وها هنا أمر قريب جدا - نحن قد صرحنا بأنه لم يكن في ذلك عند سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتمها ، ولم ينصها ويبينها فليصرحوا بأنه كان عند عمر في ذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخبر بنصها الناس ، حتى يروا من منا الذي يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأينا يضيف إلى عمر ما قد نزهه الله تعالى عنه ولا نقنع منهم إلا بالقطع بأنه كان عنده - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أن للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة مدة العدة . عمر
وأما كتاب الله تعالى فقد بينه ، إذ أتى بالآية المذكورة وهي حجة لفاطمة عليه ; لأن فيها { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف } فهل يشك أحد في أن هذه الآية في الطلاق الرجعي خاصة ؟ ولو ذكر بذلك لرجع كما رجع عن قوله ، إذ منع من أن يزيد أحد على [ ص: 101 ] أربعمائة درهم في صداق امرأة حين ذكرته امرأة بقول الله تعالى : { عمر وآتيتم إحداهن قنطارا } فتذكر ورجع .
وكما ذكره إذ سل سيفه وقال : لا يقولن أحد : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات إلا ضربته بالسيف ؟ فلما تلا عليه أبو بكر قول الله تعالى : { أبو بكر إنك ميت وإنهم ميتون } سقط إلى الأرض .
وبهذا احتجت نصا - : كما روينا من طريق فاطمة عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عبيد الله بن عبد الله أن قالت حين بلغها قول فاطمة مروان في هذا الخبر بيني وبينكم كتاب الله عز وجل قال الله تعالى { فطلقوهن لعدتهن } إلى قوله سبحانه { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } قالت : فأي أمر يحدث بعد الثلاث .
وأما قوله " لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت " فإن ما أمكن من النسيان على فهو ممكن على فاطمة بلا شك . عمر
وأقرب ذلك تذكير له بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما جميعا بالتيمم من الجنابة لمن لم يجد الماء ، فلم يذكر عمار ذلك ، وثبت على أنه لا يصلي حتى يجد الماء . عمر
وقد ذكرناه من طريق في كتبنا وكما نسي ما ذكرنا آنفا فليس جواز النسيان مانعا من قبول رواية العدل الذي قد افترض الله تعالى قبول روايته ، ولو كان ذلك لوجب على أصول خصومنا ترك خبر الواحد جملة ورد شهادة كل شاهد في الإسلام لجواز النسيان في هذا . البخاري
[ ص: 102 ] فمن أضل ممن يحتج بما هو أول مبطل له عصبية ولجاجا في الباطل .
وهكذا القول في قوله لها " إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم " فهم أول مخالف لهذا ؟ ولو لزم هذا للزم فاطمة في كل ما حدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل أحد من الصحابة ولا فرق . عمر
فمن أضل ممن يموه على المسلمين بأشياء هو بدين الله تعالى بخلافها وبطلانها - ونعوذ بالله من الخذلان .
فإن قيل : فقد رويتم من طريق عن حماد بن سلمة أنه أخبر حماد بن أبي سليمان إبراهيم النخعي بحديث الشعبي عن فقال له فاطمة بنت قيس إبراهيم : إن أخبر بقولها فقال : لسنا بتاركي آية من كتاب الله تعالى وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقول امرأة لعلها أوهمت سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لهما السكنى والنفقة ؟ قلنا : هذا مرسل ; لأن عمر إبراهيم لم يولد إلا بعد موت بسنين . عمر
ثم لو صح لما كانت فيه حجة ; لأنه ليس فيه أن سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم : { عمر } . للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة
وقد يمكن أن يسمعه عليه السلام يقول للمطلقة السكنى والنفقة ، فيحمل ذلك على عمومه ، وهذا لا يجوز ، بل يجب استعمال ذلك مع حديث ولا بد ، فيستثنى الأقل من الأكثر ، ولا يجوز رد نص ثابت بين إلا بنص ثابت بين ، لا بمشكلات لا تصح وبمجملات لا بيان فيها ، فلم يبق من كل ذلك إلا أن فاطمة أنكر على عمر فقط ، مع أن هذا الخبر الساقط لا يرضاه المالكيون ولا الشافعيون . فاطمة
وموهوا أيضا - بما روينا من طريق أخبرني ابن وهب ابن سمعان أن ابن قسيط أخبره أن كان يقول : إذا طلق الرجل امرأته وهو صحيح سوى ثلاثا فلا نفقة لها إلا أن تكون حاملا فينفق عليها حتى تضع حملها ; للحامل المطلقة النفقة في كتاب الله عز وجل [ ص: 103 ] وعلى ذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي السنة . ابن المسيب
قال : هذا في غاية السقوط ; لأن أبو محمد ابن سمعان مذكور بالكذب أسقطه وغيره ، وأما احتجاجه بأن لها النفقة في كتاب الله عز وجل فإنما النفقة في كتاب الله تعالى للمطلقة الرجعية . مالك
وأما قوله " على ذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " فكل من روينا عنه في ذلك شيئا ، فإنما هم على أن لها النفقة حاملا أو غير حامل ، أو على أنه لا نفقة لها أصلا ، إلا وحده . ابن عمر
وأما الرجعية فلا شك أن لها النفقة عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما قوله " وهي السنة " فقد قالها في دية أصابع المرأة ، فلم يلتفت إلى قوله في ذلك الحنفيون والشافعيون .
