[ ص: 321 ] مسألة : والمسح على كل ما لبس في الرجلين - مما يحل لباسه مما يبلغ فوق الكعبين سنة ، سواء كانا خفين من جلود أو لبود أو عود أو حلفاء أو جوربين من كتان أو صوف أو قطن أو وبر أو شعر - كان عليهما جلد أو لم يكن - أو جرموقين أو خفين على خفين أو جوربين على جوربين أو ما كثر من ذلك أو هراكس .
وكذلك إن لبست المرأة ما ذكرنا من الحرير ، فكل ما ذكرنا إذا لبس على وضوء جاز المسح عليه للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن ، ثم لا يحل له المسح ، فإذا انقضى هذان الأمدان - يعني أحدهما - لمن وقت له صلى بذلك المسح ما لم تنتقض طهارته ، فإن انتقضت لم يحل له أن يمسح ، لكن يخلع ما على رجليه ويتوضأ ولا بد ، فإن أصابه ما يوجب الغسل خلعهما ولا بد ، ثم مسح كما ذكرنا إن شاء ، وهكذا أبدا كما وصفنا .
برهان ذلك ما حدثناه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج محمد بن عبد الله بن نمير ثنا أبي ثنا زكريا بن أبي زائدة عن عامر - هو الشعبي - ثنا عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه قال { المغيرة ثم أهويت لأنزع الخفين فقال عليه السلام : دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ، ومسح عليهما } . كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر وضوءه عليه السلام ، قال
حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي ثنا ثنا ابن مفرج إبراهيم بن أحمد بن علي بن أحمد بن فراس ثنا ثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ ثنا سعيد بن منصور ثنا أبو الأحوص عن الأعمش أبي وائل عن { قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بالمدينة فانتهى إلى سباطة ناس فبال عليها قائما ثم توضأ ومسح على خفيه } .
حدثنا عبد الله بن ربيع ويحيى بن عبد الرحمن بن مسعود قال عبد الله - ثنا [ ص: 322 ] محمد بن معاوية القرشي الهشامي ثنا أحمد بن شعيب ثنا إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - وقال يحيى ثنا أحمد بن سعيد بن حزم ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن حدثنا ثنا أبي ، ثم اتفق عبد الله بن أحمد بن حنبل أحمد وإسحاق واللفظ قالا : ثنا لأحمد ثنا وكيع عن سفيان الثوري أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن شرحبيل عن " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { المغيرة بن شعبة } . توضأ ومسح على الجوربين والنعلين
حدثنا يونس بن عبد الله حدثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا عن هناد بن السري عن أبي معاوية عن الأعمش الحكم - هو ابن عتيبة - عن عن { القاسم بن مخيمرة قال : سألت شريح بن هانئ عن المسح على الخفين فقالت : ائت عائشة أم المؤمنين فإنه أعلم بذلك مني ، فأتيت علي بن أبي طالب فسألته عن المسح ؟ فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن عليا يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثا } . ورويناه أيضا كذلك من طريق عن مسلم بن الحجاج عن إسحاق بن راهويه عبد الرزاق ، قال وزكريا بن عدي أنبأنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري عمرو بن قيس الملائي - وكان سفيان إذا ذكره أثنى عليه - . وقال زكريا عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن ، ثم اتفق زيد بن أبي أنيسة زيد وعمرو عن الحكم بن عتيبة بمثل حديث عن الأعمش الحكم وإسناده . حدثنا هشام بن سعيد الخير ثنا عبد الجبار بن أحمد المقري ثنا الحسن بن الحسين النجيرمي ثنا جعفر بن محمد بن الحسن الأصبهاني ثنا يونس بن حبيب بن عبد القاهر حدثنا ثنا أبو داود الطيالسي حماد بن سلمة وحماد بن زيد وهمام بن يحيى كلهم عن وشعبة بن الحجاج عن { عاصم بن أبي النجود قال : أتيت زر بن حبيش صفوان بن عسال فقلت : إنه حك في نفسي من المسح على الخفين شيء ، فهل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا ؟ فقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأمرنا أن نمسح عليهما ثلاثة أيام ولياليهن من غائط وبول ونوم إلا من جنابة } . ورويناه أيضا من طريق معمر وسفيان الثوري ، كلهم عن وسفيان بن عيينة عن عاصم عن زر صفوان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله .
