( قال : ) ولو لا يجوز ذلك أيضا نص عليه في المأذون ، وعند زوج الأب أو الوصي أمة الصبي من عبده رحمه الله تعالى أنه يجوز ; لأنه لا ضرر فيه على الصبي ، فإن المهر لا يجب بهذا العقد ، ونفقتهما عليه بعد النكاح كما كانا قبله ، وفيه منفعة للصبي من حيث النسل فيجوز ذلك من الأب والوصي كإنزاء الفحل من مال الصبي على أتانه ، ووجه ظاهر الرواية أن في هذا تعييبا لهما ; لأن النكاح عيب في العبيد والإماء جميعا ، ومنفعة النسل موهوبة والمنفعة الموهوبة لا تكون جائزة للضرر المتحقق ، فلهذا لا يصح هذا العقد منهما ، وأما العبد المأذون أو المضارب أو الشريك شركة عنان إذا زوج واحد منهما الأمة لم يجز ذلك في قول أبي يوسف أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - وفي قول ومحمد رحمه الله تعالى يجوز ; لأنه عقد اكتساب المال وهؤلاء يملكون ذلك ، ولأن المستوفى بالوطء في الحقيقة منفعة ، ولهذا سمى الله تعالى المهر أجرا ، وهؤلاء يملكون الإجارة فكذلك يملكون التزويج أبي يوسف وأبو حنيفة - رحمهما الله تعالى - قالا : المأذون إنما كان منفك الحجر عنه في التجارة ، والتزويج ليس من جملة التجارة ، فإن التجار لا يعتادون اكتساب المال بتزويج الإماء ، والدليل عليه أن المرأة لو زوجت نفسها من رجل بعبد ونوت التجارة عند العقد لا يصير العبد به للتجارة ، ولو كان النكاح من التجارة لصار العبد به للتجارة ، فإن نية التجارة متى اقترنت بعمل التجارة يصير للتجارة وإذا لم يكن النكاح من التجارة ، فلا يملكه هؤلاء كالكتابة وبه فارق الأربعة التي تقدمت ، فإن أولئك يملكون الكتابة فعرفنا أن تصرفهم غير مقصور على التجارة ، وهؤلاء الثلاثة لا يملكون الكتابة فعرفنا أن تصرفهم مقصور على التجارة ، ولا شك أن هؤلاء الثلاثة لا يزوجون العبد ; لأن تزويج العبد ليس من الاكتساب ، ولا من التجارة . ومحمد