لقوله تعالى { والرضاع والنفقة على الوالد فإن أرضعن لكم فآتوهن } يعني مؤنة الرضاع وهذا بخلاف حال قيام النكاح بينهما فإنها لا تستوجب الأجر على إرضاع الولد ، وإن استأجرها عندنا ; لأن في حال بقاء النكاح الرضاع من الأعمال المستحقة عليها دينا وبعد الفرقة ليس ذلك بمستحق عليها دينا ولا دنيا وكما أن النفقة بعد الفطام على الأب لا يشاركه أحد في ذلك باعتبار أن الولد جزء منه والإنفاق عليه كالإنفاق على نفسه ، فكذلك قبل الفطام مؤنة الرضاع عليه ، فإن كان يجد من يرضعه بأقل مما ترضعه المرأة ولم تأخذه المرأة بذلك استأجر الظئر لترضعه قال الله تعالى { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } ولأنها قصدت الإضرار بالزوج في التحكم عليه وطلب الزيادة إلا أن الظئر تأتي فترضعه عند أمه وليس للأب أن يأخذ الولد منها ; لأن حق الحضانة لها فلا يملك الأب إبطال حقها وإن أخذته الأم بمثل ذلك فهي أحق به ; لأنها أشفق على الولد من الظئر ولبنها أوفق له [ ص: 209 ] والأب في هذا الموضوع قاصد إلى الإضرار والتعنت حين رضي بدفع مقدار إلى الظئر ولا رضي بدفع مثل ذلك إلى الأم فإن لم يكن وقع بينهما فرقة فلا أجر لها على الرضاع ، وإن أبت أن ترضع لم تكره على ذلك ; لأن المستحق عليها بالنكاح تسليم النفس إلى الزوج للاستمتاع وما سوى ذلك من الأعمال تؤمر به تدينا ولا تجبر عليه في الحكم نحو كنس البيت وغسل الثياب والطبخ والخبز فكذلك إرضاع الولد