nindex.php?page=treesubj&link=28657_29778_32238_34207_34224_34225_34513_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=37وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله شروع في بيان حالهم من القرآن إثر بيان حالهم مع الأدلة المندرجة في تضاعيفه أو استئناف لبيان ما يجب اتباعه والبرهان عليه غب المنع مع اتباع الظن وقيل: إنه متعلق بما قصه الله تعالى من قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ائت بقرآن غير هذا وقيل: بقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه إلخ ولا يخفى ما في ذلك من البعد (وكان) هنا ناقصة عند كثير من الكاملين (وهذا) اسمها (والقرآن) نعت له أو عطف بيان (وأن يفترى) بتأويل المصدر أي افتراء خبر (كان) وهو في تأويل المفعول أي مفترى كما ذكره
ابن هشام في قاعدة أن اللفظ قد يكون على تقدير وذلك المقدر على تقدير آخر ومنه قوله
لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللحى
وذهب بعض المعربين أن (ما كان) بمعنى ما صح وإن في الكلام لاما مقدرة لتأكيد النفي والأصل ما كان هذا القرآن لأن يفترى كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وما كان المؤمنون لينفروا كافة (وأن يفترى) خبر كان (ومن دون الله) خبر ثان وهو بيان للأول أي ما صح ولا استقام أن يكون هذا القرآن المشحون بفنون الهدايات المستوجبة للاتباع التي من جملتها هاتيك الحجج البينة الناطقة بحقية التوحيد وبطلان الشرك صادرا من غير الله تعالى كيف كان وقيل عليه ما قيل لكنه لا ينبغي العدول عما قاله في محل
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=38من دون الله وما ذكر في حاصل المعنى أمر مقبول كما لا يخفى وجوز البدر
[ ص: 117 ] الدماميني أن تكون (كان) تامة (وأن يفترى) بدل اشتمال من (هذا القرآن) وتعقب بأنه لا يحسن قطعا لأن ما وجد القرآن يوهم من أول الأمر نفي وجوده وأيضا لا بد من الملابسة بين البدل والمبدل منه في بدل الاشتمال فيلزم أن يبتنى الكلام على الملابسة بين القرآن العظيم والافتراء وفي التزام كل ما ترى وأجيب عن ذلك بما لا أراه مثبتا للحسن أصلا واقتصر بعضهم على اعتبار المصدر من غير تأويله باسم المفعول اعتبارا للمبالغة على حد ما قيل في زيد عدل والظاهر عندي أن المبالغة حينئذ راجعة إلى النفي نظير ما قيل في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46وما ربك بظلام للعبيد لا أن النفي راجع إلى المبالغة كما لا يخفى ومن هنا يعلم ما في قول بعض المحققين: إن قول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في بيان معنى الآية: وما يصح وما استقام وكان محالا أن يكون مثله في علو أمره وإعجازه مفترى ربما يشعر بأنه على حذف اللام إذ مجرد توسيط - كان - لا يفيد ذلك والتعبير بالمصدر لا تعلق له بتأكيد معنى النفي من النظر ثم إنهم فيما رأينا لم يعتبروا المصدر هنا إلا نكرة والمشهور اتفاق النحاة على أن أن والفعل المؤول بالمصدر معرفة ولذلك لا يخبر به عن النكرة وكأنه مبني على ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني في الخاطريات من أنه يكون نكرة وذكر أنه عرضه على
أبي علي فارتضاه واستشكل بعضهم هذه الآية بأن أن تخلص المضارع للاستقبال كما نص على ذلك النحويون والمشركون إنما زعموا كون القرآن مفترى في الزمان الماضي كما يدل عليه ما يأتي إن شاء الله تعالى فكيف ينبغي كونه مفترى في الزمان المستقبل وأجيب عنه بأن الفعل فيها مستعمل في مطلق الزمان وقد نص على جواز ذلك في الفعل
ابن الحاحب وغيره ونقله
البدر الدماميني في شرحه لمغني اللبيب ولعل ذلك من باب المجاز وحينئذ يمكن أن يكون نكتة العدول عن المصدر الصريح مع أنه المستعمل في كلامهم عند عدم ملاحظة أحد الأزمنة نحو أعجبني قيامك أن المجاز أبلغ من الحقيقة وقيل: لعل النكتة في ذلك استقامة الحمل بدون تأويل للفرق بين المصدر الصريح والمؤول على ما أشار إليه شارح اللباب وغيره ولا يخفى أن فيه مخالفة لما مرت الإشارة إليه من أن أن والفعل في تأويل المصدر وهو في تأويل المفعول
قيل: وقد يجاب أيضا عن أصل الإشكال بأنه إنما نفى في الماضي إمكان تعلق الافتراء به في المستقبل وكونه محلا لذلك فينتفي تعلق الافتراء به بالفعل من باب أولى وفي ذلك سلوك طريق البرهان فيكون في الكلام مجاز أصلي أو تبعي وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء على جواز كون الخبر محذوفا وأن التقدير وما كان هذا القرآن ممكنا أن يفترى وقال العلامة
