2015 - مسألة : يحرم ، وهو ما ذكرنا آنفا : من أن ترضع امرأة رجل ذكرا ، وترضع امرأته الأخرى أنثى : فتحرم إحداهما على الأخرى . لبن الفحل
وقد رأى قوم من السلف هذا لا يحرم شيئا - : كما صح عن عائشة أم المؤمنين [ ص: 179 ] رضي الله عنها رويناه من طريق أبي عبيد أنا عن إسماعيل بن جعفر محمد بن عمرو بن علقمة عن عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عائشة أم المؤمنين : أنها كانت تأذن لمن أرضعته أخواتها ، وبنات أخيها ولا تأذن لمن أرضعته نساء إخوتها وبني إخوتها ومثله من طريق عن مالك أن أباه حدثه بذلك عن عبد الرحمن بن القاسم عائشة أم المؤمنين .
ومن طريق أنا سعيد بن منصور قال : أخبرني عبد العزيز بن محمد الدراوردي ربيعة ، ويحيى بن سعيد ، وعمرو بن عبد الله ، وأفلح بن حميد ، كلهم عن قال : كان يدخل على القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - من أرضعته بنات أبي بكر ، ولا يدخل عليها من أرضعته نساء أبي بكر .
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري خصيف عن عن أبيه سالم بن عبد الله بن عمر أنه قال : لا بأس بلبن الفحل . عبد الله بن عمر
ورويناه أيضا من طريق . جابر بن عبد الله
ومن طريق أبي عبيد أنا عن إسماعيل بن جعفر محمد بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود : أن أمه أم المؤمنين أرضعتها زينب بنت أم سلمة امرأة أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت الزبير زينب : فأرسل إلي يخطب ابنتي عبد الله بن الزبير أم كلثوم على أخيه حمزة بن الزبير وكان حمزة ابن الكلبية ، فقلت لرسوله : وهل تحل له ؟ إنما هي بنت أخيه ، فأرسل إلي إنما تريدين المنع أنا وما ولدت ابن الزبير إخوتك ، وما كان من ولد أسماء من غير الزبير فليسوا لك بإخوة فأرسلي فاسألي عن هذا ؟ فأرسلت فسألت ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون وأمهات المؤمنين - فقالوا : إن الرضاعة من قبل الرجال لا تحرم شيئا ؟ فأنكحتها إياه ، فلم تزل عنده حتى هلكت . أسماء
ومن طريق الحجاج بن المنهال أنا أنا حماد بن سلمة أن يحيى بن سعيد الأنصاري حمزة بن الزبير بن العوام تزوج ابنة زينب بنت أم سلمة وقد أرضعت أسماء بنت أبي بكر بلبن زينب بنت أم سلمة ، قال الزبير : وكانت يحيى بن سعيد امرأة سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قد أرضعت حمزة بن عبد الله بن عمر فولد من امرأة أخرى غلام اسمه لسالم بن عبد الله فتزوج عمر بنت حمزة بن عبد الله بن عمر .
[ ص: 180 ] ومن طريق أنا سعيد بن منصور أخبرني عبد العزيز بن محمد الدراوردي عمرو بن حسين مولى : أن قدامة بن مظعون زوج ابنا له أختا له من أبيه من الرضاعة . سالم بن عبد الله بن عمر
ومن طريق ، عبد الرزاق ، قال ووكيع : عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري ، وقال : الأعمش عن وكيع عن شعبة ، قالا جميعا : عن الحكم بن عتيبة قال : لا بأس بلبن الفحل . إبراهيم النخعي
ومن طريق أنا حماد بن سلمة محمد بن عمرو عن : أنه سأل يزيد بن عبد الله بن قسيط ، سعيد بن المسيب ، وعطاء بن يسار ; وسليمان بن يسار وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، قالوا كلهم : إنما يحرم من الرضاعة ما كان من قبل النساء ، ولا يحرم ما كان من قبل الرجال .
ومن طريق أبي عبيد أنا - هو أبو معاوية - عن محمد بن خازم الضرير محمد بن عمرو عن فذكره عنهم ، وزاد فيهم يزيد بن عبد الله بن قسيط أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة - وروي أيضا عن ، مكحول والشعبي .
ومن طريق أنا سعيد بن منصور عن خالد بن عبد الله الواسطي خالد الحذاء عن عن بكر بن عبد الله أنه لم يكن يرى بلبن الفحل بأسا . أبي قلابة
ومن طريق أنا سعيد بن منصور أخبرني عبد العزيز بن محمد أفلح بن حميد ، قال : قلت للقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق : إن فلانا من آل أبي فروة أراد أن يزوج غلاما أخته من أبيه من الرضاعة ؟ فقال القاسم : لا بأس بذلك .
