[ ص: 26 ] مسألة : فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=24358أصاب حدا مرتين فصاعدا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : اختلف الناس في ذلك ، كمن زنى مرتين فأكثر قبل أن يحد في ذلك ، أو قذف مرتين فأكثر قبل أن يحد في ذلك ، أو شرب الخمر مرتين فأكثر قبل أن يقام عليه الحد ، أو سرق مرتين فأكثر قبل أن يحد في ذلك ، أو جحد عارية مرتين فأكثر ، قبل أن يقام عليه الحد في ذلك أو حارب مرتين فأكثر قبل أن يقام عليه الحد في ذلك ؟ فقالت طائفة : ليس في كل ذلك إلا حد واحد فقط - وقالت طائفة : عليه لكل مرة حد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فوجب أن ننظر في ذلك ؟ لنعلم الحق فنتبعه - بعون الله تعالى - فنظرنا في قول من قال : لكل فعلة حد ؟ فوجدناهم يحتجون بقول الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة }
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة }
ووجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما حدثناه
عبد الله بن ربيع ثنا
محمد بن معاوية ثنا
أحمد بن شعيب أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
سهل بن أبي صالح عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48063من شرب الخمر فاجلدوه ، ثم إذا شرب فاجلدوه ، ثم إذا شرب فاجلدوه } وذكر باقي الخبر قالوا : فوجب بنص كلام الله تعالى ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على من زنى الجلد المأمور به ، وعلى من سرق قطع يده ، وعلى من قذف الجلد المأمور به وعلى من
[ ص: 27 ] شرب الخمر الجلد المأمور به ، فاستقر ذلك فرضا عليه ، فإذ ذلك كذلك فبيقين ندري أنه متى زنى ثانية وجب عليه حد ثان ، وإذا سرق ثانية وجب عليه بالسرقة الثانية قطع ثان ، وإذا قذف ثانية وجب عليه حد ثان ، وإذا شرب ثانية وجب عليه حد ثان ولا بد - وهكذا في كل مرة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : أما قولهم : إن الله تعالى قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني } الآية وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة } الآية .
وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات } الآية .
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48063إذا شرب فاجلدوه ، ثم إذا شرب فاجلدوه ، ثم إذا شرب فاجلدوه } فكل ذلك حق ، ويكفر من أنكر لفظه ومعناه .
وأما قولهم : فاستقر ذلك فرضا عليه ، فهذا وهم أصحابنا ، ولسنا نقول بهذا ، لكن نقول : إنه لا يجب شيء من الحدود المذكورة بنفس الزنى ، ولا بنفس القذف ، ولا بنفس السرقة ، ولا بنفس الشرب ، لكن حتى يستضيف إلى ذلك معنى آخر - وهو ثبات ذلك عند الحاكم بإقامة الحدود ، إما بعلمه ، وإما ببينة عادلة ، وإما بإقراره ، وأما ما لم يثبت عند الحاكم فلا يلزمه حد ، لا جلد ، ولا قطع أصلا .
برهان ذلك : هو أنه لو وجبت الحدود المذكورة بنفس الفعل لكان فرضا على من أصاب شيئا من ذلك أن يقيم الحد على نفسه ليخرج مما لزمه ، أو أن يعجل المجيء إلى الحاكم فيخبره بما عليه ليؤدي ما لزمه فرضا في ذمته ، لا في بشرته ، وهذا أمر لا يقوله أحد من الأمة كلها بلا خلاف .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=7681_25367إقامته الحد على نفسه فحرام عليه ذلك بإجماع الأمة كلها ، وأنه لا خلاف في أنه
nindex.php?page=treesubj&link=25367_7681ليس لسارق أن يقطع يد نفسه ، بل إن فعل ذلك كان عند الأمة كلها عاصيا لله تعالى ، فلو كان الحد فرضا واجبا بنفس فعله لما حل له الستر على نفسه ، ولا جاز له ترك الإقرار طرفة عين ، ليؤدي عن نفسه ما لزمه .
