ص ( لا المساوي والأقرب )
ش : تصوره ظاهر ( مسألة ) ، فقام باقي الورثة على المشتري ، فذكروا أن البيع ليس بصحيح ، وأنه لم يدفع فيه ثمنا وأنه توليج من الأب إليه ، فلا وجه لدعواهم عليه ، ولا يمين عليه إلا أن يثبتوا أن الأب كان يميل إليه ، فتتعلق اليمين عليه ( تنبيه ) : قالوا ولو شهدت البينة بمعاينة القبض لم تترتب يمين على الابن ، وإن شهدت البينة بميل الأب إليه وانحرافه عن سائر ولده ، وإن كان الأب أقر بعد ذلك بالتوليج لم يضر ذلك الابن انتهى . من معين الحكام وفي وثائق : من باع من بعض ولده دارا أو ملكا وذكر في العقد أنه باعه ذلك بيعا صحيحا بثمن قبضه الغرناطي ولا يثبت التوليج إلا بإقرار المولج إليه انتهى من المسائل الملقوطة .
( فرع ) : في حكم من أقر بشيء في صحته لبعض ورثته فيقدم المقر له بعد موت المقر ويقيم البينة على الإقرار قال في رسم البراءة من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح وسألته عن قال ذلك له إذا أقر به في الصحة امرأة كانت أو ولدا فما أقر له به في الصحة فذلك له الرجل يقر لولده ولامرأته ولبعض من يرثه بدين في الصحة ، ثم يموت الرجل بعد سنين فيطلب الوارث الدين الذي أقر له به ابن رشد هذا هو المعلوم من قول ابن القاسم وروايته عن المشهور في المذهب ، ووقع في المبسوط مالك لابن كنانة والمخزومي وابن أبي حازم ومحمد بن مسلمة أنه لا شيء له وإن أقر له في صحته إذا لم يقم عليه بذلك بينة حتى هلك إلا أن يعرف سبب ذلك عسى أن يكون قد باع له أصلا أو أخذ من موروث أمه شيئا فإن عرف ذلك وإلا فلا شيء له ، وهو قول له وجه من النظر ; لأن الرجل يتهم أن يقر بدين في صحته لمن يثق به من ورثته على أن لا يقوم به حتى يموت فيكون وصية لوارث وبالله التوفيق انتهى . وقال في آخر سماع من كتاب الوصايا : وسئل عن أصبغ قال : لا كلام للعم قلت أرأيت إن طلب منها اليمين أن ذلك كان توليجا ؟ قال الرجل يموت فيترك عمه وأمه وتقوم الأم بدين لها كان أقر لها به في الصحة أما في الحكم فلا يلزمها قال أصبغ ابن رشد : هذا هو المشهور في المذهب أن جائز وإن لم يقم به إلا بعد موته وقال إقرار الرجل لوارثه بالدين في الصحة : يجوز له إقراره لها في حياته ، ولا يجوز له بعد وفاته إلا أن يعرف لذلك سبب مثل أن يكون باع له رأسا أو أخذ له موروثا وبه قال ابن كنانة المخزومي وابن أبي حازم ومحمد بن مسلمة وقول في اليمين إنها لا تلزمها في الحكم يريد من أجل أنها يمين تهمة فقوله على القول بسقوط يمين التهمة والأظهر في هذه المسألة لحوق اليمين مراعاة لقول من لم يعمل الإقرار بعد الموت والله أعلم ا هـ . أصبغ
