207 - مسألة : ومن أجزأه ذلك ، وإن طالت المدة في خلال ذلك أو قصرت ، ما لم يحدث في خلال وضوئه ما ينقض الوضوء ، وما لم يحدث في خلال غسله ما ينقض الغسل . فرق وضوءه أو غسله
برهان ذلك أن الله عز وجل أمر بالتطهر من الجنابة والحيض ، وبالوضوء من الأحداث ، ولم يشترط عز وجل في ذلك متابعة ، فكيفما أتى به المرء أجزأه ; لأنه قد وقع عليه اسم الأخبار بأنه تطهر ، وبأنه غسل وجهه وذراعيه ومسح رأسه وغسل رجليه .
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز الحجاج بن المنهال ثنا عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب - عن أبي سلمة وهو ابن عبد الرحمن بن عوف قالت { عائشة } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا [ ص: 313 ] أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثلاثا ، ثم يأخذ بيمينه فيصب على يساره فيغسل فرجه حتى ينقيه ، ثم يغسل يديه غسلا حسنا ، ثم يمضمض ثلاثا ، ثم يستنشق ثلاثا ويغسل وجهه ثلاثا ، ويغسل ذراعيه ثلاثا ، ثم يصب على رأسه ثلاثا ثم يغسل جسده غسلا ، فإذا خرج من مغتسله غسل رجليه
قال : إذا جاز أن يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين وضوئه وغسله وبين تمامهما بغسل رجليه مهلة خروجه من مغتسله ، فالتفريق بين المدد لا نص فيه ولا برهان ، وهذا قول السلف كما روينا من طريق علي عن مالك عن نافع : أنه بال بالسوق ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دعي لجنازة حين دخل المسجد ليصلي عليها فمسح على خفيه ثم صلى عليها . ابن عمر
- وروينا عن عن سفيان الثوري المغيرة عن قال : كان أحدهم يغسل رأسه من الجنابة بالسدر ثم يمكث ساعة ثم يغسل سائر جسده ، إبراهيم تابع أدرك أكابر التابعين وصغار الصحابة رضي الله عنهم ، قال وإبراهيم في الرجل تكون له المرأة والجارية فيرافث امرأته بالغسل أنه لا بأس بأن يغسل رأسه ثم يمكث ثم يغسل سائر جسده بعد ولا يغسل رأسه وعن إبراهيم عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال : إن غسل الجنب رأسه بالسدر أو بالخطمي ثم يجلس حتى يجف رأسه فحسبه ذلك . عطاء
وهو قول أبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري والأوزاعي ، وقد روي نحو هذا عن والحسن بن حي سعيد بن المسيب . وطاوس
وقال : إن طال الأمد ابتدأ الوضوء ، وإن لم يطل بنى على وضوئه ، وقد روينا عن مالك قتادة وغيرهم نحو هذا . وابن أبي ليلى
وحد بعضهم ذلك بالجفوف ، وحد بعضهم ذلك بأن يكون في طلب الماء فيبني أو يترك وضوءه ويبتدئ .
قال : أما تحديد أبو محمد بالطول فإنه يكلف المنتصر له بيان ما ذلك الطول الذي تجب به شريعة ابتداء الوضوء ، والقصر الذي لا تجب به هذه الشريعة ، فلا سبيل لهم إلى ذلك إلا بالدعوى التي لا يعجز عنها أحد ، وما كان من الأقوال لا [ ص: 314 ] برهان على صحته فهو باطل ، إذ الشرائع غير واجبة على أحد حتى يوجبها الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . مالك
وأما من حد ذلك بجفوف الماء فخطأ ظاهر ، لأنه دعوى بلا برهان ، وما كان هكذا فهو باطل لما ذكرناه ، وأيضا فإن في الصيف في البلاد الحارة لا يتم أحد وضوءه حتى يجف وجهه ، ولا يصح وضوء على هذا . وأما من حد في ذلك بما دام في طلب الماء ، فقول أيضا لا دليل على صحته ، والدعوى لا يعجز عنها أحد ، والعجب أن يجيز أن يجعل المرء إذا رعف بين أجزاء صلاته مدة وعملا ليس من الصلاة ، ثم يمنع من ذلك في الوضوء . مالكا
قال : فإن تعلق بعضهم بخبر رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق علي عن بقية بحير عن عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم { خالد } فإن هذا خبر لا يصح لأن راويه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وفي قدمه لمعة لم يصبها الماء ، فأمره عليه السلام أن يعيد الوضوء والصلاة ، وليس بالقوي ، وفي السند من لا يدري من هو ، وروينا أيضا عن بقية خالد الحذاء عن عن أبي قلابة وعن عمر بن الخطاب عن أبي سفيان عن جابر : أنه رأى رجلا يصلي وقد ترك من رجله موضع ظفر فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة . عمر بن الخطاب
قال : أما الرواية عن علي أيضا فلا تصح ; لأن عمر لم يدرك أبا قلابة ، عمر ضعيف . وأبو سفيان
وقد جاء أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أحسن من هذا ، رويناه من طريق ثنا قاسم بن أصبغ عن بكر بن مضر حرملة بن يحيى ثنا عن ابن وهب عن جرير بن حازم عن قتادة { أنس } وعن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه وقد توضأ وترك موضع الظفر لم يصبه الماء ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع فأحسن وضوءك عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر مثل هذا أيضا . عمر
قال : لا يصح عن أحد من الصحابة خلاف فعل علي هذا ، فقد خالفوا [ ص: 315 ] ههنا صاحبا لا يعرف له من الصحابة مخالف ، وبيقين يدري كل ذي علم أن مرور الأوقات ليس من الأحداث الناقضة للوضوء ، وقد تناقض عمر في هذا المكان فرأى أن من نسي عضوا من أعضاء وضوئه فإن غسله أجزأه ، ورأى فيمن مالك فإن وضوء رجليه عنده قد انتقض وأنه ليس عليه إلا غسل رجليه فقط ، وهذا تبعيض الوضوء الذي منع منه ، وبالله تعالى التوفيق . توضأ ومسح على خفيه وبقي كذلك نهاره ثم خلع خفيه