وهذا نقل تواتر يوجب العلم ، ففي حديث المغيرة أن المسح إنما هو على من [ ص: 323 ] أدخل الرجلين وهما طاهرتان .
وفي حديث حذيفة ، وفي حديث المسح في الحضر هزيل عن المغيرة وفي حديث المسح على الجوربين . علي يوما وليلة للمقيم وثلاثا للمسافر ، وأن لا يخلع إلا لغسل الجنابة في حديث عموم المسح على كل ما لبس في الرجلين صفوان .
وأما قولنا إنه ، ولا يجوز له أن يمسح إلا حتى ينزعهما ويتوضأ ، فلأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يمسح إن كان مسافرا ثلاثا فقط ، وإن كان مقيما يوما وليلة فقط ، وأمر عليه السلام بالصلاة بذلك المسح ، ولم ينهه عن الصلاة به بعد أمده المؤقت له ، وإنما نهاه عن المسح فقط ، وهذا نص الخبر في ذلك . إذا انقضى أحد الأمدين المذكورين صلى الماسح بذلك المسح ما لم ينتقض وضوءه
وممن قال بالمسح على الجوربين جماعة من السلف ، كما روينا عن عن سفيان الثوري الزبرقان بن عبد الله العبدي ويحيى بن أبي حية ، قال والأعمش الزبرقان عن كعب بن عبد الله قال : رأيت رضي الله عنه بال فمسح على جوربيه ونعليه ، وقال علي بن أبي طالب يحيى عن أبي الجلاس عن : أنه كان يمسح على جوربيه ونعليه وقال ابن عمر عن الأعمش إسماعيل بن رجاء وإبراهيم النخعي وسعيد بن عبد الله بن ضرار قال عن أبيه قال : رأيت إسماعيل يمسح على جوربيه ونعليه . البراء بن عازب
وقال إبراهيم عن عن همام بن الحارث أنه كان يمسح على جوربيه ونعليه . أبي مسعود البدري
وقال سعيد بن عبد الله : رأيت أتى الخلاء ثم خرج وعليه قلنسوة بيضاء مزرورة فمسح على القلنسوة وعلى جوربين له من خز عربي أسود ثم صلى . أنس بن مالك
ومن طريق الضحاك بن مخلد عن حدثني سفيان الثوري عاصم الأحول قال : رأيت مسح على جوربيه . أنس بن مالك
وعن عن حماد بن سلمة ثابت البناني وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك قالا جميعا : كان يمسح على الجوربين والخفين والعمامة . أنس بن مالك
وعن عن حماد بن سلمة أبي غالب عن أنه كان يمسح على الجوربين والخفين والعمامة وعن أبي أمامة الباهلي عن وكيع أبي جناب عن أبيه عن عن خلاس بن عمرو قال : بال ابن عمر يوم جمعة ثم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين وصلى بالناس الجمعة . عمر بن الخطاب
وعن عن وكيع عن مهدي بن ميمون واصل الأحدب عن أبي وائل [ ص: 324 ] عن أنه مسح على جوربين له من شعر . أبي مسعود
وعن عن وكيع قال : سمعت يحيى البكاء يقول : المسح على الجوربين كالمسح على الخفين . ابن عمر
وعن عن قتادة : الجوربان بمنزلة الخفين في المسح . سعيد بن المسيب
وعن عن عبد الرزاق ، قلت ابن جريج : نمسح على الجوربين ؟ قال نعم امسحوا عليهما مثل الخفين . وعن لعطاء عن شعبة الحكم بن عتيبة عن : أنه كان لا يرى بالمسح على الجوربين بأسا . إبراهيم النخعي
وعن قال : سمعت أبي نعيم الفضل بن دكين سئل عن الجوربين أيمسح عليهما من بات فيهما ؟ قال نعم . الأعمش
وعن عن قتادة الحسن أنهما كانا يريان الجوربين في المسح بمنزلة الخفين . وخلاس بن عمرو
