1591 - مسألة : ومن ، واللبن ، والثمرة ، والخراج ، وغير ذلك ، فله الرد ، ولا يرد شيئا من كل ذلك ; لأنه حدث في ماله وفي ملكه ، وليس مما وقع عليه الشراء ، فلا حق للمردود عليه فيه . رد بعيب وقد اغتل الولد
وبالله - تعالى - التوفيق .
وهو قول ، أبي حنيفة في بعض ذلك . ومالك
وهو قول ، الشافعي ، وأبي سليمان - وفي هذا خلاف قديم . وأحمد
وروينا من طريق نا سعيد بن منصور نا هشيم المغيرة عن الحارث العكلي : أن رجلا اشترى أمة لها لبن فاكتراها ظئرا وأصاب من غلتها ثم وجد بها داء كان عند البائع فخاصمه إلى ؟ فقال له شريح ; ردها بدائها ورد معها ما أصبت من غلتها ؟ قال : فإني لا أردها إذ كلفتني أن أرد ما أصبت من غلتها ، فأقبلها بدائها ، فقال له شريح : ليس ذلك إلي قد مضى قضائي ذلك إلى خصمك . شريح
وقد روي عن ، شريح والحسن ، والشعبي مثل قولنا .
قال وفيما ذكرنا خلاف نذكر منه ما يسر الله - تعالى - لنا ذكره . أبو محمد
فمن ذلك - : فوت المعيب بموت ، أو عتق ، أو إيلاد ، أو تلف ، أو فوت بعضه ، فإن أصحابنا قالوا : ليس له الإمساك ، ولا يرجع بشيء .
وهو قول ، رويناه من طريق قتادة عن عبد الرزاق عن معمر قال : لا عهدة بعد الموت إذا ماتت جاز عليه [ ص: 588 ] وهو قول قتادة ، شريح والحسن البصري .
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي فيمن ابتاع عبدا فأعتقه ، ثم وجد به عيبا ؟ قال : يرد على صاحبه فضل ما بينهما ويجعل ما رد عليه في رقاب ; لأنه قد وجهه .
قال : إنما وجه لله - تعالى - العبد لا ما وجب له من رد بعض ماله إليه مما غبن فيه فهو غير العبد ، فلا يلزمه أن يوجهه إلا أن يشاء ، إذ لم يوجب عليه ذلك قرآن ، ولا سنة . علي
وقد روي عن الشعبي ، والزهري أيضا أنه - يرجع بقيمة العيب كقولنا .
وقال : إذا باعه أو باع بعضه ، أو وهب بعضه أو أعتقه ، على مال ، ثم وجد عيبا فلا رجوع له بشيء ، فلو أعتقه على غير مال أو دبره ، أو أولد الأمة ثم وجد عيبا رجع بقيمة العيب . أبو حنيفة
قال : فلو باعه ثم رد عليه بعيب ، فإن كان هذا الرد بعد القبض ، فإن كان بقضاء قاض رده هو أيضا على الذي باعه عنه ، وإن كان بغير قضاء قاض لم يكن له أن يرده على الأول ، وإن كان هذا الرد قبل القبض فله أن يرده أيضا هو على البائع له منه - سواء رد عليه بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض .
وقال : إن مات العبد ، أو دبره السيد ، أو كاتبه ، أو أعتقه أو وهبه لغير ثواب ، أو تصدق به أو بالعرض ، ثم أطلع على عيب ، فله الرجوع بقيمة العيب فقط . مالك
فلو فلا رجوع له ولا رد . باعه أو رهنه أو أجره ، ثم اطلع على عيب
فإذا خرج عن الرهن ، أو تمت الإجارة ، أو رجع إليه بعد البيع فله الرد .
والهبة للثواب كالبيع - فإن باع نصف السلعة قيل للبائع : رد نصف قيمة العيب ، أو خذ النصف الباقي في نصف ثمن .