وصرح ابن سلمون بلزوم اليمين إن ثبت ميل الميت للمقر له ذكره في فصل التصيير في ترجمة البيوع ومثل ما إذا صير الأب لابنه دارا أو عرضا في دين أقر به له فإن كان يعرف سبب ذلك الدين جاز له التصيير سواء كان في الصحة أو في المرض ، وإن لم يعرف أصله فحكمه حكم الإقرار بالدين فإن كان في الصحة ، ففيه قولان ( أحدهما ) : إنه نافذ ويأخذه من [ ص: 222 ] تركته في الموت ويحاص به الغرماء ، وهو قول الإقرار بالدين ابن القاسم في المدونة والعتبية قال المتيطي وعليه العمل ( والثاني ) : أنه لا يحاص به الغرماء ، ولا يأخذه من التركة وهو قول المدنيين انتهى من ابن سلمون فتحصل من هذا أن بشيء إذا قام به المقر له بعد موت المقر وشهدت به البينة فإن كان يعرف وجه ذلك أو سبب يدل عليه جاز ذلك وسواء كان الإقرار في الصحة أو في المرض وإن لم يعرف وجهه ، ولا سببه وكان الإقرار في الصحة ففيه قولان : الإقرار للوارث
( أحدهما ) : إنه نافذ ويؤخذ من تركته في الموت ويحاص به الغرماء في الفلس وهو قول ابن القاسم في المدونة والعتبية ( والثاني ) : أنه لا يحاص به الغرماء في الفلس ، ولا يأخذه من التركة في الموت وهو قول المدنيين للتهمة عندهم قال ابن رشد : لا يحاص به على قول ابن القاسم إلا مع الدين الذي استدانه بعد الإقرار ، وأما القديم قبل الإقرار فإن ثبت ميله إليه ، فيلزم المقر له اليمين على صحة ترتب ذلك قبله ، واختار ابن رشد إبطال الإقرار بالدين مراعاة لقول المدنيين والله أعلم ( مسألة ) ، فذلك توليج كما صرح به في رسم الشجرة من سماع وإن ولاه ما اشتراه بثمن كثير بثمن يسير أو أشهد أنه باعه منزله بشيء يسير ، وهو يساوي شيئا كثيرا ابن القاسم من كتاب الصدقات والهبات وفي رسم كتب عليه ذكر حق وفي سماع الثاني الواقع بعد سماع أصبغ أبي زيد منه واختلف بعد ذلك هل يبطل ذلك مطلقا ؟ وهو قول ; لأنه لم يسم هبة فيكفي فيه الحوز وعزاه أصبغ لابن القاسم أو يكون كالهبة إن حازه الأب له جاز ، وهو قول وغيره ، وأما إذا أقر له بشيء في يده من مال أو متاع فحكمه حكم الهبة قال مالك ابن رشد : في أول رسم من سماع من كتاب الوصايا إقرار الرجل بما في يديه من الدور والمتاع التي لا يعرف ملكه لها إنها لابنه من ميراثه في أمه كإقراره له في مرضه بالدين من ذلك لا يجوز إلا أن يشبه قوله ويعرف وجه إقراره أنه كان لأمه من المال نحو ما أقر به ، وكذلك في كتاب أصبغ ابن المواز إن لا يقبل منه إلا أن يكون لذلك وجه أو سبب يدل ، وإن لم يكن قاطعا ، ولو كانت الدور التي أقر أنها لابنه من ميراثه في أمه يعرف ملكه لها لم يجز إقراره لابنه بها في مرضه على حال ، ولو أقر له بها في صحته لكان إقراره له بها كالهبة تصح له إن حازها بيد تحويز الآباء لمن يلزمهم من الأبناء على ما في رسم الشجرة من سماع أقر الرجل في مرضه بالدين لابنه ابن القاسم من كتاب الصدقة والهبة وفي غيره من المواضع خلاف قول في سماعه منه انتهى . أصبغ