وقد روي أيضا عن عبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص وسهل بن سعد . وعن وعمرو بن حريث سعيد بن جبير - فهم ونافع مولى ابن عمر عمر وعلي وعبد الله بن عمرو وأبو مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو أمامة وابن مسعود وسعد وسهل بن سعد ، لا يعرف لهم ممن يجيز المسح على الخفين من الصحابة رضي الله عنهم مخالف . وعمرو بن حريث
ومن التابعين سعيد بن المسيب وعطاء وإبراهيم النخعي والأعمش وخلاس بن عمرو وسعيد بن جبير ، وهو قول ونافع مولى ابن عمر سفيان الثوري والحسن بن حي وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وأبي ثور وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهم . وداود بن علي
وقال : لا يمسح على الجوربين ، وقال أبو حنيفة : لا يمسح عليهما إلا أن يكون أسفلهما قد خرز عليه جلد ، ثم رجع فقال : لا يمسح عليهما ، وقال مالك لا يمسح عليهما إلا أن يكونا مجلدين . الشافعي
قال : اشتراط التجليد خطأ لا معنى له ، لأنه لم يأت به قرآن ولا سنة ولا قياس ولا صاحب ، والمنع من المسح على الجوربين خطأ لأنه خلاف السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخلاف الآثار ، ولم يخص عليه السلام في الأخبار التي ذكرنا خفين من غيرهما . علي
والعجب أن الحنفيين والمالكيين والشافعيين يشنعون ويعظمون مخالفة الصاحب إذا وافق تقليدهم وهم قد خالفوا ههنا أحد عشر صاحبا ، لا مخالف لهم من الصحابة ممن يجيز المسح ، فيهم وابنه عمر وعلي وخالفوا أيضا من [ ص: 325 ] لا يجيز المسح من الصحابة ، فحصلوا على خلاف كل من روي عنه في هذه المسألة شيء من الصحابة رضي الله عنهم ، وخالفوا السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والقياس بلا معنى . وابن مسعود
وبالله تعالى التوفيق .
وأما القائلون بالتوقيت في المسح من الصحابة رضي الله عنهم فروينا من طريق شعبة عن وابن المبارك عاصم الأحول عن قال : شهدت أبي عثمان النهدي سعد بن أبي وقاص اختلفا في المسح ، فمسح وعبد الله بن عمر ولم يمسح سعد ، فسألوا ابن عمر وأنا شاهد فقال عمر بن الخطاب : امسح يومك وليلتك إلى الغد ساعتك . عمر
وعن عن شعبة سمعت عمران بن مسلم قال بعثنا سويد بن غفلة نباتة الجعفي إلى يسأله عن المسح على الخفين ، قال فسأله فقال عمر بن الخطاب : للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة يمسح على الخفين والعمامة ، وهذان إسنادان لا نظير لهما في الصحة والجلالة . عمر
وقد روينا ذلك أيضا من طريق سعيد بن المسيب وزيد بن الصلت كلاهما عن . عمر
ومن طريق عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن قال ثلاثة أيام لمسافر ويوم للمقيم يعني في المسح . عبد الله بن مسعود
وروينا أيضا من طريق عن شقيق بن سلمة ، وهذا أيضا إسناد صحيح . ابن مسعود
ومن طريق عن وكيع عن شعبة الحكم بن عتيبة عن عن القاسم بن مخيمرة : سألت شريح بن هانئ الحارثي عن المسح فقال : للمسافر ثلاثا وللمقيم يوما وليلة . عليا
وعن عن شعبة عن قتادة موسى بن سلمة قال : سألت عن المسح على الخفين فقال : ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، ويوما وليلة للمقيم ، وهذا إسناد في غاية الصحة . ابن عباس
وعن الشعبي عن عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه قال : صارت سنة للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة في المسح .
