ص ( فيحرم ولي عن رضيع وجرد قرب الحرم )
ش : يعني فبسبب أنه لا يشترط في صحة الحج والعمرة إلا الإسلام صح ولو كان رضيعا ; لأنه محكوم له بالإسلام وكذلك المجنون المطبق ، وهذا هو مذهب المدونة وهو المشهور في المذهب . وفي الموازية لا يحج بالرضيع وأما ابن أربع سنين أو خمس فنعم ، قال الإحرام بالحج والعمرة عن الصبي اللخمي : وعلى قوله هذا فلا وكأنه فهم كلام الموازية على المنع ; ولذا قال يحج بالمجنون المطبق . ابن عرفة : وفي صحته يعني الإحرام لغير المميز قولان لها وللخمي مع رواية يحج بابن أربع لا برضيع وفي المجنون قولان لها ولتخريج ابن وهب اللخمي على الصبي وقول الباجي : عدم العقل يمنع صحته خلاف النص ونقله ابن عبد السلام له عن بعض شارحي الموطإ من المتأخرين تعمية أو قصور ، انتهى .
وقال في التوضيح : وحمل عياض قوله في الموازية لا يحج بالرضيع على كراهة ذلك لا منعه ابن عبد السلام ووقع في كلام بعض شارحي الموطإ من المتأخرين أن الحج لا يصح من المجنون نفلا ولا فرضا وهو خلاف نص المدونة ، انتهى كلام التوضيح ، وكلام ابن عبد السلام المتقدم ذكره في [ ص: 476 ] شرح قول . وأما المميز والعبد فعن أنفسهما وإنما نبهت على هذا ; لأن ابن الحاجب الشيخ في التوضيح نقله في غير هذا الموضع وقال ابن عبد السلام في شرح قول : يجب بالإسلام إلى آخره بعد أن ذكر كلام الموازية قال ابن الحاجب الباجي : هو على الاستحباب ، انتهى . فهذا تصريح من ابن عبد السلام عن الباجي أنه حمل الموازية على الاستحباب ، ويعني به أن ترك الإحرام بالرضيع مستحب ، والله أعلم .
والأصل في الحج بالصغير ما رواه في الموطإ { مالك } رواه أنه صلى الله عليه وسلم مر بامرأة وهي في محفتها فقيل لها : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بضبعي صبي كان معها فقالت : ألهذا حج يا رسول الله ؟ فقال : نعم ، ولك أجر في صحيحه قال في الإكمال : ولا خلاف بين أئمة العلم في جواز الحج بالصبيان إلا قوما من أهل البدع منعوه ولا يلتفت لقولهم ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وإجماع الأئمة والصحابة يرد قولهم وإنما الخلاف للعلماء هل ينعقد عليهم حكم الحج وفائدة الخلاف إلزامهم من الفدية والدم والجبر ما يلزم الكبير أم لا ؟ مسلم لا يلزمهم شيئا وإنما يتجنب عنده ما يتجنب المحرم على طريق التعليم والتمرين وسائرهم يلزمونه ذلك ويرون حكم الحج منعقدا عليه إذ جعل له النبي صلى الله عليه وسلم عليه إذ جعل له النبي صلى الله عليه وسلم حجا وأجمعوا على أنه لا يجزيه إذا بلغ من الفريضة ، إلا فرقة شذت فقالت : يجزيه ولم يلتفت العلماء إلى قولها ثم اختلفوا فيمن فأبو حنيفة فقال أحرم وهو صبي فبلغ قبل عمل شيء من الحج : لا يرفض إحرامه ويتم حجه ولا يجزئه عن حجة الإسلام ، قال : وإن استأنف الإحرام قبل الوقوف مالك بعرفة أجزأه عن حجة الإسلام وقيل : يجزيه إن نوى بإحرامه الأول حجة الإسلام ، وقال : يلزمه تجديد النية ورفض الأولى ، وقال أبو حنيفة : تجزئه ولا يحتاج إلى تجديد نية ، وكذلك اختلفوا على هذا في الشافعي سواء واختلف عن العبد يحرم ثم يعتق في الرضيع ومن لا يفقه هل يحج به ؟ وحمل أصحابنا قوله بالمنع إنما هو على الاستحباب لتركه ، والكراهة لفعله لا على التحريم انتهى كلام صاحب الإكمال . مالك
وما ذكره صاحب الإكمال من الإجزاء إذا استأنف الإحرام أو نوى بإحرامه الأول الفرض مخالف لنص المدونة وسيأتي الكلام على ذلك مستوفى في شرح قول المصنف وشرط وجوبه كوقوعه فرضا حرية وتكليف