ويمكن تقسيم مصادر تمويل العمل التطوعي إلى: مصادر ذاتية ومصادر خارجية، حسب الجهة، التي يأتي منها التمويل، كما يلي:
1- المصادر الذاتية: وتعني أن التمويل يتم الحصول عليه من داخل المنظمة، سواء من الأعضاء أو من البرامج، ويتميز هذا النوع بإتاحة الفرصة لمشاركة المرأة، بأن تكون عنصرا فعالا في هذا النوع من التمويل.
2- المصادر الخارجية: وتتمثل في التمويل الذي يتم جمعه من مصادر خارج المنظمة التطوعية، سواء كان من أفراد أم حكومات أم جماعات، ويمكن للمرأة المشاركة في إدارة هذه الموارد، فهي تمتلك من المهارات الإدارية ما يؤهلها للاضطلاع بدور بارز في تطوير هذه الموارد، واستثمارها.
ويعمق اضطلاع المرأة بهذه الأدوار، على مستوى المؤسسات المانحة والمستفيدة، من خبرات النساء العاملات، ويطور قدراتهن، ويكسبهن العديد من المهارات، ويزيد من نطاق تفاعلهن، فمشاركة المرأة بالعمل يساعد على حل بعض المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، وعلى رأسها مشكلة البطالة والفقر وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية.
ومهارات المرأة، تناسب العمل التطوعي، بشكل عام، وتتناسب مع مبادئ الإدارة العصرية، بشكل خاص، وهي تكتسبها ابتداء من واقع خبرتها في إدارة مواردها الشخصية ووقتها الضيق، وفي مهامها ومسؤولياتها المتعددة [ ص: 149 ] بتوفير الرعاية والقيام بالعمل دون أجر داخل الأسرة، فهذه القدرة على القيام بعدة مهام في نفس الوقت ثمينة جدا يمكن استثمارها من خلال إشراك المرأة ومساهمتها في مؤسسات العمل التطوعي.
وبناء على ما سبق، يمكن توصيف الدور التنموي للمرأة العاملة، على مستوى الجهات المانحة والمستفيدة، بأنه:
- دور قيادي، يتمثل في تأسيس العديد من المشروعات الإنتاجية، والمشاركة مع القطاع الخاص في تنفيذ العديد من المشروعات لدعم الاقتصاد وتحقيق التنمية الاجتماعية.
- دور تفصـيلي لأداء المرأة، يتمثل في التدريب، وحل المشـكلات، وإقـامة المشـروعات، وإيجـاد فرص عمل متزايدة لقطاع عريض من النسـاء، في القطاعات الريفية والحضرية.
- دور تنشيطي لبرامج التنمية، للارتقاء بالمرأة، من خلال تمويل العديد من البرامج وتأسيس مشروعات خدمية، علما بأن درجة مساهمة المرأة في هذه المؤسسات يختلف من مجتمع لآخر، حسب حجم ودور المؤسسة وطبيعة الـتـسهـيـلات، التي تـمنحها من أجل استقطاب ومشاركة المرأة للعمل بـها، كما تتأثر هذه المساهمة - أيضا- بنوعية المشروعات والمجالات والاحتياجات، التي تقدمها هذه المؤسسات لكافة النساء المستفيدات.
وحتى تتعزز مشاركة المرأة في مؤسسات الخير المانحة والمتلقية، يجب أن تتوافر للمرأة عدة متطلبات، أهمها: [ ص: 150 ]
1- توفير الوقت الكافي واللازم للإشراف والإدارة على الأعمال والمشروعات، ومتابعة طرق أداء وتنسيق خدماتها؛ فلها القدرة على الإبداع والابتكار في مجال العمل الخيري وتحقيق القدرة المالية للمؤسسات الخيرية، عن طريق بلورة أفكار لبرامج ومشروعات استثمارية خاصة بالنسبة للمنظمات النسائية لهذه المساعدات، مما يساعد على تطوير الموارد الذاتية أو المساعدات المقدمة من مصادر خارجية.
2- تعزيز الروابط بين الجمعيات النسائية العربية والهيئات المانحة في كل دولة عربية بطريقة تؤدي إلى تفعيل الشراكة بينهما، لتنفيذ البرامج التنموية الرامية إلى النهوض بالمرأة في القطاعات الريفية والحضرية.