وعن عن حماد بن سلمة سعيد بن قطن عن أبي زيد الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يوما وليلة . [ ص: 326 ]
وعن عن عبد الرزاق ابن جريج ومحمد بن راشد ويحيى بن ربيعة ، قال أخبرني ابن جريج أبان بن صالح أن عمر بن شريح أخبره أن كان يقول : للمقيم يوم إلى الليل وللمسافر ثلاث . شريكا القاضي
وقال ابن أبي راشد : أخبرني قال : كتب سليمان بن موسى إلى أهل عمر بن عبد العزيز المصيصة : أن اخلعوا الخفاف في كل ثلاث وقال يحيى بن ربيعة : سألت عن المسح على الخفين فقال : ثلاث للمسافر ويوم للمقيم ، وقد روي أيضا عن عطاء بن أبي رباح الشعبي .
وهو قول سفيان الثوري والأوزاعي والحسن بن حي وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وجميع أصحابهم ، وهو قول وداود بن علي وجملة أصحاب الحديث . إسحاق بن راهويه
وقد رواه أيضا عن أشهب والرواية عن مالك مختلفة ، فالأظهر عنه كراهة المسح للمقيم وقد روي عنه إجازة المسح للمقيم ، وأنه لا يرى التوقيت لا للمقيم ولا للمسافر وأنهما يمسحان أبدا ما لم يجنبا . مالك
وتعلق مقلدوه في ذلك بأخبار ساقطة لا يصح منها شيء ، أرفعها من طريق ، رواه خزيمة بن ثابت أبو عبد الله الجدلي صاحب راية الكافر المختار ، ولا يعتمد على روايته ، ثم لو صح لما كانت لهم فيه حجة ; لأنه ليس فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباح المسح أكثر من ثلاث ، ولكن في آخر الخبر من قول الراوي : ولو تمادى السائل لزادنا .
وهذا ظن وغيب لا يحل القطع به في أخبار الناس ، فكيف في الدين إلا أنه صح من هذا اللفظ أن السائل لم يتماد فلم يزدهم شيئا ، فصار هذا الخبر لو صح - حجة لنا عليهم ، ومبطلا لقولهم ، ومبينا لتوقيت الثلاثة أيام في السفر واليوم والليلة في الحضر .
وآخر من طريق ، رواه أنس عن أسد بن موسى ، حماد بن سلمة وأسد منكر الحديث ، ولم يرو هذا الخبر أحد من ثقات أصحاب . حماد بن سلمة
وآخر من طريق منقطع ، ليس فيه إلا { أنس } . إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليصل فيهما وليمسح عليهما ما لم يخلعهما إلا من جنابة
ثم لو صح لكانت أحاديث التوقيت زائدة عليه ، والزيادة لا يحل تركها . [ ص: 327 ] وآخر من طريق أبي بن عمارة ، فيه يحيى بن أيوب الكوفي وأخر مجهولون .
وآخر فيه : قال عمر بن إسحاق بن يسار - أخو : قرأت في كتاب محمد بن إسحاق مع لعطاء بن يسار : { عطاء بن يسار ميمونة عن المسح على الخفين فقالت قلت : يا رسول الله أكل ساعة يمسح الإنسان على الخفين ولا ينزعهما ؟ قال : نعم } . سألت
قال : هذا لا حجة فيه لأن علي لم يذكر عطاء بن يسار لعمر بن إسحاق أنه هو السائل ميمونة ، ولعل السائل غيره ، ولا يجوز القطع في الدين بالشك ، ثم لو صح لم تكن فيه حجة لهم ، لأنه ليس فيه إلا إباحة المسح في كل ساعة ، وهكذا نقول : إذا أتى بشروط المسح من إتمام الوضوء ولباسهما على طهارة وإتمام الوقت المحدود وخلعهما للجنابة ، وهذا كله ليس مذكورا منه شيء في هذا الخبر ، فبطل تعلقهم به .