وذهب آخرون إلى التحريم به : كما روينا من طريق أبي عبيد . أنا عن إسماعيل بن جعفر محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة أن أمه زينب بنت أم سلمة أم المؤمنين أرضعتها قالت أسماء بنت أبي بكر الصديق امرأة الزبير بن العوام زينب : فكان يدخل علي وأنا أمتشط فيأخذ بقرن من قرون رأسي يقول : أقبلي علي فحدثيني أرى أنه أبي وما ولد فهم إخوتي . الزبير
ومن طريق أبي عبيد أنا عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس ابن شهاب عن [ ص: 181 ] عمرو بن الشريد عن أنه سئل عن رجل كانت له امرأتان أرضعت إحداهما جارية ، والأخرى غلاما ، أيحل أن يتناكحا ؟ فقال ابن عباس : لا ، اللقاح واحد . ابن عباس
ومن طريق أنا يحيى بن سعيد القطان : سألت عباد بن منصور القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، ، وطاوسا ، وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري ، فقلت : امرأة أبي أرضعت بلبان إخوتي جارية من عرض الناس ألي أن أتزوجها ؟ فقال القاسم : لا ، أبوك أبوها - وقال ، عطاء ، وطاوس والحسن : هي أختك . ومن طريق أنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر ، أنه كره لبن الفحل . ومن طريق مجاهد ، سعيد بن منصور وأبي عبيد ، قالا : أنا أن هشيم عبد الله بن سبرة الهمداني إنه سمع الشعبي : يكره لبن الفحل .
ومن طريق أنا حماد بن سلمة عن أبيه في رجل أرضعت امرأة أبيه امرأة وليست أمه : أتحل له ؟ قال هشام بن عروة بن الزبير : لا تحل له . عروة
ومن طريق عن مالك ابن شهاب قال : الرضاعة من قبل الأم تحرم .
ومن طريق أبي عبيد أنا عن عبد الله بن إدريس الأودي قال : كان الأعمش عمارة ، وأصحابنا : لا يرون بلبن الفحل بأسا ، حتى أتاهم وإبراهيم الحكم بن عتيبة بخبر أبي القعيس . قال : هكذا يفعل أهل العلم ، لا كمن يقول : أين كان فلان وفلان عن هذا الخبر ؟ وهو قول أبو محمد ، سفيان الثوري والأوزاعي ، ، والليث بن سعد ، وأبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي وأصحابهم . وأبي سليمان
وتوقف فيه آخرون - : كما روينا من طريق أنا سعيد بن منصور - أنا إسماعيل بن إبراهيم - هو ابن علية قال : سألت عباد بن منصور عن جارية من عرض الناس أرضعتها امرأة أبي ، أترى لي أن أتزوجها ؟ فقال : اختلف فيها الفقهاء ، فلست أقول شيئا - وسألت مجاهدا فقال : مثل قول ابن سيرين . مجاهد
قال : فنظرنا في ذلك فوجدنا - ما رويناه من طريق أبو محمد أنا مسلم بن الحجاج حرملة بن يحيى التجيبي - أنا أخبرني ابن وهب عن يونس بن يزيد ابن شهاب [ ص: 182 ] عن { عروة بن الزبير أم المؤمنين أنها أخبرته أنه جاء عائشة أفلح أخو أبي القعيس يستأذن عليها بعد الحجاب ، وكان أبو القعيس أبا من الرضاعة قالت عائشة : فقلت : والله لا آذن عائشة لأفلح حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أبا القعيس ليس هو الذي أرضعني ، ولكن أرضعتني امرأته ، فلما دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله إن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن علي فكرهت أن آذن حتى أستأذنك ؟ قالت : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ائذني له } . عن
ونا محمد بن سعيد بن نبات أنا إسماعيل بن إسحاق النصري أنا عيسى بن حبيب القاضي أنا عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري حدثني جدي محمد بن عبد الله أنا عن سفيان بن عيينة الزهري كلاهما عن وهشام بن عروة عروة عن أم المؤمنين - يزيد أحدهما على صاحبه قالت { عائشة } . جاء عمي بعد ما ضرب الحجاب فاستأذن علي فلم آذن له ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ائذني له فإنه عمك ، فقلت : يا رسول الله فإنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل قال : تربت يمينك ائذني له فإنه عمك
ومن طريق أنا مسلم عبد الله بن معاذ العنبري أنا أبي أنا عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن عروة عن عراك بن مالك أم المؤمنين قالت : { عائشة أفلح بن قعيس ، فأبيت أن آذن له فأرسل إلي : إني عمك أرضعتك امرأة أخي ، فأبيت أن آذن له فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : ليدخل عليك فإنه عمك } . استأذن علي
فكان هذا خبرا لا تجوز مخالفته وهو زائد على ما في القرآن .