وإنما أمر الله تعالى ورسوله - عليه السلام - الأئمة وولاتهم بإقامة الحدود المذكورة على من جناها ، وبيقين الضرورة ندري أن الله تعالى لم يأمرهم من ذلك إلا إذا ثبت ذلك عندهم ، وصح يقينا أن لكل زنا يزنيه ، وكل قذف يقذفه ، وكل شرب
[ ص: 28 ] يشربه ، وكل سرقة يسرقها ، وكل حرابة يحارب ، وكل عارية يجحدها قبل علم الإمام بذلك ، فلم يجب عليه فيه شيء ، لكنا نقول : إن الله تعالى أوجب على
nindex.php?page=treesubj&link=10424_24358من زنى مرة ، أو ألف مرة - إذا علم الإمام بذلك - جلد مائة ، وعلى القاذف ، والسارق ، والمحارب ، وشارب الخمر ، والجاحد مرة ، وألف مرة حدا واحدا ، إذا علم الحاكم ذلك كله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وأما
nindex.php?page=treesubj&link=24358إن وقع على من فعل شيئا من ذلك تضييع من الإمام ، أو أميره لغير ضرورة ، ثم شرع في إقامة الحد فوقعت ضرورة منعت من إتمامه فواقع فعلا آخر من نوع الأول ، فقولنا ، وقول أصحابنا سواء : يستتم عليه الحد الأول ، ثم يبتدئ في الثاني ولا بد .
برهان ذلك : أن الحد كله قد وجب بعلم الإمام ، أو أميره مع قدرته على إقامة جميع الحد ، ثم أحدث ذنبا آخر ، فلا يجزي عنه حد قد تقدم وجوبه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : ونسأل المخالفين عن قولهم فيمن زنى مرات ، أو شرب مرات ، أو
nindex.php?page=treesubj&link=24358قذف مرات إنسانا واحدا ، أو سرق مرات ، أو حارب مرات - وعلم الإمام كل ذلك - وقدر على إقامة الحدود عليه ، ثم لم يحد حتى واقع ما ذكرنا ، فلم يوجبوا عليه إلا حدا واحدا ، ما الفرق بين هذا وبين قول من قال منهم :
nindex.php?page=treesubj&link=2522إن أفطر عامدا فوطئ أياما من شهر رمضان أن عليه لكل يوم كفارة ؟ ومن
nindex.php?page=treesubj&link=16583حلف أيمانا كثيرة على أشياء مختلفة فعليه لكل يمين كفارة ؟ ومن قال منهم :
nindex.php?page=treesubj&link=12175إن ظاهر مرات كثيرة فإن لكل ظهار كفارة ؟ وقولهم كلهم : إن
nindex.php?page=treesubj&link=3819_3794من أصاب - وهو محرم - صيودا فعليه لكل صيد جزاء بل قال بعضهم : إنه لو
nindex.php?page=treesubj&link=3772_3794أصاب صيدا واحدا - وهو قارن - فعليه جزاءان .
فإن ادعوا في كفارة الإفطار في رمضان إجماعا : ظهر جهل من ادعى ذلك ، أو كذبه ، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر بن الهذيل وغيره - منهم - يرى أن
nindex.php?page=treesubj&link=2521من أفطر بوطء أو غيره جميع أيام [ ص: 29 ] شهر رمضان - ولم يكفر - فليس عليه إلا كفارة واحدة فقط - وهذا هو الواجب - على قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب - لأن المحفوظ عنه أن شهر رمضان كله صوم واحد ، من أفطر يوما منه فعليه قضاء جميعه يقضي شهرا ، ولا بد ، ومن أفطره كله فعليه شهر واحد أيضا ولا مزيد .