وذكروا آثارا عن الصحابة رضي الله عنهم لا تصح .
منها أثر عن عن أسد بن موسى عن حماد بن سلمة محمد بن زياد عن زبيد بن الصلت ، سمعت يقول : إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما ما لم يخلعهما إلا من جنابة . وهذا مما انفرد به عمر بن الخطاب عن أسد بن موسى حماد ، وأسد منكر الحديث لا يحتج به ، وقد أحاله ، والصحيح من هذا الخبر هو ما رويناه من طريق عن عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة محمد بن زياد قال سمعت زبيد بن الصلت سمعت يقول : إذا توضأ أحدكم وأدخل خفيه في رجليه وهما طاهرتان فليمسح عليهما إن شاء ولا يخلعهما إلا من جنابة ، وهذا ليس فيه " ما لم يخلعهما " كما روى عمر بن الخطاب أسد ، والثابت عن في التوقيت - برواية عمر نباتة الجعفي ، وهما من أوثق التابعين - هو الزائد على ما في هذا الخبر . وأبي عثمان النهدي
وآخر من طريق عن حماد بن سلمة : أن عبيد الله بن عمر كان لا يجعل في المسح على الخفين وقتا ، وهذا منقطع ; لأن عمر بن الخطاب لم يدرك أحدا أدرك عبيد الله بن عمر ، فكيف عمر . عمر
وآخر من طريق كثير بن شنظير عن الحسن : سافرنا مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا يمسحون على خفافهم من غير وقت ولا عذر ، وكثير ضعيف جدا . [ ص: 328 ]
وخبر رويناه من طريق ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك سعيد بن يزيد عن عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح أن عقبة بن عامر عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة بعثاه بريدا إلى برأس سان - فذكر الحديث وفيه : ثم أقبل على أبي بكر عقبة وقال : مذ كم لم تنزع خفيك ؟ قال من الجمعة إلى الجمعة ، قال أصبت .
وقد حدث به عبد الرحمن مرة عن عن يزيد بن أبي حبيب أبي الخير عن عقبة .
قال : هذا أقرب ما يمكن أن يغلط فيه من لا يعرف الحديث ، وهذا خبر معلول ; لأن علي لم يسمعه من يزيد بن أبي حبيب ولا من علي بن رباح أبي الخير ، وإنما سمعه من عبد الله بن الحكم البلوي عن . علي بن رباح
وعبد الله بن الحكم مجهول ، هكذا رويناه من طريق عن ابن وهب عمرو بن الحارث كلاهما عن والليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عبد الله بن الحكم أنه سمع يخبر أن علي بن رباح اللخمي قال : قدمت على عقبة بن عامر الجهني بفتح عمر الشام وعلي خفان لي جرموقان غليظان ، فقال لي : كم لك مذ لم تنزعهما ؟ قلت لبستهما يوم الجمعة واليوم الجمعة ، قال أصبت . عمر
قال : وسمعت ابن وهب يذكر عن زيد بن الحباب أنه قال : لو لبست الخفين ورجلاي طاهرتان وأنا على وضوء لم أبال أن لا أنزعهما حتى أبلغ عمر بن الخطاب العراق .
قال : فهكذا هو الحديث ، فسقط جملة - ولله الحمد - علي لم يلق أحدا رأى وزيد بن الحباب فكيف عمر . عمر
وقد روي أيضا هذا الخبر من طريق عن معاوية بن صالح عياض القرشي عن أن يزيد بن أبي حبيب عقبة وهذا أسقط وأخبث ; لأن يزيد لم يدرك عقبة وفيه وليس بالقوي ، فبطل كل ما جاء في هذا الباب . معاوية بن صالح
ولا يصح خلاف التوقيت عن أحد من الصحابة إلا عن فقط ، فإننا روينا من طريق ابن عمر عن هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع أنه كان لا يوقت في المسح على الخفين شيئا . [ ص: 329 ] ابن عمر
قال : وهذا لا حجة فيه ; لأن أبو محمد لم يكن عنده المسح ولا عرفه ، بل أنكره حتى أعلمه به ابن عمر سعد بالكوفة ، ثم أبوه بالمدينة في خلافته ، فلم يكن في علم المسح كغيره ، وعلى ذلك فقد روي عنه التوقيت .
