( قال : ) وإذا كان النكاح جائزا بمهر مثلها ولم يكن الطلاق مهرا ، وكذلك إن جعل [ ص: 106 ] مهر امرأته طلاق أخرى فقد وقع العفو ولها مهر مثلها عندنا . وقال جعل القصاص مهرا رحمه الله تعالى كلما يجوز أخذ العوض عنه بالشرط يصلح أن يكون مهرا ; لأن المقصود تحقق المعاوضة وأصل المسألة في تعليم القرآن ، فإن عنده الشافعي للحديث الذي روينا في قوله { تعليم القرآن يصلح أن يكون صداقا } ولكنا نقول : اشتراط صفة المالية في الصداق ثابت بالنص وهو قوله تعالى : { زوجتكها بما معك من القرآن أن تبتغوا بأموالكم } وطلاق الضرة والعفو عن القصاص ليس بمال ، وكذلك تعليم القرآن وتأويل الحديث بحرمة ما معك من القرآن ، وعلى هذا الأصل قلنا : إذا فلها مهر مثلها ; لأن الإعتاق إبطال للرق ، فلا يصلح أن يكون صداقا خلافا أعتق أمته على أن يتزوجها ، ويكون العتق صداقا لها فزوجت نفسها منه رحمه الله تعالى ، وقد روي عن للشافعي رحمه الله تعالى أنه جوز ذلك ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي يوسف رضي الله عنها وتزوجها وجعل عتقها صداقا لها صفية بنت حي } ولكنا نقول : قد روي أنه تزوجها بمهر جديد ، ولو ثبت ذلك فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصوصا بالنكاح بغير مهر ، وعلى هذا لو أعتق ، فإن كان الزوج عبدا صحت التسمية لتضمنها تسليم المال إليها ، فإن رقبة العبد مال ، وإن كان الزوج حرا لم تصح التسمية ، هكذا ذكر في الجامع الصغير ، ونحوه روى تزوجها على أن يخدمها سنة عن ابن سماعة رحمهما الله تعالى أنه إذا تزوجها على أن يرعى غنمها سنة يجوز استدلالا بقصة محمد موسى مع شعيب عليهما السلام ، فمن أصحابنا من فرق بينهما فقال : هي مأمورة بأن تعظمه وتراعي حقه ، وذلك ينعدم باستخدامها إياه ; فلهذا لم يجز أن تكون خدمتها صداقا ، وذلك لا يوجد في عمل الرعي .
ألا ترى أن الابن لا يستأجر أباه للخدمة ويستأجره لعمل آخر ، والأصح أن في الفصلين روايتين في إحدى الروايتين لا تصح التسمية ; لأن المنفعة ليست بمال واشتراطها من الحر لا يتضمن تسليم المال إليها ، وفي الرواية الأخرى تصح التسمية ; لأن المنفعة تأخذ حكم المالية عند العقد ، ولهذا لا يثبت الحيوان دينا في الذمة بمقابلتها ، فإذا لم تصح تسمية الخدمة فعلى قول أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - لها مهر مثلها ; لأنه سمى مالا يصلح أن يكون صداقا لها فهو كتسمية الخمر ، وعند وأبي يوسف رحمه الله تعالى لها قيمة خدمته ; لأن الخدمة متقومة عند العقد ، وإن لم تكن مالا ، فإذا تعذر سلامتها لها تجب قيمتها ، كما لو تزوجها على عبد فاستحق ثم قد بينا الفرق بينهما إذا تزوج المرأة على طلاق ضرتها [ ص: 107 ] وبين ما إذا تزوجها على أن يطلق ضرتها في حكم وقوع الطلاق على الضرة ، فكذا إذا تزوجها على القصاص حصل العفو بنفس العقد ، وإذا محمد لم يسقط القصاص إلا بمباشرة العفو ، ولا يجبر على ذلك ، وكذلك إذا تزوجها على أن يعفو عن القصاص عتق الأب بنفس العقد ، بخلاف ما إذا تزوجها على أن يعتق أباها ولها مهر مثلها ; لأن ما سمي صداقا من عتق الأب ليس بمال ، بخلاف ما إذا تزوجها على عتق أبيها عنها ; لأنه يتضمن تمليك رقبة الأب منها ، فإن العتق عنها لا يكون إلا بهذا الشرط ، ورقبة الأب مال يصلح أن يكون صداقا لها . تزوجها على عتق أبيها