- مشكلات تعيق عمل المنظمات الأهلية العربية:
ولكن ثمة عددا من المشكلات المؤسسية، التي تعيق عمل المنظمات الأهلية العربية، التي تؤثر في قدرتها على أداء دورها.. ونناقش هنا بعض المشكلات والقضايا، التي تحد من تطور هذه المنظمات:
تتعرض القضية الأولى لبناء المنظمات الأهلية، حيث إن الهيكل الإداري يضم أشخاصا متطوعين وفنيين بأجر وموظف بعض الوقت أو كله، ويؤدي ذلك في كثير من الأحيان إلى عدم التجانس وعدم التكامل بين أعضاء الفريق، تؤثر على العمل، خاصة وأن هناك عدم وضوح في الرؤية بالنسبة لاختصاصات المتطوعين، فقد أصبحت هناك فجوة بين التطوع كفلسفة وبين [ ص: 151 ] المتطوعين من ناحية الخلفية العلمية والقدرة على التفرغ للعمل الأهلي، فمعظم الكفاءات العلمية العالية تفضل أن تستفيد من كفاءاتها في العمل بأجر.
كذلك تعكس المنظمات الأهلية بشكل عام عدم القدرة على الانتشار على مستوى القواعد وجذب الفئات المستهدفة إلى صفوفها.
إن نجاح المنظمات الأهلية لا يجب أن يقاس فقط بتحقيقها للهدف المباشر من عملها، سواء كان خدميا أو إنتاجيا، ولكنه يقاس بمدى قدرتها على اجتذاب الفئات المستهدفة إلى صفوفها، وتحويلهم من متلقين للمساعدة إلى أفراد يعون حقوقهم وواجباتهم الاجتماعية، وقادرين على المشاركة في صنع القرارات، وتعلم الاعتماد على الذات، ويعني ذلك أن أهداف النشاط تحدد محليا بواسطة الجماعات المستهدفة ذاتها، وليس بواسطة المنظمات، التي يكون دورها مساندة وتعزيز المبادرات دون التدخل مباشرة في صياغة الأهداف.
ومن المشكلات المؤثرة في عمل المنظمات الأهلية: أن القيادات، في كثير من هذه المنظمات، تظل هي نفسها المسيطرة ولفترات طويلة، مما يؤدي إلى نوع من تقنين الواقع ينتقل تأثيره إلى العاملين في المنظمة، فيتراخوا عن محاولات التغيير، رغم سماح النظم الأساسية لهذه المنظمات بذلك.
كذلك هناك مشاكل إدارية في بعض المنظمات الأهلية العربية تنتج عن التأثير السلبي (التدخل في سير أعمالها) من قبل بعض الجهات الحكومية.
يضاف إلى ذلك تأثير ماقد يكون من عـلاقات قبلية وعشـائرية، تسود في بعض الأقطار العربية، مما يبعد عملها الإداري عن الأسس العلمية السليمة، وعدم وضوح الاختصاصات، وربما بعض مظاهر الفساد الإداري. [ ص: 152 ]
كذلك فإن ضعف المجتمع المدني العربي يؤدي إلى قلة فاعلية المنظمات الأهلية، وقلة الوعي التطوعي، وعزوف الفرد عامة عن الانخراط في العمل الخيري التطوعي.
أما القضية الثانية المرتبطة بالإطار المؤسسي للتنظيمات الأهلية العربية، فمتعلق بالعلاقة بين هذه المنظمات والجهات الحكومية المشرفة عليها، ويظهر المنطق العام للعلاقة في أن الحكومة هي التي ترسم السياسات الاجتماعية الملائمة، ويعتبر النشاط الأهلي بشكل عام جزء مكمل لهذه السياسة، كما أن المنظمات الأهلية لا يمكن أن تعتبر بديلا عن الدولة في القيام بواجباتها ووظائفها، وإنما هي مكمل لها في كثير من الأحوال.
وتختلف العلاقة بين المنظمات الأهلية والحكومات من دولة إلى أخرى، ومن منظمة إلى أخرى.