باب الخيار في النكاح ( قال : ) وإذا فالنكاح جائز ، والخيار باطل عندنا ، وعند تزوج الرجل امرأة ، واشترط فيه لأحدهما أو لهما خيار رحمه الله تعالى النكاح باطل فمنهم من جعل هذا بناء على مسألة نكاح المكره ، فإن اشتراط الخيار يعدم الرضا كالإكراه ، ومن أصلنا انعدام الرضا بسبب الإكراه لا يمنع صحة النكاح ولزومه ، وعنده يمنع فكذلك اشتراط الخيار ، ولكن هذا البناء على أصله غير صحيح فإن الإكراه عنده يفسد العقد ، والعبارة وخيار الشرط لا يفسد ، ولهذا لم يصحح الطلاق [ ص: 95 ] والعتاق من المكره وصححهما مع اشتراط الخيار ، وحجته في المسألة أن اشتراط الخيار في معنى التوقيت ، ألا ترى أن ما يثبت فيه الخيار ، وهو البيع يتأخر حكم العقد ، وهو الملك إلى ما بعد مضي المدة ويصير العقد في حق ملكه كالمضاف فكذلك هنا باشتراط الخيار يصير النكاح مضافا ، وإضافة النكاح إلى وقت في المستقبل لا يجوز الشافعي يمنع صحة النكاح كما لو تزوجها شهرا ، وحجتنا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم { ، والتوقيت في النكاح } ، والهزل واشتراط الخيار سواء ; لأن الهازل قاصد إلى مباشرة السبب غير راض بحكمه بل أولى ، فإن الهازل غير راض بالحكم أبدا ، وشارط الخيار غير راض بالحكم في وقت مخصوص فإذا لم يمنع الهزل تمامه ; فاشتراط الخيار أولى . ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والعتاق
والمعنى فيه : أنه قد لا يحتمل الفسخ بعد تمامه ، ولا يقبل خيار الشرط ، فاشتراط الخيار فيه لا يمنع تمامه كالطلاق ، والعتاق بمال ; وهذا لأن اشتراط الخيار لا يمنع انعقاد أصل السبب مطلقا ، وإنما يعدم الرضا بلزومه كما في البيع ، ومن ضرورة انعقاد النكاح صحيحا اللزوم فاشتراط الخيار فيه يكون شرطا فاسدا ، والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة ، ولا تتوقف صحته ولزومه على تمام الرضا ، ألا ترى أن تمام الرضا إنما يكون بعد الرؤية كما في البيع ثم عدم الرؤية لا يمنع صحة النكاح ولزومه ، حتى لا يثبت فيه خيار الرؤية بخلاف الإضافة إلى وقت فإنه يمنع انعقاد السبب في الحال ، ألا ترى أن مثله لا يصح في البيع بخلاف التوقيت ، فإنه يمنع انعقاد السبب فيما وراء الوقت المنصوص عليه ، والنكاح لا يتحمل الانعقاد في وقت دون وقت فلهذا بطل بالتوقيت .