الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن كانت البهيمة في يد إنسان كالسائق ) المتصرف فيها ( والقائد ) المتصرف فيها ( والراكب المتصرف فيها سواء كان ) كل من السائق والقائد والراكب المتصرف فيها ( مالكا أو غاصبا أو أجيرا أو مستأجرا أو مستعيرا أو موصى له بالمنفعة ) أو مرتهنا ( ضمن ما جنت يدها أو فمها ) أي : جناية يدها أو فمها ( أو وطئها برجلها لا ما نفحت بها ) أي : برجلها لما روى سعيد مرفوعا { الرجل جبار } .

                                                                                                                      وفي رواية أبي هريرة { رجل العجماء جبار } فدل على وجوب الضمان في جناية غيرها وخصص بالنفح دون الوطء ; لأن من بيده الدابة يمكنه أن يجنبها وطء ما لا يريد أن تطأه بتصرفه فيها بخلاف نفحها فإنه لا يمكنه أن يمنعها منه وحيث وجب الضمان وكان المجني عليه مما تحمله العاقلة فهي عليها كما صرح به المجد في شرحه بما يقتضي أنه محل وفاق ومحل عدم ضمان ما نفحت برجلها ( ما لم يكبحها ) أي : يجذبها باللجام ( زيادة على العادة أو يضربها في وجهها ) فيضمن لتسببه في جنايتها .

                                                                                                                      ( ولو ) فعل ذلك ( لمصلحة ) تدعو إليه ( ولا يضمن ) الراكب ونحوه ( ما جنت ) الدابة ( بذنبها ) ; لأنه لا يمكن التحفظ منه ( ويضمن ) أيضا الراكب ونحوه ( ما جنى ولدها ) ولو لم يفرط ; لأنه تبعها وظاهره سواء جنى بيده أو فمه أو رجله أو ذنبه .

                                                                                                                      ولو قيل : يضمن منه ما يضمن منها فقط لكان له وجه ( ومن نفرها ) أي : البهيمة ( أو نخسها ضمن وحده ) ; لأنه المتسبب في جنايتها ( دونهم ) أي : دون الراكب والسائق والقائد ( فإن جنت ) البهيمة ( عليه ) أي : على من نفرها أو نخسها ( ف ) الجناية ( هدر ) ; لأنه السبب في الجناية على نفسه .

                                                                                                                      ( وإن ركبها اثنان ) وجنت جناية مضمونة ( ضمن الأول منهما ) أي : الراكبين ; لأنه المتصرف فيها والقادر على كفها ( إلا أن يكون ) الأول ( صغيرا أو مريضا ونحوهما ) كالأعمى ( والثاني متولي تدبيرها فعليه ) أي : الثاني ( الضمان ) وحده لكونه المتصرف فيها ( وإن اشتركا ) [ ص: 127 ] أي : الراكبان ( في التصرف ) في البهيمة ( اشتركا في الضمان ) أي : ضمان جنايتها المضمونة لاشتراكهما في التصرف .

                                                                                                                      ( وكذا لو كان معها ) أي : البهيمة ( سائق وقائد ) وجنت جناية تضمن فالضمان عليهما ( وإن كان معهما ) أي : السائق والقائد راكب ( أو ) كان ( مع أحدهما راكب شاركهما ) أي : شارك الراكب السائق والقائد أو أحدهما في ضمان جنايتها لاشتراكهم في التصرف ; لأن كلا منهما لو انفرد مع الدابة انفرد بالضمان فإذا اجتمع مع غيره منهم شاركه في الضمان وعلم مما تقدم أنه لو اجتمع الثلاثة أو اثنان منهم لكن انفرد واحد بالتصرف اختص بالضمان .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية