( قال : ) وإذا كان لها عليه المهر الثاني كاملا وعليها عدة مستقبلة في قول تزوجت المرأة غير كفء ودخل بها وفرق القاضي بينهما بخصومة الولي ، وألزمه المهر وألزمها العدة ثم تزوجها في عدتها بغير ولي ، وفرق القاضي بينهما قبل الدخول بها أبي حنيفة رحمهما الله ، وعند وأبي يوسف رحمه الله تعالى لا مهر لها عليه ، وعليها بقية العدة الأولى ، وعند محمد رحمه الله تعالى لا عدة عليها ، وعلى هذا الخلاف لو زفر عند طلقها تطليقة ثانية في النكاح الأول ثم تزوجها في العدة فطلقها قبل الدخول أبي حنيفة رحمهما الله تعالى يجب المهر الثاني كاملا ، وعليها العدة ، وعند وأبي يوسف محمد رحمهما الله تعالى يجب نصف المهر الثاني ، ولا عدة عليها إلا أن عند وزفر يلزمها بقية العدة الأولى ; لظاهر قوله تعالى { محمد وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } الآية ، وقال { ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } ، وفي النكاح الثاني الطلاق حصل قبل المسيس ; لأن العقد الثاني غير مبني على الأول والدخول في النكاح الأول لم يجعل دخولا في النكاح الثاني .
ألا ترى أن صريح الطلاق يبينها فصار في حق العقد الثاني كأن الأول لم يوجد أصلا إلا أن رحمه الله تعالى يوجب بقية العدة الأولى احتياطا ; لأن تلك العدة كانت واجبة وبالطلاق قبل الدخول صار النكاح الثاني كالمعدوم محمدا رحمه الله تعالى يقول : العدة الأولى سقطت بالنكاح الثاني ، والساقط من العدة لا يعود ، وتجدد وجوب العدة يستدعي تجدد السبب ، وهما قالا : العقد الثاني يتأكد بنفسه ، والفرقة متى حصلت بعد تأكد العقد يجب كمال العدة والمهر ، وبيان التأكد أن اليد والفراش يبقى ببقاء العدة فإنما تزوجها ، والمعقود عليه في يده حكما فيصير قابضا بنفس العقد كالغاصب إذا اشترى من المغصوب منه المغصوب وبه يتأكد حكم النكاح سواء وجد الدخول أو لم يوجد كما يتأكد بالخلوة ، وبه يبطل اعتمادهم على حصول البينونة بصريح الطلاق فإن بعد الخلوة صريح الطلاق يبينها . وزفر
[ ص: 29 ] ويكون النكاح متأكدا في حكم المهر والعدة ; ولأن وجوب العدة ; لتوهم اشتغال الرحم بالماء عند الفرقة ، وهذا قائم في العقد الثاني ; لأنه لا تأثير في تجديد العقد في براءة الرحم ، وقد كان توهم الشغل ثابتا حتى أوجبنا العدة عند الفرقة الأولى ، وهذا على قول رحمه الله تعالى ألزم ; لأنه يلزمها بقية العدة الأولى باعتبار توهم الشغل والعدة لا تتجزأ في الوجوب ، وعلى هذا الأصل لو كانت الفرقة بسبب اللعان أو بخيار البلوغ أو بخيار العتق كله على الأصل الذي بيناه ، وكذلك إن كان النكاح الأول فاسدا أو كان دخل بها بشبهة ثم تزوجها نكاحا صحيحا في العدة ، وإن كان النكاح الأول صحيحا والثاني فاسدا ففرق بينهما قبل الدخول لا يجب المهر بالاتفاق ; لأن صيرورته قابضا باعتبار تمكنه من القبض شرعا ، وذلك بالعقد الفاسد لا يكون ألا ترى أن محمد لا توجب المهر والعدة فهنا كذلك العدة الأولى لم تسقط بمجرد العقد الفاسد فبقيت معتدة كما كانت ، ولا مهر لها عليه إذا فرق بينهما قبل الدخول ، ولو كان العقد الثاني صحيحا فارتدت ووقعت الفرقة بينهما فهو على هذا الخلاف الذي قلنا : لها كمال المهر في قول الخلوة في النكاح الفاسد أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وعند وأبي يوسف لا مهر لها ; لأن الفرقة جاءت من قبلها قبل الدخول فلو كان تزوجها في جميع هذه الوجوه بعد انقضاء العدة كان الجواب عندهم كما هو قول محمد محمد رحمهما الله تعالى في الفصول المتقدمة ; لأنه لم يبق له عليها تلك اليد بعد انقضاء العدة فالتزوج بها وبأجنبية أخرى سواء وزفر