( قال : ) فإن جاز النكاح ; لما روي { قال قبل النكاح : إن فلانا يخطبك وأنا مزوجك إياه فسكتت ثم ذهب فزوجها } أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب إليه بنت من بناته دنا من خدرها وقال إن فلانا يخطب فلانة ثم ذهب فزوجها إن سكتت وإن نكتت خدرها بأصبعها لم يزوجها
وفي رواية { أنه كان يقول إن فلانا يخطب فلانة فإن كرهتيه قولي لا } فإنما طلب منها جواب الرد لا جواب الرضا فدل أن السكوت يكفي للرضا وفي الكتاب لم يشترط تسمية الصداق في الاستئمار وإنما اشترط تسمية الزوج ; لأن الظاهر أن اختلاف رغبتها يكون باختلاف الزوج ، وأن الأب لا يقف على مرادها في حق الزوج فأما في حق الصداق فالأب يعلم بمرادها في ذلك وهو صداق مثلها ، فلا حاجة إلى تسمية ذلك مع أن في أصل النكاح الشرط تسمية الزوجين لا المهر ففي الاستئمار أولى .
وبعض المتأخرين يقولون : لا بد من تسمية المهر في الاستئمار ; لأن رغبتها تختلف باختلاف الصداق والقلة والكثرة والذي بيناه في الأب هو الحكم في سائر الأولياء فهذا دليل على أن الاستئمار إنما يكون معتبرا من الولي الذي يملك مباشرة العقد ، فأما الأجنبي إذا استأمرها فسكتت لم يكن له أن يزوجها ; لأن سكوتها ; لعدم الالتفات إلى استئمار الأجنبي فكأنها قالت مالك ؟ وللاستئمار حين لم تكن بسبيل من العقد إلا أن يكون الذي استأمرها رسول الولي فحينئذ الرسول قائم مقام المرسل وحكي عن رحمه الله تعالى أن سكوتها عند استئمار الأجنبي يكون رضا ; لأنها تستحي من الأجنبي أكثر مما تستحي من الولي . الكرخي