وقال من هو خير منه ما روينا من طريق أبي داود أنا أنا محمد بن كثير سفيان عن عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف طلحة بن عبد الله بن عوف قال صليت مع على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب فقال : إنها من السنة ، فلم يلتفت إلى قوله ذلك الحنفيون والمالكيون . ابن عباس
فمن أضل ممن يدين بتصحيح قول لم يثبت عن " هي السنة " ولا يصدق القول الثابت عن سعيد بن المسيب هي السنة ألا هكذا فليكن الباطل والضلال . ابن عباس
وذكروا - : ما روينا من طريق أبي داود أنا أحمد بن زهير نا أنا أحمد بن يونس زهير أنا جعفر بن برقان أنا قال : قلت ميمون بن مهران لسعيد بن المسيب طلقت فخرجت من بيتها ، فقال فاطمة بنت قيس سعيد : تلك المرأة فتنت الناس ، إنها كانت لسنة ، فوضعت على يدي . ابن أم مكتوم
قال : هذا مرسل لا ندري من أخبر أبو محمد سعيدا بذلك فهو ساقط .
وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المطلقة ثلاثا { } الذي أوردنا قبل بأصح إسناد يبطل هذه الظنون الكاذبة كلها ، ويبين أنه ليس ذلك في ليس لها سكنى ولا [ ص: 104 ] نفقة وحدها ، بل في كل مطلقة ثلاثا . فاطمة
وذكروا - : ما ناه حمام أنا عباس بن أصبغ أنا محمد بن عبد الملك بن أيمن أنا مطلب أنا أبو صالح - هو عبد الله بن صالح كاتب الليث حدثني حدثني الليث عقيل عن ابن شهاب أخبرني فذكر حديث أبو سلمة بن عبد الرحمن . فاطمة
ثم قال : فأنكر الناس عليها ما كانت تحدث من خروجها من قبل أن تحل .
قال : وهذا ساقط ; لأنه من رواية أبو محمد - وهو ضعيف جدا - كما ذكرنا قبل . عبد الله بن صالح
ولا ندري من هؤلاء الناس ، وإنما ندري أن الحجة تقوم على الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا أن الحجة تقوم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالناس ، وإنكار من أنكر من الناس هو الذي يجب أن ينكر حقا .
وذكروا - : ما روينا من طريق أنا مسلم إسحاق بن إبراهيم أنا أنا عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عبيد الله بن عتبة فذكر حديث هذا ، فقال فاطمة : لم يسمع هذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها . مروان
قال : لو أن أبو محمد مروان تورع هذا الورع حيث شق عصا المسلمين ، وخرج على أمير المؤمنين ، بلا تأويل ولا تمويه ، فأخذ بالعصمة التي وجد جميع [ ص: 105 ] الناس وأهل الإسلام عليها من القول بإمامة ابن الزبير من أقصى أعمال ابن الزبير إفريقية إلى أقصى خراسان - حاشا أهل الأردن - لكان أولى به وأنجى له في آخرته .
وقد ذكرنا اختلاف الصحابة - رضي الله عنهم - فيما ادعى فيه العصمة ، واحتجوا بما روينا من طريق أنا مسلم أنا محمد بن المثنى أنا حفص بن غياث عن أبيه عن هشام بن عروة قالت { فاطمة بنت قيس } . قلت يا رسول الله : إن زوجي طلقني ثلاثا وأنا أخاف أن يقتحم علي قال : فأمرها فتحولت
قال : هذا كما ترون فتأملوا قوله { أبو محمد } ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا من كلام فأمرها فتحولت ; لأن نصه قال : { فاطمة } فصح أنه من كلام فأمرها فتحولت عروة - ولا يخلو هذا الخبر من أن يكون لم يسمعه عروة من فيكون مرسلا - : فاطمة
ويوضح ذلك - : أنه ما خبرنا به يونس بن عبد الله بن مغيث قال أنا محمد بن أحمد بن خالد أنا أبي أنا محمد بن وضاح أنا عن أبو بكر بن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن أبيه قال { هشام بن عروة : يا رسول الله إني أخاف أن يقتحم علي فأمرها أن تتحول فاطمة بنت قيس } فإن كان هذا هو أصل الخبر فهو منقطع ، ولا حجة في منقطع ، أو يكون قالت عروة سمعه من فلا حجة فيه أيضا ; لأنه ليس فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنما آمرك بالتحول من أجل خوفك أن يقتحم عليك - وإذ لم يقل عليه الصلاة والسلام هذا فلا يحل لمسلم يخاف النار أن يقول : إنه عليه الصلاة والسلام إنما أمرها بالتحول من أجل ذلك ; لأنه إخبار عنه عليه الصلاة والسلام بما لم يخبر به عن نفسه . فاطمة
وعلى كل حال فقد صح : من طريق ، أبي سلمة بن عبد الرحمن والشعبي وأبي بكر بن أبي الجهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : { } : أفترون النفقة سقطت خوف الاقتحام عليها ؟ هذا كله خدش في الصفا . لا سكنى لها ولا نفقة
وقوله عليه الصلاة والسلام { } يغني عن هذا كله ، وعن تكلف الظنون الكاذبة - وبالله تعالى التوفيق . بل المطلقة ثلاثا لا سكنى لها ولا نفقة
فلم يبق إلا إنكار ، عمر وعائشة أم المؤمنين عليها ، فكان ماذا ؟ [ ص: 106 ] فقد وافقها ، جابر بن عبد الله ، وابن عباس وعياش بن أبي ربيعة ، وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم - فما الذي جعل رأي عائشة ، من رأي من ذكرنا ؟ فكيف ولا حجة في شيء من ذلك ، إنما الحجة على كل أحد ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وعمر
ونحن نعلن ونهتف ونصرح : أن رأي أم المؤمنين ، أمير المؤمنين لا نأخذ به إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلافه ، ولا يحل الأخذ برأيهما حينئذ ، ولا أن يقول أحد عندهما في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سنة كتماها ، ويصرحوا هم بأن يقولوا : إن رأي وعمر ، عمر وأم المؤمنين أحق أن يتبع مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يروا حالهم عند الله تعالى ، وعند أهل الإسلام .
وليت شعري - أين كان عنهم هذا الانقياد لأم المؤمنين عائشة ، إذ لم يلتفتوا إلى قولها بتحريم رضاع الكبير ، إذ قد نسبوا إليها ما قد برأها الله تعالى عنه من أنها تولج حجاب الله تعالى الذي ضربه على نساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لا يحل له ولوجه فهذه هي العظيمة التي تقشعر منها جلود المؤمنين .
وفي إباحتها للمتوفى عنها أن تعتد حيث شاءت وأين كانوا من هذه الطاعة - رضي الله عنه - إذ خالفوه في المسح على العمامة وجعلوه يفتي بالصلاة بغير وضوء ؟ لعمر
وما قد جمعناه عليهم مما قد خالفوهما فيه في كتاب أفردناه لذلك ، إذا تأمله المتأمل رآهم كأنهم مغرمون بخلاف الصاحب فيما وافق فيه السنة ، وتقليده في رأي وهم فيه أبدا ، ولكن من لم يعد كلامه من عمله كثر كلامه بالباطل - وحسبنا الله ونعم الوكيل .
فصح خبر كالشمس ; لأنها من المهاجرات المبايعات الأول : فاطمة
كما روينا من طريق [ أنا مسلم عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث ، وحجاج بن الشاعر ، كلاهما عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عبد الوارث بن سعيد التنوري [ ص: 107 ] عن الحسن بن زكوان أنا أبو بريرة ] عن عامر الشعبي أنه سأل - وهي من المهاجرات الأول - وذكر الحديث . فاطمة بنت قيس
قال : قد شهد الله عز وجل لكلهم بالصدق - : قال عز وجل : { أبو محمد للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون } .
فمن أضل ممن يكذب منهم أحدا - ، ونسأل الله العافية ، والحمد لله رب العالمين .
ولم نجد لأحد خلافه ، وقالوا : في خبر خالة إنما أمرها عليه الصلاة والسلام بالخروج على أن لا تبيت هنالك - فكان هذا كذبا مستسهلا ، وإخبارا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالافتراء بلا دليل . جابر
ولعمري لو لم يأت أثر لكان الواجب أن لا نفقة لمبتوتة ، ولا سكنى ; لأنها أجنبية ليست له بزوجة ، فلا حق لها في ماله - لا في إسكان ، ولا في نفقة - ، لا مدخل للزوج في إسقاطه ، ولا الزيادة فيه - وبالله تعالى التوفيق . والعدة شيء ألزمها الله تعالى إياها
وأما المتوفى عنها - فإن من أوجب لها السكنى احتجوا بما رويناه من طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب عن فريعة بنت مالك { بالقدوم فأتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : إن لها أهلا ؟ فأمرها أن تنتقل ، فلما أدبرت دعاها فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله أربعة أشهر وعشرا } . أن زوجها قتل
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن ابن كعب بن عجرة قال : حدثتني عمتي - وكانت تحت { أبي سعيد الخدري فريعة حدثتها أن زوجها خرج في [ ص: 108 ] طلب أعلاج حتى إذا كان بطرف القدوم - وهو جبل - أدركهم فقتلوه فأتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت له : أن زوجها قتل ، وأنه تركها في مسكن ليس له ، واستأذنته في الانتقال ؟ فأذن لها ، فانطلقت حتى إذا كانت بباب الحجرة أمر بها فردت ، فأمرها أن لا تخرج حتى يبلغ الكتاب أجله } . أن
ومن طريق عن مالك سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة عن الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري فذكره - وفيه قالت : { بني خدرة فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه } . فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أرجع إلى أهلي في
وفيه : { } ، قال : فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشرا . أنه عليه الصلاة والسلام قال لها : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله
ومن طريق عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال : قال عبد الله بن كثير { مجاهد استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلن : إنا نستوحش يا رسول الله بالليل فنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا تبددنا في بيوتنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن حتى إذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة منكن إلى بيتها } .
قال : أما حديث أبو محمد فمنقطع لا حجة فيه . مجاهد
وأما حديث فريعة - ففيه زينب بنت كعب بن عجرة - وهي مجهولة لا تعرف - ولا روى عنها أحد غير سعد بن إسحاق - وهو غير مشهور بالعدالة - على أن الناس أخذوا عنه هذا الحديث لغرابته ; ولأنه لم يوجد عند أحد سواه - فسفيان يقول : سعيد ، ، وغيره يقولون : ومالك ، سعد والزهري يقول : عن ابن كعب بن عجرة - فبطل [ ص: 109 ] الاحتجاج به .
إذ لا يحل أن يؤخذ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ما ليس في إسناده مجهول ، ولا ضعيف .
ثم لو صح لكان الحنفيون ، والمالكيون ، مخالفين له ; لأن يقول : إن كان المنزل ليس للميت فإن كان بكراء فهي أولى به ، وإن كان ليس إلا إسكانا ، أو كان قد تمت فيه مدة الكراء : فلصاحب المنزل إخراجها منه ، ولو طلب منها الكراء فغلى عليها لم يلزمها أن تكريه ، ولا يلزم الورثة أن يكروه لها من مال الميت . مالكا
وقال : لا سكنى لها في مال الميت أصلا ، سواء كان المنزل له أو بكراء - فقد خالفوا نص هذا الخبر . أبو حنيفة
ومن المحال احتجاج قوم بخبرهم أول عاصين له .
وموهوا فيما صح من ذلك عن عائشة أم المؤمنين ، بما رويناه من طريق وعلي بن أبي طالب أنا إسماعيل بن إسحاق أنا سليمان بن حرب حماد بن زيد قال : سمعت ذكر له نقله أيوب السختياني ؟ فقال أم كلثوم بنت علي : إنما نقلها من دار الإمارة . أيوب
وقال حماد : وسمعت يحدث جرير بن حازم أيوب بحديث : أن عطاء عائشة حجت بأختها أم كلثوم في عدتها من ؟ فقال طلحة بن عبيد الله : إنما نقلتها إلى بلادها . أيوب
وبه إلى حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن قال : كانت القاسم بن محمد عائشة تخرج المرأة من بيتها إذا توفي زوجها لا ترى به بأسا - وأبى الناس إلا خلافها ، فلا نأخذ بقولها وندع قول الناس .
قال : لا ندري من هؤلاء الناس ؟ والشرط ناس ، ولا حجة في الناس [ ص: 110 ] على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم هو الحجة على الناس ، وقد حرم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم مال كل أحد على سواء إلا بحق . أبو محمد
ومنزل الميت - إما للغرماء ، وإما للورثة - بعد الوصية - ليس لامرأته فيه حق إن كانت وارثة إلا مقدار حصتها فقط ، وما عدا ذلك فحرام عليها إلا بطيب أنفس الورثة ، وأما كلام فزلة عالم قد حذر منها قديما . أيوب
وأما تمويه المحتج به وهو يدري بطلانه فمصيبة ، أما قوله " نقلها عن دار الإمارة " فوا فضيحتاه ؟ وهل كان في المدينة قط دار إمارة مدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر ، ، وعمر وعثمان ، ، وعلي . ومعاوية
وهل سكن كل واحد من هؤلاء إلا في دار نفسه ، لكن لما رأى - رحمه الله - دار الإمارة أيوب بالبصرة ظن أنها بالمدينة كذلك ، وأن سكن في دار الإمارة عمر بن الخطاب بالمدينة ، فيا للعجب ؟ .
وكذلك قوله عن أم المؤمنين " إنما نقلتها إلى بلادها " فهذه طامة أخرى هو يسمع حجت بها في عدتها ويقول " نقلتها إلى بلادها " وهي عائشة المدينة .
وهل يخفى على أحد أنه ضد قول ، وأنها إنما نقلتها عن بلادها - وهي أيوب المدينة - وعن الموضع الذي قتل فيه زوجها - رضي الله عنه - وهو طلحة البصرة إلى مكة التي ليست لها بلدا ، ولكن من ذا عصم من الخطأ من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي تكفل الله تعالى له بالعصمة .
وأما تهويلهم ، بعمر وعثمان ، فإنما الرواية عنهما في ذلك ، وعن ، أم سلمة وزيد : منقطعة ، ونحن نأتيهم عنهم بمثلها سواء سواء - قد أوردنا في تلك الرواية نفسها : أن أرخص للمتوفى عنها أن تبقى عن منزلها بياض يومها أو ليلتها وهذا خلاف قولهم . زيد بن ثابت
[ ص: 111 ] وعن أم سلمة أن تبقى عن منزلها أحد طرفي الليل ، فليت شعري ما الفرق بين الطرف الواحد ، والطرف الثاني .
وأما - فروينا من طريق عمر أنا سعيد بن منصور - عن يحيى بن سعيد - هو القطان أيوب بن موسى عن أن سعيد بن المسيب ، فسئل لها امرأة توفي عنها زوجها فكانت في عدتها ، فمات أبوها ؟ فرخص لها أن تبيت الليلة والليلتين - وهذا خلاف قوله - فمرة عمر بن الخطاب حجة ، ومرة ليس بحجة من مثل تلك الرواية نفسها . عمر
وقد ذكرنا الرواية الثابتة عن : نفقة المتوفى عنها من جميع المال وقول ابن عمر سالم ابنه : كنا ننفق عليهن حتى نبتم ما نبتم .
فتركوا هذا كله ، وتركوا : ، عمر ، وعثمان وأم المؤمنين ، حيث أحبوا ، وشنعوا بخلافهم ، وإن خالف ما جاء عنهم السنن الثابتة - حيث أحبوا - . وابن مسعود
ووالله - قسما برا - ما اتبع الحاضرون منهم قط ، ولا عمر ، ولا عثمان ، ولا ابن عمر ، ولا ابن مسعود عائشة - وما اتبعوا إلا ، أبا حنيفة ، ومالكا ، ثم لا مئونة عليهم في إنكار ما يعرفونه من أنفسهم من ذلك ، ويعلمه الله تعالى والناس منهم ، - وبالله تعالى نعوذ من مثل هذا - ، وحسبنا الله ونعم الوكيل . والشافعي
الآمدي