وقال : إن أعتقه ، أو مات العبد ، رجع بقيمة العيب فلو باعه أو باع بعضه لم يرجع بشيء - وقال الشافعي : إن باعه ، أو أعتقه رجع بقيمة العيب - وهو قولنا قال عثمان البتي : فلو باعه بما كان اشتراه لم يرجع بشيء . عثمان
[ ص: 589 ] قال : إنما نراعي الغبن حين عقد البيع لا بعده ولا قبله ، فلو أبو محمد قال أبق العبد ثم اطلع على عيب : له الرد ، ويأخذ جميع الثمن . مالك
قال : وبهذا نأخذ ; لأنه في ملكه بعد ، وتمليكه غيره جائز ، وليس عليه تسليمه إنما عليه إطلاق يد من ملكه إياه عليه فقط - وقال علي : لا شيء له حتى يحضر الآبق فيرده ، أو يموت فيرجع بقيمة العيب . سفيان الثوري
قال : قول علي ، أبي حنيفة ، لا برهان عليهما ، ولا نعلم لهما قائلا قبلهما - نعني تقسيمهما المذكور - وأما ومالك فقول السلعة التي تتبعض فيوجد ببعضها عيب ، شريح والشعبي ، ، والشافعي ، كقولنا إما أن يرد الجميع وإما أن يمسك الجميع . وأبي ثور
وقال : إن كان المعيب هو وجه الصفقة ، أو الذي فيه الربح رد الجميع ، أو أمسك الجميع ، وإن كان المعيب ليس هو كذلك كان له رده بحصته من الثمن فقط - وهذا قول لا نعلمه عن أحد قبله ، ولا برهان على صحته . مالك
وقال : إن كانت السلعة خفين ، أو مصراعين ، فوجد بأحدهما عيبا لم يكن له إلا ردهما معا ، أو إمساكهما معا ، فإن كانا عبدين أو ثوبين كان له رد المعيب بحصته من الثمن وإمساك الآخر . أبو حنيفة
قال : وهذا باطل ; لأنهم مجمعون معنا على جواز بيع أحد الخفين وأحد المصراعين دون الآخر ، كجواز بيع أحد الثوبين ، وأحد العبدين ، ولا فرق ، فالتفريق بين ذلك في الرد باطل ، وهو أيضا قول لا نعلمه عن أحد قبله . أبو محمد
ومما يبطل رد بعض السلعة : أن باقيها الذي يحتبس به يرجع إلى القيمة ; لأنه إنما يمسكه بحصته من الثمن فصار بيعا بقيمة ، والبيع بالقيمة لا يجوز .
وأما من وطئ ، أو استغل ، أو استعمل ثم وجد العيب فإننا روينا من طريق عن ابن أبي شيبة شريك عن عن جابر الشعبي : أن قال فيمن اشترى جارية فوطئها ثم وجد بها عيبا : إن كانت ثيبا ردها ونصف عشر قيمتها ، وإن كانت بكرا ردها ورد معها عشر قيمتها [ ص: 590 ] ومن طريق عمر بن الخطاب نا سعيد بن منصور نا هشيم - قال مطرف - هو ابن طريف - المغيرة - هو ابن مقسم : عن مطرف الشعبي عن ، وقال شريح المغيرة : عن ، ثم اتفق إبراهيم ، شريح ، قالا جميعا : إذا وطئها ، ثم رأى بها عيبا ردها بالعيب ورد معها عقرها إن كانت بكرا فالعشر ، وإن كانت ثيبا نصف العشر وإبراهيم
. وصح أيضا عن من طريق قتادة عن عبد الرزاق عنه . معمر
وقد روينا أيضا من طريق عن وكيع شريك عن أبي هند المرهبي عن الضحاك عن قال : إذا وطئها فهي من ماله ويرد عليه البائع قيمة العيب . ومن طريق عمر بن الخطاب نا سعيد بن منصور - نا إسماعيل بن إبراهيم - هو ابن علية عن أيوب السختياني : أن رجلا اشترى جارية فوطئها ثم وجد بها عيبا ، فخاصم إلى محمد بن سيرين ; فقال شريح : أيسرك أن أقول لك : إنك زنيت ؟ قال شريح : ثم أخبرت أنه قضى ابن سيرين بالكوفة أن يردها ويرد معها عقرها مائة ، قال : وأحب إلي أن يتجوزها ويوضع عنه قدر الداء - وهو قول ابن سيرين ، سفيان الثوري والزهري .