روينا من طريق حماد بن زيد عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عن نافع قال : أين السائلون عن المسح على الخفين ؟ للمسافر ثلاثا وللمقيم يوما وليلة . ابن عمر
ثم لو صح عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهم ما ذكرنا ، وكان قد خالف ذلك وعقبة علي وغيرهما ، لوجب عند التنازع الرد إلى بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيانه عليه السلام قد صح بالتوقيت ، ولم يصح عنه شيء غيره أصلا ، فكيف ولم يصح قط عن وابن مسعود إلا التوقيت . عمر
قال : فإذا انقضى الأمدان المذكوران ، فإن علي أبا حنيفة وبعض أصحابنا قالوا : يخلعهما ويغسل رجليه ولا بد ، وقال والشافعي : إذا أبو حنيفة ببول أو ريح أو غير ذلك أو تكلم عمدا أو نسيانا فقد تمت صلاته ، وليس السلام من الصلاة فرضا . قعد الإنسان مقدار التشهد في آخر صلاته ثم أحدث عمدا أو نسيانا
قال : فإن فقد بطلت صلاته وبطلت طهارته ما لم يسلم ، وفي هذا من التناقض والخطأ ما لا يحتاج معه إلا تكليف رد عليه ، والحمد لله على السلامة . قعد مقدار التشهد في آخر صلاته وانقضى وقت المسح بعد ذلك
وقد قال مرة : يبتدئ الوضوء . الشافعي
وقال إبراهيم النخعي والحسن البصري وابن أبي ليلى : يصلي ما لم تنتقض طهارته بحدث ينقض الوضوء ، وهذا هو القول الذي لا يجوز غيره ، لأنه ليس في شيء من الأخبار أن الطهارة تنتقض عن أعضاء الوضوء ولا عن بعضها بانقضاء وقت المسح ، وإنما نهي عليه السلام عن أن يمسح أحد أكثر من ثلاث للمسافر أو يوم وليلة للمقيم . وداود
فمن قال غير هذا فقد أقحم في الخبر ما ليس فيه ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ، فمن فعل ذلك واهما فلا شيء عليه ، ومن فعل ذلك عامدا بعد قيام الحجة عليه فقد أتى كبيرة من الكبائر ، والطهارة لا ينقضها إلا الحدث ، وهذا قد صحت طهارته ولم يحدث فهو طاهر ، والطاهر يصلي ما لم يحدث أو ما لم يأت نص جلي في أن [ ص: 330 ] طهارته انتقضت وإن لم يحدث ، وهذا الذي انقضى وقت مسحه لم يحدث ولا جاء نص في أن طهارته انتقضت لا عن بعض أعضائه ولا عن جميعها ، فهو طاهر يصلي حتى يحدث ، فيخلع خفيه حينئذ وما على قدميه ويتوضأ ثم يستأنف المسح توقيتا آخر ، وهكذا أبدا وبالله تعالى التوفيق .
وأما من قال إن الطهارة تنتقض عن قدميه خاصة ، فقول فاسد لا دليل عليه لا من سنة ، ولا من قرآن ، ولا من خبر واه ، ولا من إجماع ، ولا من قول صاحب ، ولا من قياس ، ولا رأي سديد أصلا ، وما علم في الدين قط حدث ينقض الطهارة - بعد تمامها وبعد جواز الصلاة بها - عن بعض الأعضاء دون بعض ، وبالله تعالى التوفيق .
وأما تقسيم فما روي قط عن أحد من الناس قبله ، وبالله تعالى نتأيد . أبي حنيفة