وأما الحنفيون ، والمالكيون ، فتناقضوا هاهنا أقبح تناقض ; لأن كلتا الطائفتين [ ص: 183 ] تقول : إذا روى الصاحب خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروي عن ذلك الصاحب خلاف ما روى ، فهو دليل على نسخ ذلك الخبر ، قالوا ذلك في مواضع - :
منها - ما روي عن في ولد المدبرة أنه يعتق في عتقها ويرق في رقها - فادعوا أن هذا خلاف لما روي عن جابر عن { جابر } . النبي صلى الله عليه وسلم باع مدبرا
والعجب أنه ليس خلافا لما روي ، بل هو موافق لبيع المدبر ; لأن فيه يرق برقها .
قال : وهذا خبر لم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبو محمد وحدها ، وقد صح عنها خلافه ، فأخذوا بروايتها وتركوا رأيها ، ولم يقولوا : لم تخالفه إلا لفضل علم عندهن ، وقالوا : لا ندري لأي معنى لم يدخل عليها من أرضعته نساء إخوتها . عائشة
قال : فكان هذا عجبا جدا يثبت عنها ، كما أردنا : أنه كان لا يدخل عليها من أرضعته نساء أبو محمد أبي بكر ، ونساء إخوتها ، ونساء بني إخوتها بأصح إسناد ، وأنه كان يدخل عليها من أرضعته أخواتها ، وبنات أخواتها ، فهل هاهنا شيء يمكن أن يحمل هذا عليه ؟ إلا أن الذين أذنت لهم رأتهم ذوي محرم منها ، وأن الذين لم تأذن لهم لم ترهم ذوي محرم منها - ولكنهم لا يستحيون من المجاهرة بالباطل ، ومدافعة الحق بكل ما جرى على ألسنتهم من غث ورث - ونعوذ بالله من الضلال .
وقال بعضهم : للمرأة أن تحتجب ممن شاءت من ذوي محارمها ؟ فقلنا : إن ذلك لها إلا أن تخصيصها - رضي الله عنها - بالاحتجاب عنهم من أرضعته نساء أبيها ، ونساء إخوتها ، ونساء بني أخواتها ، دون من أرضعته أخواتها ، وبنات أخواتها ، لا يمكن إلا للوجه الذي ذكرنا ، لا سيما مع تصريح - وهو أخص الناس بها - بأن لبن الفحل لا يحرم ، وأفتى ابن الزبير القاسم بذلك ، فظهر تناقض أقوالهم - والحمد لله رب العالمين .
وعهدنا بالطائفتين تعترض كلتاهما عن الخبر الثابت بالمسح على العمامة وعلى رضاع سالم بأنها زيادة على ما في القرآن ، ولا شك في أن التحريم بلبن الفحل زيادة على ما في القرآن ، ولم يجئ مجيء التواتر - فظهر أيضا تناقضهم هاهنا .
وعهدنا بالطائفتين تقولان : إن ما كثر به البلوى لم يقبل فيه خبر الواحد ، وراموا بذلك الاعتراض على الخبر الثابت : من أن البيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا ولبن [ ص: 184 ] الفحل مما تكثر به البلوى ، وقد خالفته الصحابة ، وأمهات المؤمنين هكذا جملة ، ، وابن الزبير وزينب بنت أم سلمة ، والقاسم ، وسالم ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء بن يسار ، وسليمان بن يسار ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، ، وإبراهيم النخعي ، وأبو قلابة ، وغيرهم ، فهلا قالوا هاهنا : لو كان صحيحا ما خفي على هؤلاء ، وهو مما تكثر به البلوى ، كما قالوا في خبر التفرق في البيع ، وما نعلمه خفي عن أحد من الصحابة ، والتابعين ، إلا عن ومكحول وحده - فظهر بهذا فساد أصولهم الفاسدة التي ذكرنا ، وأنها لا معنى لها ، وإنما هي اعتراض على الحق بالباطل - ونعوذ بالله من الخذلان . إبراهيم النخعي