وقد روينا عن قولين - : أحدهما - من طريق علي عن ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي بن الحسين : أن قال : لا يردها ، لكن يرد عليه قيمة العيب - يعني في الذي يطأ الجارية ثم يجد بها عيبا . علي بن أبي طالب
والآخر -
من طريق نا سعيد بن منصور نا هشيم جبير عن الضحاك : أن قال : إذا وطئها وجبت عليه ، وإن رأى العيب قبل أن يطأها ، فإن شاء أخذ وإن شاء رد - وصح هذا القول عن علي بن أبي طالب الحسن ، وعن : أنه لا يردها ولا يرجع بشيء . عمر بن عبد العزيز
وقد روينا من طريق نا ابن أبي شيبة عبد الأعلى عن عن معمر الزهري عن قال : يرد معها عشرة دنانير - يعني إذا وطئها ثم اطلع على عيب . سعيد بن المسيب
ومن طريق نا سعيد بن منصور جرير عن المغيرة عن الحارث العكلي في رجل اشترى جارية فوقع عليها ثم استحقت قال : يأخذ المستحق جاريته ولا يرد هذا [ ص: 591 ] المشتري عليه عقرا ، والدور ، والأرضون ، وأشباه ذلك على مثل هذا يكون رده إذا وجد بها عيبا ، كالذي استحق فاستنقذ من يديه .
قال : هذا هو قولنا - وأما المتأخرون : فإن أبو محمد قال : إذا أبا حنيفة فليس له إلا قدر قيمة العيب فقط ، إلا أن يشاء البائع قبولها فله رد ذلك ، ويرد الثمن . وطئها ثم اطلع على عيب
وقال : يردها ويرد معها ثلاثة أرباع عشر قيمتها - وهذا هو عقرها ، ووجهه عنده أن يأخذ عشر قيمتها ونصف عشر قيمتها فيجمعها ثم يأخذ نصف ما اجتمع فهو الذي يقضى عليه برده . ابن أبي ليلى
وقال ، ابن شبرمة ، والحسن بن حي وعبيد الله بن الحسن : يردها ويرد معها مهر مثلها بالغا ما بلغ .
وقال : إن لم ينقصها الوطء فإنه يردها ولا يرد معها شيئا ، فإن نقصها ردها ورد معها ما نقصها . عثمان البتي
وقال ، مالك ، والليث بن سعد في أحد قوليه : إن كانت بكرا ردها ورد معها ما نقصها وطؤه ، وإن كانت ثيبا ردها ولم يرد معها شيئا . والشافعي
وقال في أشهر قوليه : إن كان افتضها فليس له ردها ، لكن يرجع بقيمة العيب فقط ، وإن كانت ثيبا ردها ولم يرد معها شيئا . الشافعي
قال : قول علي لا نعلمه عن أحد قبله ، ولا معنى لإيجاب - عقر ولا غرامة على المشتري ; لأنه وطئ أمته التي لو حملت لحقه ولدها ، والتي لا يلام على وطئها . مالك
ولو أن البائع وطئها وهي في ملك المشتري لكان زانيا يرجم إن كان محصنا ، ويجلد الحد إن كان غير محصن ، فأي حق له في بضعها حتى يعطي له عقرا أو قيمة ، وقد يوجد في الإماء من لا يحط الافتضاض من قيمتها شيئا ، كخدم الخدمة ويوجد من يحطها الوطء وإن كانت ثيبا كالرقيق العالي يطؤها النذل الذي يعير به سيدها وولدها وهي ، أيضا .
