كما هو ظاهر ( لا حريم لها ) إذ لا مرجح لها على غيرها نعم أشار ( والدار المحفوفة بدور ) أو شارع بأن أحيي الكل معا أي أو جهل البلقيني واعتمده غيره إلى أن كل دار لها حريم أي في الجملة ، قال وقولهم هنا لا حريم لها أرادوا به غير الحريم المستحق أي وهو ما يتحفظ به عن يقين الضرر ( ويتصرف كل واحد ) من الملاك ( في ملكه على العادة ) وإن أضر جاره كأن سقط بسبب حفره المعتاد جدار جاره أو تغير بحشه بئره ؛ لأن المنع من ذلك ضرر لا جابر له ( فإن تعدى ) في تصرفه بملكه العادة ( ضمن ) ما تولد منه قطعا أو ظنا قويا كأن شهد به خبيران كما هو ظاهر لتقصيره ( والأصح أنه يجوز أن يتخذ داره المحفوفة بمساكن حماما وإصطبلا ) وطاحونا وفرنا ومدبغة ( وحانوته في البزازين حانوت حداد ) وقصار ( إذا احتاط وأحكم الجدران ) إحكاما يليق بما يقصده بحيث يندر تولد خلل منه في أبنية الجار ؛ لأن في منعه إضرارا به .
واختار جمع المنع من كل مؤذ لم يعتد والروياني أنه لا يمنع إلا إن ظهر منه قصد التعنت والفساد وأجرى ذلك في نحو إطالة البناء وأفهم المتن أنه يمنع مما الغالب فيه الإخلال بنحو حائط الجار كدق عنيف يزعجها وحبس ماء بملكه تسري نداوته إليها قال الزركشي والحاصل منع ما يضر الملك دون المالك ا هـ . واعترض بما مر في قولنا ولا يمنع من حفر بئر بملكه ويرد بأن ذاك في حفر معتاد وما هنا في تصرف غير معتاد فتأمله ، ثم [ ص: 210 ] رأيت بعضهم نقل ذلك عن الأصحاب فقال قال أئمتنا وكل من الملاك يتصرف في ملكه على العادة ولا ضمان إذا أفضى إلى تلف ومن قال يمنع مما يضر الملك دون المالك محله في تصرف يخالف فيه العادة لقولهم لو لم يضمن ما لم يخالف العادة في توسعة البئر أو تقريبها من الجدار أو تكن الأرض خوارة تنهار إذا لم تطو فلم يطوها فيضمن في هذه كلها ويمنع منها لتقصيره ، ولو حفر بملكه بالوعة أفسدت ماء بئر جاره أو بئرا نقصت ماءها منع الثاني منه ، قيل والفرق ظاهر ا هـ وكأنه أن الأول استحق حريما لبئره قبل حفر الثاني فمنع لوقوع حفره في حريم ملك غيره ولا كذلك فيما مر ولو اهتز الجدار بدقه وانكسر ما علق فيه ضمنه إن سقط حالة الضرب وإلا فلا قاله حفر بئرا في موات فحفر آخر بئرا بقربها فنقص ماء بئر الأول العراقيون وقال القاضي لا يضمن مطلقا ويظهر على الأول أن سقوطه عقب الضرب بحيث ينسب إليه عادة كسقوطه حالة الضرب بل قد يقال إن مرادهم بحالة الضرب ما يشمل ذلك ( تنبيه )
ينبغي أن يستثنى من قولهم لا يمنع مما يضر المالك ما لو تولد من الرائحة مبيح تيمم كمرض فإن الذي يظهر أنه إن غلب تولده وإيذاؤه المذكور منع منه وإلا فلا .