الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويستلم الحجر ) الأسود أو محله لو أخذ أو نقل منه بعد أن يستقبله ( أول طوافه ) بيده [ ص: 84 ] واليمين أولى ولا يقبلها مع القدرة على تقبيل الحجر كما أفهمه كلامهما كالأصحاب لكن الذي نص عليه وصرح به ابن الصلاح وتبعه جمع ؛ لأنه الذي دلت عليه الأخبار أنه يقبلها مطلقا ، فإن شق فبنحو خشبة أي في اليمنى ثم اليسرى نظير ما يأتي ( ويقبله ( أي الحجر الأسود ويضع جبهته عليه في الطواف ) ) للاتباع فيهما متفق عليه ويكره إظهار صوت لقبلته ( ويضع جبهته عليه ) للاتباع رواه الحاكم وصححه ويسن تكرير كل من الثلاثة ثلاثا والأفضل أن يسلم ثلاثا متوالية ثم يقبل كذلك ثم يسجد كذلك ولا يسن شيء من ذلك لامرأة أو خنثى إلا عند خلو المطاف من الرجال والخناثى ولو نهارا .

                                                                                                                              ويظهر أنه يكفي خلوه من جهة الحجر فقط بأن تأمن مجيء [ ص: 85 ] ونظر رجل غير محرم حالة فعلها ذلك ( فإن عجز ) عن التقبيل والسجود أو عن السجود فقط لنحو زحمة ويظهر ضبط العجز هنا بما يخل بالخشوع من أصله له أو لغيره ، وإن ذلك هو مرادهم بقولهم لا يسن استلام ولا ما بعده في مرة من مرات الطواف إن كان بحيث يؤذي أو يتأذى .

                                                                                                                              ( استلم ) أي اقتصر على الاستلام في الأولى أو عليه وعلى التقبيل في الثانية ثم قبل ما استلم به من يده أو غيرها للاتباع رواه مسلم وروى الشافعي وأحمد رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة وإلا فهلل وكبر } ويؤخذ منه أنه يندب لمن لم يتيسر له الاستلام خصوص التهليل والتكبير ، وهو واضح ، وإن لم يصرحوا به بل هذا أولى من كثير من أذكار استحبوها مع عدم ورودها عنه صلى الله عليه وسلم أصلا ( فإن عجز ) عن استلامه بيده وبغيرها ( أشار ) إليه ( بيده ) اليمنى فاليسرى فما في اليمنى فما في اليسرى للاتباع رواه البخاري ثم قبل ما أشار به وخرج بيده فمه فتكره الإشارة به للتقبيل لقبحه ويظهر في الإشارة بالرأس أنه خلاف الأولى ما لم يعجز عن الإشارة بيديه وما فيهما فيسن به ثم بالطرف كالإيماء في الصلاة وينبغي كراهتها بالرجل بل صرح الزركشي بحرمة مد الرجل للمصحف فقد يقال إن الكعبة مثله لكن الفرق أوجه ( ويراعى ذلك ) المذكور كله مع تكرره ثلاثا وكذا ما يأتي في اليماني وكذا الدعاء الآتي ( في كل طوفة ) لما صح { أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر الأسود في كل طوفة } ، وهو في الأوتار آكد وآكدها الأولى والأخيرة ، وبحث بعضهم أن طواف سبعة أسابيع بتقبيل الحجر واستلام اليماني أفضل من عشرة خالية عن ذلك [ ص: 86 ] واستدل بحديث فيه أن { من طاف أسبوعا حاسرا بعض طوفه ويقارب خطاه ولا يلتفت ويستلم الركن في كل شوط من غير أن يؤذي أحدا كتب له وذكر من الثواب ما لا يقدر قدره } والعهدة فيه عليه ؛ لأنه عبر بروي ولم يبين من رواه على أن قوله حاسرا لا يوافق قضية مذهبنا أنه يكره كالصلاة وبفرض وروده فاستدلاله به لما ذكر عجيب .

                                                                                                                              التالي السابق



                                                                                                                              الخدمات العلمية