فهذه كلها أقوال لا برهان على صحتها ، ولقد كان يلزم المالكيين المعظمين [ ص: 592 ] لخلاف الصاحب القائلين : إن المرسل كالمسند ، القائلين فيما وافقهم : مثل هذا لا يقال بالرأي أن يقولوا ههنا بقول ، كما قالوا في تقويم الغرة بخمسين دينارا ، وتقويم الدية ، وغير ذلك ، ولكن لا يبالون بالتناقض . عمر بن الخطاب
وأما من أحدث فيها حدثا فإننا روينا من طريق نا ابن أبي شيبة عن عبد الوهاب الثقفي أيوب عن عن ابن سيرين : أنه قضى في الثوب يشتريه الرجل وبه العوار : أنه يرده إذا كان قد لبسه . عثمان بن عفان
ومن طريق نا سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة ابن أبي نجيح عن : أن مجاهد اشترى عمامة فقبلها ورضيها وكورها على رأسه ، فرأى خيطا أحمر فردها . ومن طريق ابن عمر نا ابن أبي شيبة نا محمد بن جعفر غندر نا عن شعبة قال : رأيت جبلة بن سحيم اشترى قميصا فلبسه فأصابته صفرة من لحيته ، فأراد أن يرده فلم يرده من أجل الصفرة . ابن عمر
ومن طريق نا ابن شيبة عن حفص بن غياث عن الحسن بن عبيد الله إبراهيم عن أنه اختصم إليه رجل اشترى من آخر هروية فقطعها ، ثم وجد بها عيبا ، فقال له شريح : الذي أحدث بها أشد من الذي كان بها . شريح
قال غندر : نا قال : سألت شعبة الحكم عمن اشترى ثوبا فقطعه فوجد به عوارا ؟ قال : يرده ، قال : وسألت شعبة حماد بن أبي سليمان عن هذا ؟ فقال : يرده ويرد معه أرش التقطيع .
قال : وأخبرني شعبة الهيثم عن حماد : أنه قال : يوضع عنه أرش العوار .
ومن طريق نا ابن أبي شيبة عن إسماعيل ابن علية عن أيوب السختياني قال : اشترى رجل دابة فسافر عليها فلما رجع وجد بها عيبا فخاصمه إلى ابن سيرين ؟ فقال له : أنت أذنت له في ظهرها . شريح
قال : وقول أبو محمد الحكم هذا هو قول ، وهو أحد أقوال عثمان البتي ، وهو قول قد روي عن الشافعي أيضا ، وهو قولنا . شريح
وأما المتأخرون : فإن قال : من أبا حنيفة فلا رد له ، لكن يرجع بقيمة العيب - وهو أحد قولي قطع ثوبا اشتراه أو حدث بما اشترى [ ص: 593 ] عيب عنده ثم اطلع على عيب حماد .
وذهب بعض أصحابه منهم ، الطحاوي ، إلى أنه لا يرده ، ولا يرجع بشيء . ومحمد بن شجاع
قولان - : أحدهما : كقول وللشافعي - وهو قول أبي حنيفة سفيان الثوري . وابن شبرمة
والثاني : أنه يرده ويرد معه قيمة ما حدث عنده من العيب - وهو قول ، وأحد قولي أبي ثور حماد .
وقال ، أحمد وإسحاق : هو بالخيار بين أن يرده ، ويرد معه قدر ما حدث عنده ، وبين أن يمسكه ويرجع بقيمة العيب .
وقال : إن كان العيب الذي حدث عنده مفسدا فإنه يرده ويرد قيمة ما حدث عنده ، وإن كان العيب خفيفا رده ولم يرد معه شيئا - وهذا قول لا نعلم أحدا قاله قبله - يعني هذا التقسيم - وقول مالك ، أبي حنيفة ههنا خلاف ما روي عن ومالك ، عثمان رضي الله عنهما ، ولا نعلم في هذا عن الصحابة قولا غيره . وابن عمر
وقد أباح رضي الله عنه عثمان ، واللباس يخلق الثوب ، وليس امتناع الرد بالعيب بعد اللباس من الرد من أجل الصفرة دليلا على أنه لم يجز الرد ، وقد يترك ذلك اختيارا مع أن الصفرة ليست عيبا ; لأنها تزول سريعا بالمسح ، وبالغسل للقميص . ابن عمر
وأما ما عيبه في جوفه فإن قال : لا رجوع له فيه وهو من المشتري ، كالبيض ، والخشب وغير ذلك . مالكا
وأوجب ، أبو حنيفة : الرجوع بحكم ما في ذلك . والشافعي
قال : ما نعلم أبو محمد سلفا ، ولا حجة في هذه القولة ، وما في العجب والعكس أعجب من قوله فيمن باع بيضا فوجده فاسدا أو خشبا فوجده مسوس الداخل : أن الثمن كله للبائع ، ولا شيء للمشتري عليه - وهو قد باعه شيئا فاسدا ، وأكل مال أخيه بالباطل ثم يقول : من باع عبدا فمات ، أو قتل في اليوم الثالث ، أو هرب فيه ، أو اعورت [ ص: 594 ] عينه فيه : فهو من مصيبة البائع - وإن جن ، أو تجذم ، أو برص ، إلى قبل تمام سنة من بعد بيعه له ، فإنه من مصيبة البائع . لمالك
ومن ابتاع تمرا في رءوس الشجر فأصابته ريح ، أو أكلته جراد فمن مصيبة البائع ، فهو يهنيه الثمن الذي أخذه بالباطل ، ويغرمه الثمن الذي أخذه بالحق - ويجعل من مصيبة المشتري ما حدث عند البائع من العيوب ، ويجعل من مصيبة البائع ما حدث عند المشتري من العيوب ، حاشا لله من هذا .
