[ ص: 38 ] باب نكاح أهل الذمة ( قال : ) رضي الله تعالى عنه اعلم أن أهل الذمة ; لأنهم يعتقدون جوازه ، ونحن نعتقد ذلك في حقهم أيضا { كل نكاح يجوز فيما بين المسلمين فهو جائز فيما بين } والأسود ، وخطاب الواحد خطاب الجماعة فما توافقنا في اعتقاده يكون ثابتا في حقهم ، فأما ما لا يجوز بين المسلمين فهو أنواع منها فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بعثت إلى الأحمر فإنه جائز بين النكاح بغير شهود أهل الذمة يقرون عليه إذا أسلموا عندنا ، وقال رحمه الله تعالى : لا يتعرض لهم في ذلك إلا أن يسلموا أو يترافعوا إلينا فحينئذ يفرق القاضي بينهم لقوله تعالى { زفر وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم } ; ولأنهم بعقد الذمة صاروا منا دارا ، والتزموا أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات فيثبت في حقهم ما هو ثابت في حقنا ألا ترى أن حرمة الربا ثابتة في حقهم بهذا الطريق ، فكذلك حرمة النكاح بغير شهود ، ولكنا نقول : نعرض عنهم ; لمكان عقد الذمة لا لأنا نقرهم على ذلك كما نتركهم وعبادة النار والأوثان على سبيل الإعراض لا على سبيل التقرير والحكم بصحة ما يفعلون .
ولا نعرض عنهم في عقد الربا ; لأن ذلك مستثنى عن عقد الذمة قال صلى الله عليه وسلم { : إلا من أربى فليس بيننا وبينه عقد ويروى عهد } { ، وكتب إلى بني نجران إما أن تدعوا الربا أو فأذنوا بحرب من الله ورسوله } ، وحجتنا في ذلك أن الإشهاد على النكاح من حق الشرع ، وهم لا يخاطبون بحقوق الشرع بما هو أهم من هذا ; ولأن النكاح بغير شهود يجوزه بعض المسلمين ، ونحن نعلم أنهم لم يلتزموا أحكام الإسلام بجميع الاختلاف ثم من المنزل أن يترك أهل الكتاب وما يعتقدون إلا ما استثني عليهم ، وأن حكم خطاب الشرع في حقهم كأنه غير نازل ; لاعتقادهم خلاف ذلك ، ألا ترى أن الخمر والخنزير يكون مالا متقوما في حقهم ينفذ تصرفهم فيهما بهذا الطريق ، فكذا ما نحن فيه بخلاف الشرك فإن ذلك لم يحل قط ولن يحل قط ، وإذا انعقد انعقد فيما بينهم صحيحا بهذا الطريق فما بعد المرافعة والإسلام حال بقاء النكاح ، والشهود شرط ابتداء النكاح لا شرط البقاء