وأما فقال في شرح المقنع بسم الله الرحمن الرحيم سبب هذه المكاتبة أطال الله بقاء من تصل إليه من قضاة المسلمين وحكامهم أنه ثبت عندي في مجلس حكمي وقضائي الذي أتولاه في مكان كذا وإن كان نائبا ذكر الذي أنوب فيه عن القاضي فلان بمحضر من خصمين مدع ومدعى عليه جاز استماع الدعوى منهما وقبول البينة من أحدهما على الآخر بشهادة فلان وفلان وهما من الشهود المعدلين عندي عرفتهما وقبلت شهادتهما بما رأيت معه قبولها معرفة فلان بن فلان الفلاني بعينه ونسبه واسمه فإن كان في إثبات أسر أسير قال وإن صفة كتاب القاضي إلى القاضي الفرنج خذلهم الله - تعالى - أسروه من مكان كذا في وقت كذا وحملوه إلى مكان كذا وهو مقيم تحت حوطهم وأنه فقير من فقراء المسلمين ليس له شيء من الدنيا لا يقدر على فكاك نفسه ولا على شيء منه وأنه يستحق الصدقة على ما يقتضيه كتاب المحضر المتصل أوله [ ص: 370 ] بآخر كتابي المؤرخ بكذا .
وإن كان في إثبات دين قال : وإنه يستحق في ذمة فلان بن فلان الفلاني ويرفع في نسبه ويصفه بما يتميز به من الدين كذا وكذا دينا له عليه حالا وحقا وإجبارا لازما وأنه يستحق المطالبة به واستيفاءه منه وإن كان في إثبات عين كتب وأنه مالك لما في يد فلان من الشيء الفلاني ويصفه بصفة يتميز بها مستحق لأخذه وتسليمه على ما يقتضيه كتاب المحضر المتصل بآخر كتابي هذا المؤرخ بتاريخ كذا وقال الشاهدان المذكوران أنهما عالمان بما شهدا به وأنهما لا يعلمان خلاف ما شهدا به إلى حين أقاما الشهادة عندي فأمضيت ما ثبت عندي من ذلك وحكمت بموجبه بسؤال من جاز مسألته وسألني من جاز سؤاله وشرعت الشريعة المطهرة إجابته المكاتبة إلى القضاة والحكام فأجبته إلى ما التمسه لجوازه شرعا وتقدمت بهذا فكتب وبإلصاق المحضر المشار إليه فألصق ممن وقف عليه منهم وتأمل ما ذكرته وتصفح ما سطرته واعتمد في إنفاذه والعمل بموجبه ما يوجه الشرع المطهر أحرز من الأجر أجزاء له وكتب من مجلس الحكم المحروس من مكان كذا في وقت كذا ولا يشترط أن يذكر القاضي اسمه في العنوان ولا ذكر المكتوب إليه في باطنه .
وبهذا قال وقال الشافعي إذا لم يذكر اسمه فلا يقبله لأن الكتاب ليس إليه ، ولا يكفي ذكر اسمه في العنوان دون باطنه لأن ذلك لم يقع على وجه المخاطبة ولنا أن المعول فيه على شهادة الشاهدين على الحاكم الكاتب بالحكم وذلك لا يقدح ولو ضاع الكتاب أو انمحى سمعت شهادتهما وحكم بها . أبو حنيفة