حدثنا حمام بن أحمد نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي نا محمد بن عبد الملك بن أيمن نا الحسين بن زكريا نا نا أبو ثور معلى نا عن هشيم المغيرة عن الحارث هو العكلي عن : أن مولى شريح اشترى لعمرو بن حريث بيضا من بيض النعام أربعا أو خمسا بدرهم ، فلما وضعهن بين يدي لعمرو بن حريث كسر واحدة ، فإذا هي فاسدة ، ثم ثانية ثم ثالثة حتى تتابع منهن فاسدات ، فطلب الأعرابي فخاصمه إلى عمرو بن حريث ، فقال شريح : أما ما كسر فهو ضامن له بالثمن الذي أخذه به ، وأما ما بقي فأنت يا أعرابي بالخيار ، إن شئت كسروا فما وجدوا فاسدا ردوه وما وجدوا طيبا فهو لهم بالسعر الذي بعتهم به . شريح
قال : أما حكم علي - فالمالكيون ، والحنفيون لا يأخذون به ولا نحن ، فلا متعلق للمالكيين به . شريح
وأما فقد رأى الرد في ذلك - وهو قولنا - وهو صاحب لا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله عنهم ، وهم يعظمون مثل هذا إذا وافق آراءهم . عمرو بن حريث
وأما الاستعمال ، والوطء بعد الاطلاع على العيب ، فإنه صح عن أنه قال إذا وطئ بعد ما رأى المعيب أو عرضها على البيع ، فقد وجب عليه - وهذا قوله في جميع السلع . شريح
وهو أيضا قول الحسن البصري ، ، وأبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق ، إلا أن قال : أبا حنيفة . سكنى الدار بعد المعرفة بالعيب ، وتقبيل الأمة لشهوة ، ووطؤها - : رضا بالعيب
[ ص: 595 ] قال وأما استخدام الأمة ، أو ركوب الدابة ، أو لباس القميص ; ليختبر كل ذلك بعد اطلاعه على العيب ، فليس شيء من ذلك رضا .
وقال عبيد الله بن الحسن : ليس الاستخدام رضا .
قال : حدثنا أبو محمد محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي قال : نا ، قال : نا أحمد بن خالد الحسن بن أحمد الصنعاني نا محمد بن عبيد بن حساب نا عن حماد بن زيد - أيوب - هو السختياني كلاهما عن وهشام بن حسان ، قال : ابتاع محمد بن سيرين جارية ، فقيل له : إن لها زوجا فأرسل إلى زوجها فقال له : طلقها ، فأبى ، فجعل له مائة فأبى ، فجعل له مائتين فأبى ، فجعل له خمسمائة فأبى ، فأرسل إلى مولاه : أنه قد أبى أن يطلق فاقبلوا جاريتكم . عبد الرحمن بن عوف
فهذا قد اطلع على عيب أن لها زوجا فلم يرد حتى أرسل إلى الزوج وراوضه على طلاقها ، وجعل له مالا على ذلك ، ثم زاده ، ثم زاده ، فلما يئس رد حينئذ - ولا يعرف له من الصحابة مخالف ، وهم يعظمون مثل هذا . عبد الرحمن بن عوف
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري قال : سمعت عبد الله بن دينار يقول : كنت أبتاع إن رضيت ، حتى سمعت ابن عمر عبد الله بن مطيع يقول : إن الرجل ليرضى ثم يدع ، قال : فكأنما أيقظني ، فكان ابن عمر يبتاع ويقول : إن أخذت . ابن عمر
فهذا لا يرى الرضا بالقلب شيئا حتى يظهره بالقول ، ولا يعرف له مخالف من الصحابة ، وهم يعظمون مثل هذا إذا وافق تقليدهم . ابن عمر
وأما فقد ذكرنا الخلاف في ذلك . رد الغلة فيما رد بالعيب
وقال ، زفر بن الهذيل ، وعثمان البتي وعبيد الله بن الحسن في ذلك ما نذكره - : فأما فإنه قال : من زفر بن الهذيل ، فإن ردها بقضاء قاض ردها ورد معها مهر مثلها ، فإن وطئها غيره بشبهة فأخذ لها مهرا ، أو زوجها فأخذ مهرها ، أو جني عليها فأخذ للجناية أرشا - ثم اطلع على عيب فإنه يردها ، ويرد معها المهر في الزوجية الصحيحة ، وفي الوطء بالشبهة ، ويرد معها الأرش الذي أخذ لها . اشترى جارية فوطئها ثم اطلع على عيب بها
[ ص: 596 ] وكذلك ، إذا رد الأصول بالعيب ، فإن أكل الثمرة ردها ورد معها قيمة ما أكل من الثمرة . يرد ثمر النخل ، والشجر
وقال ، عثمان البتي وعبيد الله بن الحسن : من اشترى عبدا فاستغله ثم اطلع على عيب فله رده ، فإن رده لزمه أن يرد الغلة كلها معه قال عبيد الله : وكذلك لو وهب للعبد هبة فإنه يرد الهبة معه أيضا .
وقال : الغلة كلها للمشتري من اللبن ، والثمرة ، وغير ذلك ، حاشا الأولاد فإنه يردهم مع الأمهات في الحيوان كله ، والإماء . مالك
وقال : أما من أبو حنيفة ، فلا رد له ، لكن يرجع بأرش العيب فقط . ابتاع شاة فحلبها ، أو ولدت عنده ، أو أصولا فأثمرت عنده فأكل ثمرتها ، أو لم يأكل ثم اطلع على عيب
فلو فله رد العبد ، والدابة ، ولا يلزمه رد شيء من الغلة ، ولا رد شيء عما سكن وآجر ، واستخدم وركب . كانت دارا فسكنها ، أو آجرها أو دابة فركبها أو آجرها أو عبدا فاستخدمه أو آجره ثم اطلع على عيب
وممن قال بأن كل ما حدث في ملك المشتري فإنه له ولا يرده ، ويرد الأمهات ، - والأصول ، والشيء المعيب : ، شريح ، والنخعي ، وسعيد بن جبير والحسن ، ، وابن سيرين ، والشافعي وسفيان ، ، وأحمد وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وغيرهم . وأبو سليمان
قال : أما قول علي ، أبي حنيفة فظاهر المناقضة ، وعديم من الدليل ، ولا نعلم لهما أحدا قال به قبلهما . ومالك
وأما قول ، عثمان وعبيد الله ، ، فيشبه أن تكون الحجة لهم أن يقولوا : إن الرد بالعيب إنما هو فسخ للبيع ، فإذ هو فسخ للبيع فكأنه لم يزل المبيع المعيب في ملك البائع . وزفر
قال : وهذا باطل ، ما هو فسخ للعقد في البيع ، بل هو إبطال لبقائه في ملك المشتري ورده إلى البائع بالبراهين الموجبة لذلك ، ولو كان ما قالوه لكان زانيا بوطئه ، وهذا باطل ، بل العقد الأول صحيح ، ثم حدث ما جعل للمشتري في الخيار في [ ص: 597 ] إبقائه به كذلك ، أو رده من الآن ، لا بإبطال الملك المتقدم للرد أصلا - وبالله - تعالى - التوفيق . أبو محمد
وعهدنا بهم يصححون الخبر الفاسد { } ويحتجون به في الغصوب ، وفي غير ذلك ، ثم قد خالفوه ههنا كما ذكرنا ، وبالله - تعالى - التوفيق . الخراج بالضمان