( قال : ) وإذا فلا نفقة لها ; لأنها ناشزة ولا نفقة للناشزة فإن الله تعالى أمر في حق الناشزة بمنع حظها في الصحبة بقوله تعالى { تغيبت المرأة عن زوجها ، أو أبت أن تتحول معه إلى منزله ، أو إلى حيث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها واهجروهن في المضاجع } فذلك دليل على أنه تمنع كفايتها في النفقة بطريق الأولى ; لأن الحظ في الصحبة لهما وفي النفقة لها خاصة ، ولأنها إنما تستوجب النفقة بتسليمها نفسها إلى الزوج وتفريغها نفسها لمصالحه ، فإذا امتنعت من ذلك صارت ظالمة وقد فوتت ما كان يوجب النفقة لها باعتباره فلا نفقة لها وقيل رحمه الله تعالى : هل للناشزة نفقة فقال : نعم . فقيل كم قال : جراب من تراب . معناه : لا نفقة لها ، وإن كان لم يوفها مهرها فأبت عليه ذلك حتى يوفيها فلها النفقة ; لأنها حبست نفسها بحق فلا تكون مفوتة ما به تستوجب النفقة حكما بل الزوج هو المفوت بمنعها حقها ، ولأن النفقة حقها والمهر حقها فمطالبتها بأحد الحقين لا يسقط حقها الآخر ، وكذلك لو لم يدخل بها في ظاهر الرواية إلا في رواية عن لشريح رحمه الله تعالى إنها قبل الدخول إذا حبست نفسها لاستيفاء مهرها فلا نفقة لها وكأنه على هذه الرواية اعتبر لوجوب النفقة انتقالها إلى بيت الزوج فإذا لم يوجد لا تستوجب النفقة ابتداء ، فأما بعد ما انتقلت إلى بيته ووجبت لها النفقة فلا يسقط ذلك إلا بمنعها نفسها بغير [ ص: 187 ] حق . وفي ظاهر الرواية بعد صحة العقد النفقة واجبة لها ، وإن لم تنتقل إلى بيت زوجها ، ألا ترى أن الزوج لو لم يطلب انتقالها إلى بيته كان لها أن تطالبه بالنفقة ، فكذلك إذا حبست نفسها لاستيفاء المهر ، وإن رجعت الناشزة إلى بيت الزوج فنفقتها عليه ; لأن المسقط لنفقتها نشوزها وقد زال ذلك . والأصل فيه قوله تعالى { أبي يوسف ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا }