201 - مسألة : : أجزأ المسح عليها ، المرأة والرجل سواء في ذلك ، لعلة أو غير علة . وكل ما لبس على الرأس من عمامة أو خمار أو قلنسوة أو بيضة أو مغفر أو غير ذلك
برهان ذلك حديث المغيرة الذي ذكرنا آنفا ، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود ثنا أحمد بن سعيد بن حزم ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا الحكم بن موسى بشر بن إسماعيل عن الأوزاعي حدثني حدثني يحيى بن أبي كثير - حدثني أبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف { عمرو بن أمية الضمري } . أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين والعمامة
ورويناه من طريق عن البخاري عبدان عن عبد الله بن داود الخريبي عن الأوزاعي عن عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه .
وهذا قوة للخبر لأن سمعه من أبا سلمة [ ص: 304 ] سماعا ، وسمعه أيضا من عمرو بن أمية الضمري جعفر ابنه عنه كما فعل الذي سمع حديث بكر بن عبد الله المزني المغيرة من حمزة بن المغيرة وسمعه أيضا من الحسن عن حمزة .
وحدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب محمد بن العلاء - قال وإسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه أبو بكر وأبو كريب : ثنا معاوية وقال ابن راهويه ، ثنا ، ثم اتفق عيسى بن يونس أبو معاوية وعيسى كلاهما عن عن الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة { بلال } وروينا أيضا من طريق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار عن أبي [ ص: 305 ] إدريس الخولاني { بلال } وروينا أيضا من طريق أنه عليه السلام مسح على العمامة والموقين عن أيوب السختياني عن أبي قلابة سلمان ومن طريق عن مخلد بن الحسين عن هشام بن حسان عن حميد بن هلال عبد الله بن الصامت عن { أبي ذر } . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الموقين والخمار
فهؤلاء ستة من الصحابة رضي الله عنهم : المغيرة بن شعبة وبلال وسلمان وعمرو بن أمية وكعب بن عجرة ، كلهم يروي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد لا معارض لها ولا مطعن فيها . وأبو ذر
وبهذا القول يقول جمهور الصحابة والتابعين ، كما روينا من طريق عن ابن أبي شيبة عبد الله بن نمير كلاهما عن وإسماعيل بن علية عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي قال : رأيت يمسح على الخمار ، يعني في الوضوء . أبا بكر الصديق
وعن عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن عمران بن مسلم قال : سأل سويد بن غفلة نباتة الجعفي عن المسح على العمامة ؟ فقال له عمر بن الخطاب : إن شئت فامسح على العمامة وإن شئت فدع . عمر بن الخطاب
وعن عن عبد الرحمن بن مهدي أبي جعفر عبد الله بن عبد الله الرازي عن قال : قال زيد بن أسلم : من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله . عمر بن الخطاب
وعن عن حماد بن سلمة ثابت البناني وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس كلاهما عن : أنه كان يمسح على الجوربين والخفين والعمامة ، وهذه أسانيد في غاية الصحة . أنس بن مالك
[ ص: 306 ] وعن عن أمه : أن الحسن البصري أم سلمة أم المؤمنين كانت تمسح على الخمار وعن : أنه قال لرجل : امسح على خفيك وعلى خمارك ، وامسح بناصيتك . سلمان الفارسي
وعن : أنه خرج من حدث فمسح على خفيه وقلنسوته وعن أبي موسى الأشعري أنه كان يمسح على الجوربين والخفين والعمامة وعن أبي أمامة الباهلي : أنه سئل عن المسح على الخفين ؟ فقال نعم ، وعلى النعلين والخمار . وهو قول علي بن أبي طالب ، رويناه عن سفيان الثوري عنه قال : القلنسوة بمنزلة العمامة - يعني في جواز المسح عليها - وهو قول عبد الرزاق الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وغيرهم . وداود بن علي
وقال : إن صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبه أقول . قال الشافعي : والخبر - ولله الحمد - قد صح فهو قوله . وقال علي أبو حنيفة : لا يمسح على عمامة ولا خمار ولا غير ذلك وهو قول ومالك ، قال : إلا أن يصح الخبر . الشافعي
قال : ما نعلم للمانعين من ذلك حجة أصلا ، فإن قالوا جاء القرآن بمسح الرءوس ، قلنا نعم ، وبالمسح على الرجلين ، فأجزتم المسح على الخفين ، وليس بأثبت من المسح على العمامة ، والمانعون من المسح على الخفين من الصحابة رضي الله عنهم أكثر من المانعين من المسح على العمامة ، فما روي المنع من المسح على العمامة إلا عن علي جابر ، وقد جاء المنع من المسح على الخفين عن وابن عمر عائشة وأبي هريرة ، وأبطلتم مسح الرجلين - وهو نص القرآن - بخبر يدعي مخالفنا ومخالفكم أننا سامحنا أنفسنا وسامحتم أنفسكم فيه ، وأنه لا يدل على المنع من مسحها ، وقد قال بمسحها طائفة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، وقلتم بالمسح على الجبائر ولم يصح فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا تخليط . وابن عباس
وقال بعضهم : حديث فيه { المغيرة بن شعبة } فأما من لا يرى المسح على الناصية يجزئ فقد جاهر الله تعالى والناس في احتجاجه بهذا الخبر ، وهو عاص لكل ما فيه . وأما من يرى المسح على بعض الرأس يجزئ فإنهم قالوا : إن الذي أجزأه عليه السلام فهو مسح الناصية فقط وكان مسح العمامة فضلا . إنه مسح بناصيته وعلى عمامته
[ ص: 307 ] قال : رام هؤلاء أن يجعلوا كل ما في خبر أبو محمد المغيرة حكاية عن وضوء واحد وهذا كذب وجرأة على الباطل ، بل هو خبر عن عملين متغايرين ، هذا ظاهر الحديث ومقتضاه ، وكيف قد رواه جماعة غير المغيرة : وقال بعضهم أخطأ الأوزاعي في حديث ، لأن هذا خبر رواه - عن عمرو بن أمية يحيى بن أبي كثير شيبان وحرب بن شداد وبكر بن نضر وأبان العطار وعلي بن المبارك ، فلم يذكروا فيه المسح على العمامة .
قال : فقلنا لهم فكان ماذا ؟ قد علم كل ذي علم بالحديث أن علي الأوزاعي أحفظ من كل واحد من هؤلاء ، وهو حجة عليهم ، وليسوا حجة عليه ، والأوزاعي ثقة ، وزيادة الثقة لا يحل ردها ، وما الفرق بينكم وبين من قال في كل خبر احتججتم به : إن راويه أخطأ فيه ، لأن فلانا وفلانا لم يرو هذا الخبر ؟
وقال بعضهم : لا يجوز المسح على العمامة كما لا يجوز المسح على القفازين . قال : وهذا قياس ، والقياس كله باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل ، لأنهم يعارضون فيه ، فيقال لهم إن كان هذا القياس عندكم صحيحا فأبطلوا به المسح على الخفين ؟ لأن الرجلين باليدين أشبه منهما بالرأس ، فقولوا : كما لا يجوز أبو محمد كذلك لا يجوز المسح على الخفين ولا فرق . المسح على القفازين
فإن قالوا : قد صح المسح على الخفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قيل لهم : وقد صح المسح على العمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويعارضون أيضا بأن يقال لهم : إن الله تعالى قرن الرءوس بالأرجل في الوضوء وأنتم تجيزون المسح على الخفين فأجيزوا المسح على العمامة ، لأنهما جميعا عضوان يسقطان في التيمم ، ولأنه لما جاز تعويض المسح عندكم من غسل الرجلين فينبغي أن يكون يجوز تعويض المسح من المسح في العمامة على الرأس أولى ، ولأن الرأس طرف ، والرجلان طرف ، وأيضا فقد صح تعويض المسح من جميع أعضاء الوضوء فعوض المسح بالتراب في الوجه والذراعين من غسل كل ذلك ، وعوض المسح على الخفين من غسل الرجلين ، فوجب أيضا أن يجوز تعويض المسح على العمامة من المسح على الرأس ، لتتفق أحكام جميع أعضاء الوضوء في ذلك .
[ ص: 308 ] قال : كل هذا إنما أوردناه معارضة لقياسهم الفاسد وأنه لا شيء من الأحكام قالوا فيه بالقياس إلا ولمن خالفهم - من التعلق بالقياس - كالذي لهم أو أكثر فيظهر بذلك بطلان القياس لكل من أراد الله توفيقه وقال بعضهم : إنما مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على العمامة والخمار لمرض كان في رأسه . علي
قال : هذا كلام من لا مؤنة عليه من الكذب ، ومن يستغفر الله تعالى من مكالمة مثله ; لأنه متعمد للكذب والإفك بقول لم يأت به قط لا نص ولا دليل ، وقد عجل الله العقوبة لمن هذه صفته ، بأن تبوأ مقعده من النار ، لكذبه على رسول الله صلى الله عليه وسلم . علي
ثم يقال لهم : قولوا مثل هذا في المسح على الخفين ، إنه كان لعلة بقدميه ولا فرق على أن امرأ لو قال هذا لكان أعذر منهم ; لأننا قد روينا عن أنه قال في المسح على الخفين : لو قلتم ذلك في البرد الشديد أو السفر الطويل ، ولم يرو قط عن أحد من الصحابة أنه قال ذلك في المسح على العمامة والخمار ، فبطل قول من منع المسح على العمامة والخمار ، وصح خلافه للسنن الثابتة ، ابن عباس ولأبي بكر وعمر وعلي وأنس وأم سلمة وأبي موسى الأشعري وأبي أمامة وغيرهم ، وللقياس إن كان من أهل القياس . فإن قال قائل : إنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على غير العمامة والخمار ، فلا يجوز ترك ما جاء في القرآن من مسح الرأس لغير ما صح النص به ، والقياس باطل ، وليس فعله عليه السلام عموم لفظ فيحمل على عمومه .
قلنا : هذا خطأ ; لأنه عليه السلام لم يقل إنه لا يمسح إلا على عمامة أو خمار ، لكن علمنا بمسحه عليها أن مباشرة الرأس بالماء ليس فرضا ، فإذ ذلك كذلك ، فأي شيء لبس على الرأس جاز المسح عليه . ثم نقول لهم : قولوا لنا لو أن الراوي قال مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمامة صفراء من كتان مطوية ثلاث طيات ، أكان يجوز عندكم المسح على حمراء من قطن ملوية عشر مرات أم لا ؟ وكذلك لو قال مسح عليه السلام على خفين أسودين ، أكان [ ص: 309 ] يجوز على أبيضين أم لا ؟ فإن لزموا قول الراوي أحدثوا دينا جديدا ، وإن لم يراعوه رجعوا إلى قولنا .