[ ص: 26 ] مَسْأَلَةٌ : فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24358أَصَابَ حَدًّا مَرَّتَيْنِ فَصَاعِدًا ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ ، كَمَنْ زَنَى مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ فِي ذَلِكَ ، أَوْ قَذَفَ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ فِي ذَلِكَ ، أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ، أَوْ سَرَقَ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ فِي ذَلِكَ ، أَوْ جَحَدَ عَارِيَّةً مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ ، قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ أَوْ حَارَبَ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَيْسَ فِي كُلِّ ذَلِكَ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ فَقَطْ - وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَيْهِ لِكُلِّ مَرَّةٍ حَدٌّ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَوَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ ؟ لِنَعْلَمَ الْحَقَّ فَنَتَّبِعَهُ - بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى - فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ : لِكُلِّ فِعْلَةٍ حَدٌّ ؟ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ }
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً }
وَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَا حَدَّثَنَاهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا
أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16957مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٌ عَنْ
سَهْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48063مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ ، ثُمَّ إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ ، ثُمَّ إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ } وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ قَالُوا : فَوَجَبَ بِنَصِّ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَكَلَامِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ زَنَى الْجَلْدُ الْمَأْمُورُ بِهِ ، وَعَلَى مَنْ سَرَقَ قَطْعُ يَدِهِ ، وَعَلَى مَنْ قَذَفَ الْجَلْدُ الْمَأْمُورُ بِهِ وَعَلَى مَنْ
[ ص: 27 ] شَرِبَ الْخَمْرَ الْجَلْدُ الْمَأْمُورُ بِهِ ، فَاسْتَقَرَّ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَيْهِ ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهُ مَتَى زَنَى ثَانِيَةً وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ ثَانٍ ، وَإِذَا سَرَقَ ثَانِيَةً وَجَبَ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ الثَّانِيَةِ قَطْعٌ ثَانٍ ، وَإِذَا قَذَفَ ثَانِيَةً وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ ثَانٍ ، وَإِذَا شَرِبَ ثَانِيَةً وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ ثَانٍ وَلَا بُدَّ - وَهَكَذَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : أَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي } الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ } الْآيَةَ .
وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } الْآيَةَ .
وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48063إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ ، ثُمَّ إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ ، ثُمَّ إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ } فَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ ، وَيَكْفُرُ مَنْ أَنْكَرَ لَفْظَهُ وَمَعْنَاهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : فَاسْتَقَرَّ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَيْهِ ، فَهَذَا وَهْمُ أَصْحَابِنَا ، وَلَسْنَا نَقُولُ بِهَذَا ، لَكِنْ نَقُولُ : إنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ بِنَفْسِ الزِّنَى ، وَلَا بِنَفْسِ الْقَذْفِ ، وَلَا بِنَفْسِ السَّرِقَةِ ، وَلَا بِنَفْسِ الشُّرْبِ ، لَكِنْ حَتَّى يَسْتَضِيفَ إلَى ذَلِكَ مَعْنًى آخَرَ - وَهُوَ ثَبَاتُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ ، إمَّا بِعِلْمِهِ ، وَإِمَّا بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ ، وَإِمَّا بِإِقْرَارِهِ ، وَأَمَّا مَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ ، لَا جَلْدٌ ، وَلَا قَطْعٌ أَصْلًا .
بُرْهَانُ ذَلِكَ : هُوَ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ الْحُدُودُ الْمَذْكُورَةُ بِنَفْسِ الْفِعْلِ لَكَانَ فَرْضًا عَلَى مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى نَفْسِهِ لِيَخْرُجَ مِمَّا لَزِمَهُ ، أَوْ أَنْ يُعَجِّلَ الْمَجِيءَ إلَى الْحَاكِمِ فَيُخْبِرَهُ بِمَا عَلَيْهِ لِيُؤَدِّيَ مَا لَزِمَهُ فَرْضًا فِي ذِمَّتِهِ ، لَا فِي بَشَرَتِهِ ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا بِلَا خِلَافٍ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=7681_25367إقَامَتُهُ الْحَدَّ عَلَى نَفْسِهِ فَحَرَامٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا ، وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=25367_7681لَيْسَ لِسَارِقٍ أَنْ يَقْطَعَ يَدَ نَفْسِهِ ، بَلْ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ الْأُمَّةِ كُلِّهَا عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى ، فَلَوْ كَانَ الْحَدُّ فَرْضًا وَاجِبًا بِنَفْسِ فِعْلِهِ لَمَا حَلَّ لَهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَلَا جَازَ لَهُ تَرْكُ الْإِقْرَارِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، لِيُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ مَا لَزِمَهُ .
وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْأَئِمَّةَ وَوُلَاتَهُمْ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى مَنْ جَنَاهَا ، وَبِيَقِينِ الضَّرُورَةِ نَدْرِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْهُمْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ ، وَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ لِكُلِّ زِنًا يَزْنِيهِ ، وَكُلِّ قَذْفٍ يَقْذِفُهُ ، وَكُلِّ شُرْبٍ
[ ص: 28 ] يَشْرَبُهُ ، وَكُلِّ سَرِقَةٍ يَسْرِقُهَا ، وَكُلِّ حِرَابَةٍ يُحَارِبُ ، وَكُلِّ عَارِيَّةٍ يَجْحَدُهَا قَبْلَ عِلْمِ الْإِمَامِ بِذَلِكَ ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ ، لَكِنَّا نَقُولُ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=10424_24358مَنْ زَنَى مَرَّةً ، أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ - إذَا عَلِمَ الْإِمَامُ بِذَلِكَ - جَلْدَ مِائَةٍ ، وَعَلَى الْقَاذِفِ ، وَالسَّارِقِ ، وَالْمُحَارِبِ ، وَشَارِبِ الْخَمْرِ ، وَالْجَاحِدِ مَرَّةً ، وَأَلْفَ مَرَّةٍ حَدًّا وَاحِدًا ، إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ كُلَّهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=24358إنْ وَقَعَ عَلَى مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ تَضْيِيعٌ مِنْ الْإِمَامِ ، أَوْ أَمِيرِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ ، ثُمَّ شَرَعَ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ فَوَقَعَتْ ضَرُورَةٌ مَنَعَتْ مِنْ إتْمَامِهِ فَوَاقَعَ فِعْلًا آخَرَ مِنْ نَوْعِ الْأَوَّلِ ، فَقَوْلُنَا ، وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا سَوَاءٌ : يَسْتَتِمُّ عَلَيْهِ الْحَدَّ الْأَوَّلَ ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ فِي الثَّانِي وَلَا بُدَّ .
بُرْهَانُ ذَلِكَ : أَنَّ الْحَدَّ كُلَّهُ قَدْ وَجَبَ بِعِلْمِ الْإِمَامِ ، أَوْ أَمِيرِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى إقَامَةِ جَمِيعِ الْحَدِّ ، ثُمَّ أَحْدَثَ ذَنْبًا آخَرَ ، فَلَا يَجْزِي عَنْهُ حَدٌّ قَدْ تَقَدَّمَ وُجُوبُهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَنَسْأَلُ الْمُخَالِفِينَ عَنْ قَوْلِهِمْ فِيمَنْ زَنَى مَرَّاتٍ ، أَوْ شَرِبَ مَرَّاتٍ ، أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=24358قَذَفَ مَرَّاتٍ إنْسَانًا وَاحِدًا ، أَوْ سَرَقَ مَرَّاتٍ ، أَوْ حَارَبَ مَرَّاتٍ - وَعَلِمَ الْإِمَامُ كُلَّ ذَلِكَ - وَقَدَرَ عَلَى إقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ لَمْ يُحَدَّ حَتَّى وَاقَعَ مَا ذَكَرْنَا ، فَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ إلَّا حَدًّا وَاحِدًا ، مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ :
nindex.php?page=treesubj&link=2522إنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فَوَطِئَ أَيَّامًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةً ؟ وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16583حَلَفَ أَيْمَانًا كَثِيرَةً عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ ؟ وَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ :
nindex.php?page=treesubj&link=12175إنْ ظَاهَرَ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً فَإِنَّ لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةً ؟ وَقَوْلُهُمْ كُلُّهُمْ : إنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3819_3794مَنْ أَصَابَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ - صُيُودًا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ جَزَاءٌ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّهُ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3772_3794أَصَابَ صَيْدًا وَاحِدًا - وَهُوَ قَارِنٌ - فَعَلَيْهِ جَزَاءَانِ .
فَإِنْ ادَّعَوْا فِي كَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ إجْمَاعًا : ظَهَرَ جَهْلُ مَنْ ادَّعَى ذَلِكَ ، أَوْ كَذِبُهُ ، لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ وَغَيْرَهُ - مِنْهُمْ - يَرَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=2521مَنْ أَفْطَرَ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ جَمِيعَ أَيَّامِ [ ص: 29 ] شَهْرِ رَمَضَانَ - وَلَمْ يُكَفِّرْ - فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ - وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ - عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - لِأَنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْهُ أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ صَوْمٌ وَاحِدٌ ، مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْهُ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ جَمِيعِهِ يَقْضِي شَهْرًا ، وَلَا بُدَّ ، وَمَنْ أَفْطَرَهُ كُلَّهُ فَعَلَيْهِ شَهْرٌ وَاحِدٌ أَيْضًا وَلَا مَزِيدَ .