَرْطٌ لَهَا وَدَفْعُ الضَّوْءِ هُوَ الظُّلْمَةُ فَالظُّلْمَةُ شَرْطُ رُؤْيَةِ اللَّوَامِعِ بِاللَّيْلِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فَتَدَبَّرْ وَلَا تَغْفُلْ
[ ص: 185 ] وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ اعْتِرَاضٌ تَذْيِيلِيٌّ جِيءَ بِهِ لِتَقْرِيرِ مَا أَفَادَهُ التَّمْثِيلُ مِنْ كَوْنِ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ كَمَا فَصَّلَ وَتَحْقِيقُ أَنَّ ذَلِكَ لِعَدَمِ هِدَايَتِهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ لِنُورِهِ، وَإِيرَادُ الْمَوْصُولِ لِلْإِشَارَةِ بِمَا فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ إِلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ وَأَنَّهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَشَإِ اللَّهُ تَعَالَى هِدَايَتَهُمْ أَيْ مِنْ لَمْ يَشَإِ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِنُورٍ فِي الدُّنْيَا فَمَا لَهُ هِدَايَةٌ مَا مِنْ أَحَدٍ أَصْلًا فِيهَا، وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ فِي الدُّنْيَا فَلَا نُورَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: كِلَا الْأَمْرَيْنِ فِي الْآخِرَةِ، وَالْمَعْنَى مَنْ لَمْ يُنَوِّرْهُ اللَّهُ تَعَالَى بِعَفْوِهِ وَيَرْحَمْهُ بِرَحْمَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَا رَحْمَةَ لَهُ مَنْ أَحَدٍ فِيهَا وَالْمُعَوِّلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَشْبِيهُ أَعْمَالِ الْكَفَرَةِ بِالظُّلُمَاتِ الْمُتَكَاثِفَةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ أَجْزَاءٍ فِي طَرَفَيِ التَّشْبِيهِ يَعْتَبِرُ تَشْبِيهَ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَبَرَ ذَلِكَ فَقَالَ: الظُّلُمَاتُ الْأَعْمَالُ الْفَاسِدَةُ وَالْمُعْتَقَدَاتُ الْبَاطِلَةُ وَالْبَحْرُ اللُّجِّيُّ صَدْرُ الْكَافِرِ وَقَلْبُهُ وَالْمَوْجُ الضَّلَالُ وَالْجَهَالَةُ الَّتِي قَدْ غَمَرَتْ قَلْبَهُ وَالْمَوْجُ الثَّانِي الْفِكْرُ الْمُعْوَجَّةُ وَالسَّحَابُ شَهْوَتُهُ فِي الْكُفْرِ وَإِعْرَاضُهُ عَنِ الْإِيمَانِ. وَقِيلَ: الظُّلُمَاتُ أَعْمَالُ الْكَافِرِ وَالْبَحْرُ هَوَاهُ الْعَمِيقُ الْقَعْرُ الْكَثِيرُ لِخَطَرِ الْغَرِيقِ هُوَ فِيهِ وَالْمَوْجُ مَا يُغْشَى قَلْبُهُ مِنَ الْجَهْلِ وَالْغَفْلَةِ. وَالْمَوْجُ الثَّانِي مَا يَغْشَاهُ مِنْ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَالسَّحَابُ مَا يَغْشَاهُ مِنْ شِرْكٍ وَحَيْرَةٍ فَيَمْنَعُهُ مِنَ الِاهْتِدَاءِ وَالْكُلُّ كَمَا تَرَى وَلَوْ جَعَلَ مِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ لَهَانَ الْأَمْرُ.