ص ( باب ) الإيداع توكيل بحفظ مال ش قال ابن عرفة : الوديعة بمعنى الإيداع نقل مجرد حفظ ملك ينقل ، فيدخل إيداع الوثائق بذكر الحقوق ويخرج حفظ الإيصاء والوكالة ; لأنهما لأزيد منهما وحفظ [ ص: 251 ] الربع وقول ابن الحاجب كابن شاس تابعين للغزالي استنابة في حفظ مال كخروجه ويبطل عكسه ما دخل وطرده ما خرج وبمعنى لفظها متملك : نقل مطلق حفظه ، ينقل ، وهو المستعمل في عرف الفقهاء ولا يتناوله لفظ ابن شاس انتهى . وقوله ينقل صفة لقوله متملك ولو قدم إليه لكان أبين ويدخل في حده استئجار حارس لمتاع ، ونحوه وإخراجه حفظ الربع من الوديعة غير ظاهر قال في كتاب الهبة من المدونة وإذا قلت قبضت وبعت في الأرض الغائبة لم يكن حوزا وذلك كالإشهاد على الإقرار بالحوز إلا أن يكون له في يديك أرض أو دار أو رقيق بكراء أو عارية أو وديعة ، وذلك ببلد آخر فوهبك ذلك ، فإن قولك قبلت حوز انتهى . وبهذا رد الوانوغي على ابن عرفة فقال هذا ينقض قول ابن عرفة في مختصره ردا على أن حفظ الربع ونحوه مما لا ينتقل يبطل طرد حد ابن الحاجب قال : ودعوى اللف والنشر في هذا المقام بعيد ا هـ . ابن الحاجب
وقال المشذالي وجه النقض على ابن عرفة بمسألة المدونة ; لأن ظاهر قوله أو وديعة راجع إلى الأرض وما ذكر معها فصح كون الربع عنده مما يصح إيداعه ، فبطل اشتراط كون المودع مما ينقل ، فيكون إذ ذاك مراد الدخول لا مراد الخروج ، وأما قوله ، ودعوى الرد إلى آخره ، فهو استبعاد لدفع مقدر تقديره أن يقال لا نسلم صحة النقض ، وقولكم إن وديعة راجع للجميع ممنوع ، بل الكلام فيه لف ونشر فقوله عارية راجع إلى الأرض وقوله أو وديعة راجع إلى الرقيق وقال المشذالي وهذا ، وإن كان ممكنا إلا أنه بعيد كما قال لكونه على خلاف الظاهر ولا دليل يصرف عنه ، فوجب الوقوف عنده انتهى . ولم يذكر أحد إخراج العقار من والله أعلم وحكمها قال حكم الوديعة ابن عرفة : هي من حيث ذاتها للفاعل والقابل مباحة ، وقد يعرض وجوبها كخائف فقدها لموجب هلاكه أو فقده إن لم يودعها مع وجود قابل لها يقدر على حفظها وحرمتها كمودع شيء غصبه ، ولا يقدر القابل على جحدها أو ردها لربها أو للفقراء إن كان المودع مستغرق الذمة ولذا ذكر عياض في مداركه عن بعض الشيوخ أن من قبل وديعة من مستغرق ذمة ، ثم ردها إليه ضمنها للفقراء من سأل قبول وديعة ليس عليه قبولها ، وإن لم يوجد غيره ( قلت ) : ما لم يتعين عليه قبولها بهلاكها إن لم يقبلها مع قدرته على حفظها كرفقة فيها من يحترمه من أغار عليها أو ذي حرمة بحاضرة تعرض ظالم لبعض أهلها وندبها حيث يخشى ما يوجبها دون تحققه وكراهتها حيث يخشى ما يحرمها دون تحققه انتهى ، وانظر الذخيرة وفي مسائل ابن شعبان القابسي من البرزلي عن ابن المميسي أنه أتاه رجل من جيرانه يشاوره أن أحد هؤلاء القوم يعني الولاة أو الغصاب أراد أن يستودعه مائة دينار وذكر أنه لا يجد منه بدا فقال له ابن المميسي يا أخي إن كنت تقدر على غرمها فتأخذها منه وتتصدق بها على المساكين فإن سألك فيها غرمتها له ، ثم ذكر له أن أصحاب سئلوا في كائنة سحنون تونس أن رجلا ذهب له فيها شيء ، وذهب له فيها ذهب وثوب ديباج فرآه يوما في يد جندي فلم يشك أنه ثوبه فاشتراه منه بسبع دنانير ، ثم مضى بالثوب ، فلما فتحه إذا هو غير ثوبه ، ثم قال : فرجع إلى الجندي فقال : يا هذا إنما ظننت أنه ثوبي ، فلذلك اشتريته فقال له لا عليك ورد الجندي يده إلى منطقته فصب منها دنانير فعد منها سبعة فأعطاها له وانصرف قال : فلم يختلف عليه أحد من أصحاب أن عليه أن يتصدق بالدنانير وبقيمة الثوب أيضا قال الشيخ : ; لأنه رد الثوب إلى غير مالكه انتهى . سحنون
( فرع ) : قال يجب حفظ الوديعة من التلف ، ولو أذن ربها في التلف ، ويضمن إن فعل ابن سلمون : وفي كتاب الاستغناء إذا قال رب الوديعة للمودع : ألقها في البحر أو في النار ففعل فهو ضامن للنهي عن إضاعة المال كمن قال لرجل اقتلني أو ولدي انتهى .
ولا شك في [ ص: 252 ] الحرمة ، وأما وجوب الضمان ففيه نظر ، والظاهر دخول الخلاف فيه لإذن المالك في ذلك كمن أذن لرجل في قطع يده .
( فرع ) : قال في كتاب الغصب من المدونة ، فليس لربه تضمين المودع إلا أن يتعدى انتهى . ومن غصب شيئا ، ثم أودعه ، فهلك عند المودع