4- الجمعيات النسائية: وتهدف إلى رفع المستوى الثقافي والاجتماعي للمرأة والاهتمام بالطفولة وغرس قيم العمل النسائي التطوعي والمحافظة على التراث المحلي، وتأهيل المرأة وتدريبها لتمكينها من المساهمة في تنمية المجتمع، [ ص: 113 ] وهي جمعيات تستهدف تقديم كافة الخدمات والنشاطات الاجتماعية والخيرية وإتاحة الفرصة للمرأة للمشاركة في أداء دورها في الأسرة والمجتمع، والسعي وراء حل المشكلات، التي تعاني منها المرأة والأسرة، فلا تحتقر من المعروف شيئا، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة ) [1] .
أشير بذلك إلى المبالغة في إهداء الشيء اليسير وقبوله، لا إلى حقيقة الفرسن؛ لأنه لم تجر العادة بإهدائه، أي لا تمنع جارة من الهدية لجارتها الموجود عندها لاستقلاله بل ينبغي أن تجود لها بما تيسر وإن كان قليلا، فهو خير من العدم.. وذكر الفرسن على سبيل المبالغة، ويحتمل أن يكون النهي إنما وقع للمهدي إليها، وأنها لا تحتقر ما يهدى إليها ولو كان قليلا.. وفي الحديث الحـض عـلى التـهـادي ولو باليـسـير؛ لأن الـكثير قد لا يتيسر كل وقت، وإذا تواصل اليسير صار كثيرا، وفيه استحباب المودة وإسقاط التكلف [2] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أربعون خصلة، أعلاهن منيحة العنز، ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها، وتصديق موعودها، إلا أدخله الله بها الجنة".. قال حسان: فعددنا ما دون منيحة العنز، من رد السلام، وتشميت العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق، ونحوه فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة ) [3] . حض صلى الله عليه وسلم على أبواب من أبواب الخير والبر لا تحصى كثرة، [ ص: 114 ] ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بالأربعين المذكورة إنما لم يذكرها لمعنى هو أنفع لنا من ذكرها، وذلك خشية أن يكون التعيين لها مزهدا في غيرها من أبواب البر [4] .
وتتوجه هذه الجمعيات بأنشطتها نحو المرأة والطفل، وتؤدي أدوارا مهمة في توعية المرأة وتدريبها وإدماجها في المجتمع.. ومن خدمات هذه الجمعيات إنشاء دور حضانة ورياض الأطفال وإقامة محاضرات وندوات توعية وتنظيم دورات للحاسب الآلي وأخرى للخياطة ودورات للتمريض والإسعافات الأولية.
ومعلوم أن مفهوم التطوع بالعمل لدى المسلم يختلف عن مفهومه لدى غيره، فالمسلم حينما يتطوع بالعمل فإن دافعه روحي وأخلاقي وليس دنيويا، فهو يرجو ثواب الله، ولا يريد رياء ولا سمعة، ولا عرضا من أعراض الدنيا، فيرجو الثواب مع ما يقدمه من نفع وخير لمن هم في أمس الحاجة إليه، وهو يقدم بذلك عملا جليلا؛ لأن عمله ذلك هو زاده في الدنيا والآخرة، في الدنيا بما يكسبه من احترام وفضل عند الناس، وفي الآخرة لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث، ومن تلك الثلاث (أعماله الصالحة): ( إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) [5] .
ومعنى هذا الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة، لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبه، وكذلك [ ص: 115 ] العلم، الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية، وهي الوقف، وفيه دليل لصحة أصل الوقف وعظيم ثوابه، وبيان فضيلة العلم والحث على الاستكثار منه، والترغيب فيه، وفيه أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت، وكذلك الصدقة [6] .
والإنسان بحاجة إلى عمل يعود إليه نفعه في الدنيا والآخرة، وكل إنسان بالتأكيد يتوق إلى رحمة الله سبحانه وتعالى، وهو الذي يتغمد عبده برحمته، وليس من عمل ينجي صاحبه، كما جاء في الحديث: ( لن ينجي أحدا منكم عمله ) قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ( ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة.. سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا ) [7] .
قال تعالى: ( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ) (الزخرف:72).. يمكن حمل الآية على أن الجنة تنال المنازل فيها بالأعمال، فإن درجات الجنة متفاوتة بحسب تفاوت الأعمال.. يجوز أن يكون الحديث مفسرا للآية، والتقدير ادخلوها بما كنتم تعملون مع رحمة الله لكم وتفضله عليكم، لأن أقسام منازل الجنة برحمته، وكذا أصل دخول الجنة هو برحمته، حيث ألهم العاملين ما نالوا به ذلك، ولا يخلو شيء من مجازاته لعباده من [ ص: 116 ] رحمته وفضله، وقد تفضل عليهم ابتداء بإيجادهم ثم برزقهم ثم بتعليمهم [8] .. وفيه فائدة، وهي أن العمل علامة على وجود الرحمة، التي تدخل العامل الجنة، فاعملوا واقصدوا بعملكم الصواب، أي اتباع السنة من الإخلاص وغيره ليقبل عملكم فينزل عليكم الرحمة [9] .