ومن فليس عليه أن يمسح على شيء من ذلك ، وقد سقط حكم ذلك المكان ، فإن سقط شيء من ذلك بعد تمام الوضوء فليس عليه إمساس ذلك المكان بالماء ، وهو على طهارته ما لم يحدث . كان على ذراعيه أو أصابعه أو رجليه جبائر أو دواء ملصق لضرورة
برهان ذلك قول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { } فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه المرء ، وكان التعويض منه شرعا ، والشرع لا يلزم إلا بقرآن أو سنة ، ولم يأت قرآن ولا سنة بتعويض المسح على الجبائر والدواء من غسل ما لا يقدر على غسله ، فسقط القول بذلك فإن قيل فإنه قد روي من طريق إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم زيد عن أبيه عن جده عن { علي } قلنا : هذا خبر لا [ ص: 317 ] تحل روايته إلا على بيان سقوطه ; لأنه انفرد به قلت يا رسول الله أمسح على الجبائر ؟ قال نعم امسح عليها أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي وهو مذكور بالكذب .
فإن قيل : فقد جاء أنه { } قلنا : هذا لا يصح من طريق الإسناد ، ولو كان لما كانت فيه حجة ، لأن العصائب هي العمائم ، قال عليه السلام أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين : الفرزدق
وركب كأن الريح تطلب عندهم لها ترة من جذبها بالعصائب
والتساخين هي الخفاف .وإنما أوجب من أوجب المسح على الجبائر قياسا على المسح على الخفين ، والقياس باطل ، ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه باطلا ، لأن المسح على الخفين فيه توقيت ، ولا توقيت في المسح على الجبائر ، مع أن قول القائل : لما جاز المسح على الخفين وجب المسح على الجبائر ، دعوى بلا دليل ، وقضية من عنده ، ثم هي أيضا موضوعة وضعا فاسدا لأنه إيجاب فرض قيس على إباحة وتخيير ، وهذا ليس من القياس في شيء .
وقد روينا مثل قولنا عن بعض السلف ، كما روينا من طريق عن ابن المبارك عن سفيان الثوري عبد الملك بن أبجر عن الشعبي أنه قال في الجراحة : اغسل ما حولها ، فإن قيل : قد رويتم عن أنه ألقم أصبع رجله مرارة فكان يمسح عليها . ابن عمر
قلنا : هذا فعل منه ، وليس إيجابا للمسح عليها ، وقد صح عنه { } ، وأنتم لا ترون ذلك ، فضلا عن أن توجبوه فرضا ، وصح أن كان يجيز بيع الحامل واستثناء ما في بطنها ، وهذا عندكم حرام ، ومن المقت عند الله تعالى أن تحتجوا به فيما اشتهيتم وتسقطوا الحجة به حيث لم تشتهوا ، وهذا عظيم في الدين جدا . رضي الله عنه [ ص: 318 ] أنه كان يدخل الماء في باطن عينيه في الوضوء والغسل
وإذ قد صح ما ذكرنا فالوضوء إذا تم وجازت به الصلاة فلا ينقضه إلا حدث أو نص جلي وارد بانتقاضه ، وليس حدثا ، ولا جاء نص بإيجاب الوضوء من ذلك ، والشرائع لا تؤخذ إلا عن الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وممن رأى المسح على الجبائر سقوط اللصقة أو الجبيرة أو الرباط أبو حنيفة ومالك ولم ير ذلك والشافعي وأصحابنا ، وبالله تعالى التوفيق . داود