228 - مسألة :
هو الذي يسمى عند والسفر الذي يتيمم فيه العرب سفرا سواء كان مما تقصر فيه الصلاة أو مما لا تقصر فيه الصلاة ، وما كان دون ذلك - مما لا يقع عليه اسم السفر من البروز عن المنازل - فهو في حكم الحاضر ، فأما المسافر سفرا يقع عليه اسم سفر والمريض الذي له التيمم فالأفضل لهما أن يتيمما في أول الوقت ، [ ص: 349 ] سواء رجوا الماء أو أيقنا بوجوده قبل خروج الوقت ، أو أيقنا أنه لا يوجد حتى يخرج الوقت ، وكذلك رجاء الصحة ولا فرق ، وأما الحاضر الصحيح ومن له حكم الحاضر فلا يحل له التيمم إلا حتى يوقن بخروج الوقت قبل إمكان الماء .
برهان ذلك أن النص ورد في المسافر الذي لا يجد الماء ، وفي المريض كذلك وفي المريض ذي الحرج ، وكان البدار إلى الصلاة أفضل ، لقول الله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } وأما الحاضر فلا خلاف من أحد في أنه ما دام يرجو بوجود الماء قبل خروج الوقت فإنه لا يحل له التيمم ، وما أبيح له التيمم عند تيقن خروج الوقت إلا باختلاف ، ولولا النص ما حل له .
وقال في المشهور عنه : لا يتيمم المسافر إلا في آخر وقت الصلاة ، إلا أنه قد روي عنه أن هذا إنما هو ما دام يطمع في الماء فإن لم يرج به فليتيمم في أول الوقت . أبو حنيفة
وقال سفيان : يؤخر المسافر التيمم إلى آخر الوقت لعله يجد الماء ، وهو قول . أحمد بن حنبل
وروي أيضا عن علي ، وقال وعطاء مرة : لا يعجل ولا يؤخر ، ولكن في وسط الوقت . مالك
وقال مرة : إن أيقن بوجود الماء قبل خروج وقت الصلاة فإنه يؤخر التيمم إلى آخر الوقت ، فإن وجد الماء وإلا تيمم وصلى ، وإن كان طامعا في وجود الماء قبل خروج الوقت أخر التيمم إلى وسط الوقت ، فيتيمم في وسطه ويصلي ، وإن كان موقنا أنه لا يجد الماء حتى يخرج الوقت فيتيمم في أول الوقت ويصلي .
وقال الأوزاعي : كل ذلك سواء .
قال : التعلق بتأخير التيمم لعله يجد الماء لا معنى له ; لأنه لا نص ولا إجماع على أن عمل المتوضئ أفضل من عمل المتيمم ، ولا على أن صلاة المتوضئ أفضل ولا أتم من صلاة المتيمم ، وكلا الأمرين طهارة تامة وصلاة تامة ، وفرض في حالة فإذ كان ذلك كذلك علي ترك للفضل في البدار إلى أفضل الأعمال بلا معنى ، وقد جاء مثل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن فتأخير الصلاة رجاء وجود الماء وغيره . ابن عمر
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري قال حدثنا يحيى بن بكير عن الليث عن جعفر بن ربيعة قال : سمعت الأعرج عميرا مولى قال : أقبلت أنا ابن عباس وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج [ ص: 350 ] النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري .
قال { } . أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام
وروينا عن عن سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد الأنصاري : أن نافع تيمم ثم صلى العصر وبينه وبين ابن عمر المدينة ميل أو ميلان ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد . وعن عن مالك : أنه أقبل مع نافع من الجرف ، فلما أتى ابن عمر المربد لم يجد ماء ، فنزل فتيمم بالصعيد وصلى ثم لم يعد تلك الصلاة .
قال : وهو قول علي وأصحابنا . داود
وقال : أما المسافر فإن كان الماء منه على أقل من ميل طلبه وإن خرج الوقت ، فإن كان على ميل لم يلزمه طلبه وتيمم . محمد بن الحسن
قال : وأما من خرج من مصره غير مسافر ، فإن كان بحيث لا يسمع حس الناس وأصواتهم تيمم .
قال : وهذه أقوال نحمد الله على السلامة منها ومن مثلها علي