يعني أن يقول : لا يصح ذلك للابن ، ولو حازه الأب ; لأنه لم يسمه هبة وقال أصبغ ابن رشد في آخر رسم الوصايا من سماع من كتاب الوصايا إقرار الرجل في صحته أو في مرضه بما يعرف ملكه له من شيء بعينه أنه لفلان وفلان وارث أو غير وارث يجري مجرى الهبة والصدقة ، ويحل محلها ، ويحكم له بحكمها إن حاز ذلك المقر له به في صحة المقر جاز له ، وإلا لم يجز هذا مما لا اختلاف فيه أحفظه إلا أن يكون أقر له بذلك على سبيل الاعتذار ، فلا يلزمه حسبما مضى القول فيه في رسم البز من سماع أشهب ابن القاسم من كتاب الصدقات والهبات وفي رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الدعوى ، والصلح وانظر نوازل ابن رشد في مسائل البيوع والمشذالي في آخر البيوع الفاسدة وأحكام ابن سهل ، وقال البرزلي في كتاب الإقرار ما نصه عن نوازل ابن الحاج من هو كالهبة إن قام في صحته أخذه وإن قام في مرضه أو بعد موته هو ميراث قال أقر بمال في يده أنه لرجل البرزلي : قلت : الأظهر أنه بمنزلة إذا ، وقد مرت قبل هذا ، وهذا إذا لم يذكر سببا انتهى . قال رجل أو وجد بخطه لفلان قبلي كذا وثبت إقراره أو خطه بلفظه قبلي
وله نحو ذلك في مسائل الهبة يشير إلى ما قدمه في مسائل القراض وفي مسائل البيوع عن نوازل ابن الحاج أيضا ونصه إذا قال [ ص: 223 ] لرجل أو وجد بخطه لفلان قبلي كذا وثبت إقراره أو خطه فلفظة قبلي محتملة أن يكون أوجب له قبله هبة أو صدقة فموته أو فلسه قبل القبض يبطلها بعد الاستظهار بيمين الورثة في الموت لا يعلمون موروثهم تصدق عليه ، ولا أوجبها قبله ولا أعلمهم بذلك ، ويحتمل أن يكون لفظة قبلي يستوجب بها الحكم بالدين ، وينبغي أن ينظر في حال الرجلين ، فإن قال قبلي من سلف أو معاملة ، فلا إشكال في لزومه هنا انتهى .
( مسألة ) : قال القرافي في قواعده في الفرق الثاني والعشرين بعد المائتين : إذا أقر الوارث أن ما تركه أبوه ميراث بينهم على ما عهد في الشريعة ، وعلى ما يحمل عليه الديانة ، ثم جاء بشهود أخبروه أن أباهم أشهده أنه تصدق عليه في صغره بهذه الدار وحازها له أو أقر أنه ملكها عليه بوجه شرعي ، فإنه إذا رجع عن إقراره بأن التركة كلها موروثة إلا هذه الدار المشهود له بها دون الورثة ، واعتذر بإخبار البينة له وأنه لم يكن عالما بذلك بل أقر بناء على العادة ، ومقتضى ظاهر الشريعة أنه تسمع دعواه ، ويقبل عذره ويقيم بينته ولا يكون إقراره السابق مكذبا للبينة وقادحا فيها ; لأن هذا عذر عادي يسمع مثله انتهى كلام القرافي بلفظه . وسلمه ابن الشاط وانظر ما قاله القرافي مع ما نقله في النوادر عن في كتاب ابنه في أواخر كتاب الدعوى والبينات في ترجمة المدعي يكذب بينته ونصه ومن كتاب سحنون وسأله ابن سحنون شجرة عمن قال ادعى دارا بيد امرأة ابنه أنها لابنة تركها بين ورثته وسماهم ، ثم جاء ببينة أخرى أن أباه أشهد له في صحته بنصفها صيره إليه في حق له قبله من قبل ميراثه لأمه ، وذلك عند مخرجه إلى الحج ، ثم رجع فسكنها حتى مات ، فقال له الحاكم قد ادعيتها أولا ميراثا والآن لنفسك قال لم أعلم بهذه البينة الأخيرة : لا يقبل منه يريد ; لأنه كذب بينته بدعواه الأولى انتهى . سحنون
فعلل عدم قبول دعواه الثانية بأنه كذب بينته بدعواه الأولى فتأمله مع ما قاله القرافي والله أعلم .