( فصل )
في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه وتوابع لذلك ( إذا ) إجماعا وبحث لم يقر اللقيط برقه فهو حر البلقيني تقييده بغير دار حرب لا مسلم فيها ولا ذمي ؛ لأن دار الحرب تقتضي استرقاق النساء والصبيان واعترض بأنها إنما تقتضي استرقاق هؤلاء بالأسر ومجرد اللقط لا يقتضيه وإذا حكم له بالحرية وبالإسلام فقتله حر مسلم أو غيره قتله به الإمام أو عفا على الدية لا مجانا ؛ لأنها لبيت المال وهو لا يجوز له التصرف عما يتعلق به على خلاف المصلحة نعم لو على ما نص عليه وصوبه بلغ اللقيط المحكوم بحريته وبإسلامه بالدار ولم يصف الإسلام لم يقتل به الحر الإسنوي لكن ظاهر الروضة وأصلها خلافه والقياس أن حد قاذفه إن أحصن وقاطع طرفه يجري فيهما ما ذكر في قتله وإن أمكن الفرق بأن القتل يحتاط له أكثر بخلافهما ومن ثم نص على أنه لا يحد قاذفه إلا إن قال اللقيط أنا حر ( إلا أن يقيم أحد بينة برقه ) فيعمل بها كما يأتي ( وإن أقر به ) أي الرق وهو المكلف وعن ابن عبد السلام ما يقتضي اعتبار رشده أيضا .
[ ص: 357 ] وظاهر كلامهم خلافه لشخص ( فصدقه ) ولو بسكوته عن تكذيبه ؛ لأن فيه تصديقا له ( قبل إن لم يسبق إقراره ) أي اللقيط ويصح عوده على كل منه ومن المقر له إذ لو أقر إنسان بحريته فأقر اللقيط له به لم يقبل وإن صدقه كما هو واضح ( بحرية ) كسائر الأقارير بخلاف ما إذا كذبه وإن صدقه بعد أو سبق إقراره بالحرية وهو مكلف ؛ لأنه به التزم أحكام الأحرار المتعلقة بحقوق الله والعباد فلم يقدر على إسقاطها وإنما قبل إقرارها بالرجعة بعد إنكارها ؛ لأن الأصل عدم انقضاء العدة مع تفويض الشرع أمر انقضائها إليها والإقرار بالرق مخالف لأصل الحرية الموافق للإقرار السابق ولا يرد على المتن ما لو أقر به لزيد فكذبه فأقر به لعمرو فصدقه فلا يقبل وإن لم يسبق منه إقرار بحرية ؛ لأن إقراره الأول يتضمن نفي الملك لغيره وقد بطل ملكه برده فصار حر الأصل والحرية يتعذر إسقاطها لما مر ولو فإن كانت صيغة إنكاره لست برقيق لك قبل أو لست برقيق فلا لتضمنه الإقرار بأنه حر الأصل ولو أقر بالرق لمعين ثم بحرية الأصل لم تسمع لكن إن كان حال الإقرار الأول رشيدا على ما مر ( والمذهب أنه لا يشترط ) في صحة الإقرار بالرق ( أن لا يسبق منه تصرف يقتضي نفوذه حرية كبيع ونكاح بل يقبل إقراره في أصل الرق وأحكامه ) الماضية المضرة به و ( المستقبلة ) فيما له كما يقبل أنكر رقه فادعى عليه به وحلف ثم أقر به له وعليه كسائر الأقارير . إقرار المرأة بالنكاح وإن تضمن ثبوت حق لها
نعم لو لم ينفسخ نكاحه وتسلم له تسليم الحرائر [ ص: 358 ] ويسافر بها بلا إذن وتعتد عدتهن لنحو طلاق وعدة الإماء لموت وولدها قبل إقرارها حر وبعده رقيق وذلك ؛ لأن النكاح كالمقبوض المستوفى ولهذا لا ينفسخ نكاح أمة بطرو نحو يسار ( و ) في الأحكام ( الماضية المضرة بغيره ) فلا يقبل إقراره بالنسبة إليها ( في الأظهر ) كما لا يقبل الإقرار على الغير بدين مثلا وتقبل البينة برقه مطلقا وعلى الأظهر ( فلو لزمه دين فأقر برق وفي يده مال قضي منه ) ثم إن فضل شيء فللمقر له [ ص: 359 ] وإلا اتبع بما بقي بعد عتقه ( ولو ادعى رقه من ليس في يده بلا بينة لم يقبل ) قطعا ؛ لأن الأصل والظاهر الحرية فلا تترك إلا بحجة بخلاف النسب لما فيه من الاحتياط والمصلحة ( وكذا إن ادعاه الملتقط ) بلا بينة فلا يقبل ( في الأظهر ) لما ذكر وبه فارق ما قاس عليه المقابل من دعواه أقرت متزوجة بالرق والزوج ممن لا تحل له الأمة إذ ليس في دعواه تغيير صفة للعلم بمملوكيته له أو لغيره ثم يستمر بيده عند مالا التقطه ولا منازع له . المزني
ويجب انتزاعه منها عند الماوردي لخروجه بدعوى رقه عن الأمانة وربما استرقه بعد وأيده الأذرعي بقول العبادي لو أخرجت الوصية عن يده لئلا يأخذها إلا أن يبرأ ونظر ادعى الوصي دينا على الميت الزركشي في تعليل الماوردي بأنه لم يتحقق كذبه حتى يخرج عن الأمانة ويرد بأن اتهامه صيره كغير الأمين ؛ لأن يده صارت مظنة الإضرار باللقيط نعم قياس العبادي أنه لو أشهد أنه حر الأصل بقي بيده