ابن حجر: إن الآية جواب عن قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ائت بقرآن غير هذا أو بدله وهو طلب للافتراء في المستقبل وأما الجواب عن زعمهم أنه عليه الصلاة والسلام افتراه وحاشاه فسيأتي عند حكاية زعمهم ذلك فلا إشكال على أن عموم تخليص أن المضارع للاستقبال في حيز المنع لم لا يجوز أن يكون ذلك فيما عدا خبر كان المنفية كما يرشد إليه قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين فإنه نزل عن استغفار سبق منهم للمشركين كما قاله أئمة التفسير وقد أطال الكلام على ذلك في ذيل فتاويه فتبصر
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=37ولكن تصديق الذي بين يديه أي من الكتب الإلهية كالتوراة والإنجيل فالمراد من الموصول الجنس وعنى بالتصديق بيان الصدق وهو مطابقة الواقع وإظهاره وإضافته إما لفاعله أو مفعوله وتصديق الكتب له بأن ما فيه من العقائد الحقة مطابق لما فيها وهي مسلمة عند أهل الكتاب وما عداهم إن اعترف بها وإلا فلا عبرة به .
[ ص: 118 ] وفي جعل الإضافة للمفعول مبالغة في نفي الافتراء عنه لأن ما يثبت ويظهر به صدق غيره فهو أولى بالصدق ووجه كونه مصدقا لها أنه دال على نزولها من عند الله تعالى ومشتمل على قصص الأولين حسبما ذكر فيها وهو معجز دونها فهو الصالح لأن يكون حجة وبرهانا لغيره لا بالعكس وزعم بعضهم أن المراد من
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=37الذي بين يديه أخبار الغيوب والإضافة للفاعل وتصديقها له مجيئها على وفق ما أخبر به وليس بشيء ونصب التصديق على العطف على خبر - كان – أو على أنه خبر لكان مقدرة وقيل: على أنه مفعول لأجله لفعل مقدر أي أنزل لتصديق ذلك وجعل العلة هنا ما ذكر مع أنه أنزل الأمور لأنه المناسب لمقام رد دعوى افترائه وقيل: نصب على المصدرية لفعل مقدر أي يصدق تصديق إلخ وقرأ
عيسى بن عمرو الثقفي برفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أي ولكن هو تصديق إلخ وكذا قرأ بالرفع في قوله تعالى: (وتفصيل الكتاب) أي ما كتب وأثبت من الحقائق والشرائع والعطف نصبا أو رفعا على (تصديق) وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=37لا ريب فيه خبر آخر للكن أو للمبتدأ المقدر وفصل لأنه جملة مؤكدة لما قبلها وجوز أن يكون حالا من الكتاب وإن كان مضافا إليه فإنه مفعول في المعنى وأن يكون استئنافا نحويا لا محل له من الإعراب أو بيانيا جوابا بالسؤال عن حال الكتاب والأول أظهر والمعنى لا ينبغي لعاقل أن يرتاب فيه لوضوح برهانه وعلو شأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=37من رب العالمين 37 خبر آخر لكان أو المبتدأ المقدر كما مر في سابقه أو متعلق بتصديق أو بتفصيل أو بالفعل المعلل بهما أو متعلق بمحذوف وقع حالا من الكتاب و (لا ريب فيه) اعتراض لئلا يلزم الفصل بالأجنبي بين المتعلق والمتعلق أو الحال وذيها وجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور في (فيه)
nindex.php?page=treesubj&link=28657_29778_32238_34207_34224_34225_34513_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=37وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرُوعٌ فِي بَيَانِ حَالِهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ إِثْرَ بَيَانِ حَالِهِمْ مَعَ الْأَدِلَّةِ الْمُنْدَرِجَةِ فِي تَضَاعِيفِهِ أَوِ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ مَا يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَالْبُرْهَانُ عَلَيْهِ غَبَّ الْمَنْعِ مَعَ اتِّبَاعِ الظَّنِّ وَقِيلَ: إِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَصَّهُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ قَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا وَقِيلَ: بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِلَخْ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْبُعْدِ (وَكَانَ) هُنَا نَاقِصَةٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْكَامِلِينَ (وَهَذَا) اسْمُهَا (وَالْقُرْآن) نَعْتٌ لَهُ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ (وَأَنْ يُفْتَرَى) بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ أَيِ افْتِرَاءً خَبَرُ (كَانَ) وَهُوَ فِي تَأْوِيلِ الْمَفْعُولِ أَيْ مُفْتَرًى كَمَا ذَكَرَهُ
ابْنُ هِشَامٍ فِي قَاعِدَةِ أَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يَكُونُ عَلَى تَقْدِيرٍ وَذَلِكَ الْمُقَدَّرُ عَلَى تَقْدِيرٍ آخَرَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ
لَعَمْرُكَ مَا الْفِتْيَانُ أَنْ تَنْبُتَ اللِّحَى
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُعْرِبِينَ أَنَّ (مَا كَانَ) بِمَعْنَى مَا صَحَّ وَإِنَّ فِي الْكَلَامِ لَامًا مُقَدَّرَةً لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ وَالْأَصْلُ مَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ لِأَنْ يُفْتَرَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (وَأَنْ يُفْتَرَى) خَبَرُ كَانَ (وَمِنْ دُونِ اللَّهِ) خَبَرٌ ثَانٍ وَهُوَ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ أَيْ مَا صَحَّ وَلَا اسْتَقَامَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقُرْآنُ الْمَشْحُونُ بِفُنُونِ الْهِدَايَاتِ الْمُسْتَوْجِبَةِ لِلِاتِّبَاعِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتُهَا هَاتِيكَ الْحُجَجُ الْبَيِّنَةُ النَّاطِقَةُ بِحَقِّيَّةِ التَّوْحِيدِ وَبُطْلَانِ الشِّرْكِ صَادِرًا مِنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَيْفَ كَانَ وَقِيلَ عَلَيْهِ مَا قِيلَ لَكِنَّهُ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَمَا قَالَهُ فِي مَحَلِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=38مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا ذُكِرَ فِي حَاصِلِ الْمَعْنَى أَمْرٌ مَقْبُولٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَجَوَّزَ الْبَدْرُ
[ ص: 117 ] الدَّمَامِينِيُّ أَنْ تَكُونَ (كَانَ) تَامَّةً (وَأَنْ يُفْتَرَى) بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنْ (هَذَا الْقُرْآنِ) وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَحْسُنُ قَطْعًا لِأَنَّ مَا وَجَدَ الْقُرْآنَ يُوهِمُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرَ نَفْيَ وُجُودِهِ وَأَيْضًا لَا بُدَّ مِنَ الْمُلَابَسَةِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي بَدَلِ الِاشْتِمَالِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُبْتَنَى الْكَلَامُ عَلَى الْمُلَابَسَةِ بَيْنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَالِافْتِرَاءِ وَفِي الْتِزَامِ كُلِّ مَا تَرَى وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا لَا أَرَاهُ مُثْبِتًا لِلْحُسْنِ أَصْلًا وَاقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَصْدَرِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلِهِ بِاسْمِ الْمَفْعُولِ اعْتِبَارًا لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ فِي زَيْدٌ عَدْلٌ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ الْمُبَالَغَةَ حِينَئِذٍ رَاجِعَةٌ إِلَى النَّفْيِ نَظِيرَ مَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ لَا أَنَّ النَّفْيَ رَاجِعٌ إِلَى الْمُبَالَغَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ: إِنَّ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْآيَةِ: وَمَا يَصِحُّ وَمَا اسْتَقَامَ وَكَانَ مُحَالًا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ فِي عُلُوِّ أَمْرِهِ وَإِعْجَازِهِ مُفْتَرًى رُبَّمَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ اللَّامِ إِذْ مُجَرَّدُ تَوْسِيطِ - كَانَ - لَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَالتَّعْبِيرُ بِالْمَصْدَرِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِتَأْكِيدِ مَعْنَى النَّفْيِ مِنَ النَّظَرِ ثُمَّ إِنَّهُمْ فِيمَا رَأَيْنَا لَمْ يَعْتَبِرُوا الْمَصْدَرَ هُنَا إِلَّا نَكِرَةً وَالْمَشْهُورُ اتِّفَاقُ النُّحَاةِ عَلَى أَنَّ أَنَّ وَالْفِعْلَ الْمُؤَوَّلَ بِالْمَصْدَرِ مَعْرِفَةٌ وَلِذَلِكَ لَا يُخْبَرُ بِهِ عَنِ النَّكِرَةِ وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيٍّ فِي الْخَاطِرِيَّاتِ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ نَكِرَةً وَذُكِرَ أَنَّهُ عَرَضَهُ عَلَى
أَبِي عَلِيٍّ فَارْتَضَاهُ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْآيَةَ بِأَنَّ أَنْ تُخَلِّصَ الْمُضَارِعَ لِلِاسْتِقْبَالِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ النَّحْوِيُّونَ وَالْمُشْرِكُونَ إِنَّمَا زَعَمُوا كَوْنَ الْقُرْآنِ مُفْتَرًى فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَكَيْفَ يَنْبَغِي كَوْنُهُ مُفْتَرًى فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا مُسْتَعْمَلٌ فِي مُطْلَقِ الزَّمَانِ وَقَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْفِعْلِ
ابْنُ الْحَاحِبِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ
الْبَدْرُ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِهِ لِمُغْنِي اللَّبِيبِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ وَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نُكْتَةَ الْعُدُولِ عَنِ الْمَصْدَرِ الصَّرِيحِ مَعَ أَنَّهُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي كَلَامِهِمْ عِنْدَ عَدَمِ مُلَاحَظَةِ أَحَدِ الْأَزْمِنَةِ نَحْوَ أَعْجَبَنِي قِيَامُكَ أَنَّ الْمَجَازَ أَبْلَغُ مِنَ الْحَقِيقَةِ وَقِيلَ: لَعَلَّ النُّكْتَةَ فِي ذَلِكَ اسْتِقَامَةُ الْحَمْلِ بِدُونِ تَأْوِيلٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْمَصْدَرِ الصَّرِيحِ وَالْمُؤَوَّلِ عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ شَارِحُ اللُّبَابِ وَغَيْرُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِمَا مَرَّتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ أَنْ وَالْفِعْلَ فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ فِي تَأْوِيلِ الْمَفْعُولِ
قِيلَ: وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا عَنْ أَصْلِ الْإِشْكَالِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا نَفَى فِي الْمَاضِي إِمْكَانَ تَعَلُّقِ الِافْتِرَاءِ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَكَوْنَهُ مَحَلًّا لِذَلِكَ فَيَنْتَفِي تَعَلُّقُ الِافْتِرَاءِ بِهِ بِالْفِعْلِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَفِي ذَلِكَ سُلُوكُ طَرِيقِ الْبُرْهَانِ فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ مَجَازٌ أَصْلِيٌّ أَوْ تَبَعِيٌّ وَقَدْ نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ عَلَى جَوَازِ كَوْنِ الْخَبَرِ مَحْذُوفًا وَأَنَّ التَّقْدِيرَ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ مُمْكِنًا أَنْ يُفْتَرَى وَقَالَ الْعَلَّامَةُ
ابْنُ حَجَرٍ: إِنَّ الْآيَةَ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ وَهُوَ طَلَبٌ لِلِافْتِرَاءِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ زَعْمِهِمْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ افْتَرَاهُ وَحَاشَاهُ فَسَيَأْتِي عِنْدَ حِكَايَةِ زَعْمِهِمْ ذَلِكَ فَلَا إِشْكَالَ عَلَى أَنَّ عُمُومَ تَخْلِيصِ أَنِ الْمُضَارِعَ لِلِاسْتِقْبَالِ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا عَدَا خَبَرَ كَانَ الْمَنْفِيَّةِ كَمَا يُرْشِدُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ نَزَلَ عَنِ اسْتِغْفَارٍ سَبَقَ مِنْهُمْ لِلْمُشْرِكِينَ كَمَا قَالَهُ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي ذَيْلِ فَتَاوِيهِ فَتَبَصَّرْ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=37وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ أَيْ مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَالْمُرَادُ مِنَ الْمَوْصُولِ الْجِنْسُ وَعَنَى بِالتَّصْدِيقِ بَيَانَ الصِّدْقِ وَهُوَ مُطَابَقَةُ الْوَاقِعِ وَإِظْهَارُهُ وَإِضَافَتُهُ إِمَّا لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ وَتَصْدِيقُ الْكُتُبِ لَهُ بِأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الْعَقَائِدِ الْحَقَّةِ مُطَابِقٌ لِمَا فِيهَا وَهِيَ مُسَلَّمَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَا عَدَاهُمْ إِنِ اعْتَرَفَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ .
[ ص: 118 ] وَفِي جَعْلِ الْإِضَافَةِ لِلْمَفْعُولِ مُبَالَغَةٌ فِي نَفْيِ الِافْتِرَاءِ عَنْهُ لِأَنَّ مَا يَثْبُتُ وَيَظْهَرُ بِهِ صِدْقُ غَيْرِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِالصِّدْقِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ مُصَدِّقًا لَهَا أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى نُزُولِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَمُشْتَمِلٌ عَلَى قَصَصِ الْأَوَّلِينَ حَسْبَمَا ذُكِرَ فِيهَا وَهُوَ مُعْجِزٌ دُونَهَا فَهُوَ الصَّالِحُ لِأَنْ يَكُونَ حُجَّةً وَبُرْهَانًا لِغَيْرِهِ لَا بِالْعَكْسِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=37الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ أَخْبَارُ الْغُيُوبِ وَالْإِضَافَةُ لِلْفَاعِلِ وَتَصْدِيقُهَا لَهُ مَجِيئُهَا عَلَى وَفْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَنَصْبُ التَّصْدِيقِ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى خَبَرِ - كَانَ – أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِكَانَ مُقَدَّرَةٍ وَقِيلَ: عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ أُنْزِلَ لِتَصْدِيقِ ذَلِكَ وَجَعْلُ الْعِلَّةِ هُنَا مَا ذُكِرَ مَعَ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْأُمُورَ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَقَامِ رَدِّ دَعْوَى افْتِرَائِهِ وَقِيلَ: نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ يُصَدِّقُ تَصْدِيقَ إِلَخْ وَقَرَأَ
عِيسَى بْنُ عَمْرٍو الثَّقَفِيُّ بِرَفْعِهِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَلَكِنْ هُوَ تَصْدِيقٌ إِلَخْ وَكَذَا قَرَأَ بِالرَّفْعِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَتَفْصِيلُ الْكِتَابِ) أَيْ مَا كُتِبَ وَأُثْبِتَ مِنَ الْحَقَائِقِ وَالشَّرَائِعِ وَالْعَطْفُ نَصْبًا أَوْ رَفْعًا عَلَى (تَصْدِيقُ) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=37لا رَيْبَ فِيهِ خَبَرٌ آخَرُ لِلَكِنْ أَوْ لِلْمُبْتَدَأِ الْمُقَدَّرِ وَفُصِّلَ لِأَنَّهُ جُمْلَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَا قَبْلَهَا وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إِلَيْهِ فَإِنَّهُ مَفْعُولٌ فِي الْمَعْنَى وَأَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافًا نَحْوِيًّا لَا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الْإِعْرَابِ أَوْ بَيَانِيًّا جَوَابًا بِالسُّؤَالِ عَنْ حَالِ الْكِتَابِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَالْمَعْنَى لَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ أَنْ يَرْتَابَ فِيهِ لِوُضُوحِ بُرْهَانِهِ وَعُلُوِّ شَأْنِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=37مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ 37 خَبَرٌ آخَرُ لِكَانَ أَوِ الْمُبْتَدَأِ الْمُقَدَّرِ كَمَا مَرَّ فِي سَابِقِهِ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِتَصْدِيقَ أَوْ بِتَفْصِيلُ أَوْ بِالْفِعْلِ الْمُعَلَّلِ بهمَا أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ حَالًا مِنَ الْكِتَابِ وَ (لَا رَيْبَ فِيهِ) اعْتِرَاضٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْفَصْلُ بِالْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ الْمُتَعَلِّقِ وَالْمُتَعَلَّقِ أَوِ الْحَالِ وَذْيهَا وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي (فِيهِ)