ولو لم يكن لها شيء من ذلك عندنا . وعلى قول خاصمته امرأته في نفقة ما مضى من الزمان قبل أن يفرض القاضي عليه لها النفقة رحمه الله تعالى يقضى لها بما لم تستوف من النفقة الماضية . وأصل المسألة أن النفقة لا تصير دينا إلا بقضاء القاضي ، أو التراضي عندنا . وعند الشافعي تصير دينا ; لأن وجوبها بالعقد فلا تحتاج إلى القضاء ، أو إلى الرضاء في صيرورتها دينا بعد العقد كالمهر ولأن وجوب النفقة باعتبار قيام الزوج عليها بعد العقد وقد تقرر ذلك فيصير دينا بدون القضاء كالأجرة يصير دينا باستيفاء المنفعة بعد العقد وحجتنا في ذلك أن النفقة صلة والصلات لا تتأكد بنفس العقد ما لم ينضم إليها ما يؤكدها ، كالهبة والصدقة من حيث إنها لا تتم إلا بالقبض . وبيان الوصف أن النفقة ليست بعوض عن البضع فإن المهر عوض عن البضع ، ولا تستوجب عوضين عن شيء واحد بعقد واحد ; ولأن ما يكون عوضا عن البضع يجب جملة ; لأن ملك البضع يحصل للزوج جملة . ولا يجوز أن يكون عوضا عن الاستمتاع والقيام عليها ; لأن ذلك تصرف منه في ملكه فلا يوجب عليه عوضا فعرفنا أن طريقه طريق الصلة ، وتأكدها إما بالقضاء ، أو التراضي ولأن هذه نفقة مشروعة للكفاية فلا تصير دينا بدون القضاء ، كنفقة الوالدين والمولودين لا تصير دينا بمجرد مضي الزمان فكذا هنا ، وكذلك لو استدانت عليه قبل قضاء القاضي ، أو التراضي ; لأنه ليس لها عليه ولاية الاستدانة ، وإنما ولايتها على نفسها فما استدانت يكون في ذمتها وإنفاقها مما استدانت كإنفاقها من سائر أملاكها فلا ترجع بشيء من ذلك على الزوج إلا أن يكون الشافعي ، أو لم تستدن أخذته بنفقة ما مضى ; لأن حقها تأكد بقضاء القاضي ، أو بالصلح عن تراض ; فإن ولايته على نفسه في الالتزام فوق ولاية القاضي في الإلزام وذكر عن القاضي فرض لها عليه نفقة كل شهر ، أو صالحته على نفقة كل شهر ، ثم [ ص: 185 ] غاب أو حبس للنفقة عليها فاستدانت عليه قال : أيما امرأة استدانت على زوجها وهو غائب فإنما استدانت على نفسها . وإنما أراد به إذا لم يفرض القاضي لها النفقة ، أو فرض لها ولم يأمرها بالاستدانة على زوجها ، فأما إذا أمرها بالاستدانة عليه فذلك على الزوج ; لأن القاضي عليه ولاية فأمرها بالاستدانة عليه كأمر الزوج بنفسه . ( قال : ) وقال شريح رحمه الله تعالى : لا أجيز الفرض عليه إذا كان غائبا ; لأن الفرض عليه إذا كان غائبا إلزام وليس للقاضي ولاية الإلزام على الغائب . أبو حنيفة