معالجة النزاع في المؤسسات التربوية يمكن تعريف النزاع بشكل عام على أنه اختلاف حاد مصحوب عادة بعواطف قوية. والنزاع لا مفر منه في المنظمات. وما لم تتم إدارته بفعالية فيمكن أن يدمر الأطراف المشتركة فيه. كثيرا ما يرى العاملون وأرباب العمل مصالحهم متنافرة تماما مما يولد سوء فهم وعلاقات ضعيفة ونزاعا مدمرا.
تختصر بعض المصادر أسباب النزاع في ندرة الموارد. ولكن أدبيات السلوك التنظيمي تضيف أسبابا أخرى مثل: الشخصية الميالة للنزاع أو العدوان، غموض الأدوار، خلل في الاتصالات، اختلاف الأهداف، اختلاف القيم، اختلاف التصورات والإدراك، السلطة غير المناسبة، الإدارة الدكتاتورية، المكانة غير الملائمة، الاعتماد المتبادل، المصادر غير الملائمة.
يمكن أن نضيف مصادر أخرى للنزاع من المنظور الإسلامي مثل: إرادة الله كما ورد في القرآن عدم جعل الناس أمة واحدة، وحقيقة قصور أدوات اكتساب المعرفة، وكذلك مصالحنا الذاتية ورغباتنا واختلاف خلفياتنا. وفوق ذلك فنحن معرضون للغواية. باختصار فالنزاع متأصل في التجمعات الإنسانية. ولكننا من المنظور الإسلامي لا نتفق مع من يقول: إن ندرة المصادر سبب رئيس للنزاع، ذلك أن الله خلق الأرض وقدر فيها أقواتها. ولكن [ ص: 111 ] الجشع والسلوك الاستهلاكي المنفلت من عقاله لا يجعل تلك المصادر تبدو كافية. ونتفق بهذا الصدد مع ما كان يقوله الزعيم الهندي المشهور ( المهاتما غاندي ) : إن (هناك ما يكفي للحاجة وليس للجشع There is enough for need but not for greed) المسألة ليست ما إذا كان بإمكاننا إزالة النزاع فذلك أمر غير ممكن ولكن كيف نعالج النزاع ونديره؟ في المؤسسات التربوية يدرك المدرسون والإداريون والجمهور الداخلي والخارجي للمدرسة الأمور بطرق مختلفة. لا توجد إجابات قاطعة لقضايا ذات صلة بالأداء والتحصيل والانضباط والطرق وما إلى ذلك. يجب أن ينظر إلى ذلك على أنه أمر طبيعي. ادعاء أو فرض الإجماع ليس تصرفا سليما. وعلى الإداريين الإقلاع عن عقلية (الطريقة الوحيدة المثلى) .
يحدد أدب السلوك التنظيمي الأساليب التالية لمعالجة النزاع: التجنب، التلطيف، القمع، المساومة، المواجهة، الاستيعاب، التعاون، التنافس، المناورة، يمكن لجميع هـذه الأساليب أن تنجح ولكن تفضيل أحدها على الآخر قد يعتمد على كل حالة بعينها وعلى أطراف النزاع نفسها.
وهذه الأساليب مقبولة من المنظور الإسلامي، ولكن الطريقة الإسلامية لحل النزاع تتجاوز ذلك لتشمل:
- تأكيد الوحدة والتوافق والتعاون والتحذير من النزاع وآثاره المدمرة. [ ص: 112 ] - تلطيف النزاع بتأكيد ما هـو مشترك من عناصر وأرضيات، وكذلك التهوين من أسباب الاختلاف.
- تنوير الناس بأسباب النزاع.
- التحذير من الرغبات الشخصية والشهوات العارمة والمصالح المكتسبة والكراهية والحقد.
- غرس أخلاق التسامح واللياقة والصبر والاعتدال وحب الخير.
- مقت المناورة والمماحكات اللفظية والمناوشات والخداع وسحب البساط والأنانية ولي أعناق الحقائق واتخاذ مواقف دفاعية والتصلب أو العناد في المواقف.
- الإشاحة عن النزاعات الصغيرة وأحيانا تركها لتذوي وتنطفئ.
- الدعوة للتحقق والتفحص والتريث وجمع الشواهد قبل إصدار الحكم، والتحذير من التخمين، والإشاعات والفضائح والظن.
- امتداح الصراحة والعدالة والإنصاف والأمانة وقول الحق والإخلاص وفوق ذلك الاستعداد للاعتراف بالخطأ والتوبة.
- الدعوة للنصيحة وحرية التعبير ودعوة القادة للاستماع.
- الدعوة للعزم والصلابة والحسم عند الضرورة.
- الدعوة للتحكيم والتوسط في حال عدم نجاح الطرق الودية في حل النزاع، والمحكمون مدعوون للاحتفاظ بالنيات الحسنة وتجنب الانحياز. [ ص: 113 ] - الرجوع للقرآن والسنة والعلماء.
- فتح قنوات للمظالم. من حق المظلوم أن يتظلم ويدافع حتى ينتزع حقه.
- ترسيخ مفهوم أن الجميع يفيدون من حل النزاع، والاحتفال بالنجاح المشترك وعدم التمسك بحل يفيد طرفا واحدا فقط.
- فهم الأمر من وجهة نظر الآخرين.
- تحديد المشكلة الأصلية ومحاولة وضع حل لها.
- تجنب ثقافة التلاوم والإيحاء أنك على حق والآخرين على خطأ.
- تجنب (الرهاب) من الآخر أو شيطنته أو خلق الأعداء.
- لا تسعى لإظهار نفسك منتصرا على الآخرين أو تظهر الآخرين أنهم ضعفاء أو عاجزين.
- تجنب الخداع واللعب بعواطف الولاء والتماسك وتبرير الظلم وتجنب الشائعات والتنميط. [ ص: 114 ]