( ولو ( لم ينقطع الوقف على المذهب ) وإن امتنع وقفها ابتداء لقوة الدوام ( بل ينتفع بها جذعا ) بإجارة وغيرها فإن تعذر الانتفاع بها إلا باستهلاكها انقطع [ ص: 282 ] أي : ويملكها الموقوف عليه حينئذ على المعتمد وكذا جفت الشجرة ) الموقوفة ، أو قلعها نحو ريح ، أو زمنت الدابة هذا إن أكلت إذ يصح بيعها للحمها بخلاف غيرها الدابة الزمنة بحيث صار لا ينتفع بها
( وقيل تباع ) لتعذر الانتفاع كما شرطه الواقف ( والثمن ) الذي بيعت به على هذا الوجه ( كقيمة العبد ) فيأتي فيه ما مر وأفتيت في بأن الناظر يبيعها ثم فيه يشتري بثمنها مثلها فإن كان إقراضها أصلح لهم لم يبعد تعينه ( ، والأصح جواز ثمرة وقفت للتفرقة على صوام رمضان فخشي تلفها قبله ) ، أو أشرفت على الانكسار ( ولم تصلح إلا للإحراق ) لئلا تضيع فتحصيل يسير من ثمنها يعود على الوقف أولى من ضياعها واستثنيت من بيع الوقف ؛ لأنها صارت كالمعدومة ويصرف ثمنها لمصالح المسجد إن لم يكن شراء حصير أو جذوع به وأطال جمع في الانتصار للمقابل أنها تبقى أبدا نقلا ومعنى ، والخلاف في الموقوفة ولو بأن اشتراها الناظر ووقفها بخلاف المملوكة للمسجد بنحو شراء فإنها تباع جزما وخرج بقوله ولم تصلح إلخ ما إذا أمكن أن يتخذ منه نحو ألواح فلا تباع قطعا بل يجتهد الحاكم ويستعمله فيما هو أقرب لمقصود الواقف قال بيع حصر المسجد إذا بليت وجذوعه إذا انكسرت السبكي حتى لو أمكن استعماله بإدراجه في آلات العمارة امتنع بيعه فيما يظهر وقد تقوم قطعة جذع مقام آجرة ، والنحاتة مقام التراب ويختلط به أي : فيقوم مقام التبن الذي يخلط به الطين [ ص: 283 ] وأجريا الخلاف في دار منهدمة أو مشرفة على الانهدام ولم تصلح للسكنى وأطال جمع في رده أيضا وأنه لا قائل بجواز بيعها من الأصحاب ويؤيد ما قالاه نقل غير واحد الإجماع على أن جاز بيعه على أن بعضهم أشار للجمع بحمل الجواز على نقضها ، والمنع على أرضها ؛ لأن الانتفاع بها ممكن فلا مسوغ لبيعها الفرس الموقوف على الغزو إذا كبر ولم يصلح له
( ولو انهدم مسجد وتعذرت إعادته لم يبع بحال ) لإمكان الانتفاع به حالا بالصلاة في أرضه وبه فارق ما مر في الفرس ونحوه ولا ينقض إلا إن خيف على نقضه فينقض ويحفظ ، أو يعمر به مسجد آخر إن رآه الحاكم ، والأقرب إليه أولى لا نحو بئر ، أو رباط قال جمع إلا إن تعذر النقل لمسجد آخر وبحث الأذرعي تعين مسجد خص بطائفة خص بها المنهدم إن وجد وإن بعد والذي يتجه ترجيحه في أخذا مما مر في نقضه أنه إن توقع عوده حفظ له وإلا صرف لمسجد آخر فإن تعذر صرف للفقراء كما يصرف النقض لنحو رباط [ ص: 284 ] ريع وقف المنهدم
أما غير المنهدم فما فضل من غلة الموقوف على مصالحه فيشترى له بها عقار ويوقف عليه بخلاف الموقوف على عمارته يجب ادخاره لأجلها أي : إن توقعت عن قرب كما أشار إليه السبكي ويظهر ضبطه بأن تتوقع قبل عروض ما يخشى منه عليه وإلا لم يدخر منه شيء لأجلها ؛ لأنه يعرضه للضياع ، أو لظالم يأخذه أي وحينئذ يتعين أن يشتري به عقارا له وإن أخرجه شرطه لعمارته للضرورة حينئذ وعليه ينبغي تعين صرف غلة هذا للعمارة إن وجدت ؛ لأنه أقرب إلى غرض الواقف المشترط له على عمارته فإن لم يحتج لعمارة فإن أمن عليها حفظها وإلا صرفها لمصالحه لا لمطلق مستحقيه ؛ لأن المصالح أقرب إلى العمارة ، ولو فعل الناظر أحدهما ، أو أجرها لذلك وقف أرضا للزراعة فتعذرت وانحصر النفع في الغرس أو البناء
وقد أفتى البلقيني في بأنه يجوز إذا ظهرت المصلحة ولم يخالف شرط الواقف انتهى فإن قلت هذا مخالف لشرط الواقف فإن قوله لتزرع حبا متضمن لاشتراط أن لا تزرع غيره قلت من المعلوم أنه يغتفر في الضمني ما لا يغتفر في المنطوق به على أن الفرض في مسألتنا أن الضرورة ألجأت إلى الغرس أو البناء ، ومع الضرورة تجوز مخالفة شرط الواقف للعلم بأنه لا يريد تعطيل وقفه وثوابه ومسألة أرض موقوفة لتزرع حبا فآجرها الناظر لتغرس كرما البلقيني ليس فيها ضرورة فاحتاجت للتقييد بعدم مخالفة شرط الواقف .