( 4527 ) مسألة قال : ( وإن كان صاحبها جعل لمن وجدها شيئا معلوما ، فله أخذه إن كان التقطها بعد أن بلغه الجعل ) وجملة ذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=6800_6774_25222الجعالة في رد الضالة والآبق وغيرهما جائزة . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . ولا نعلم فيه مخالفا . والأصل في ذلك قول الله عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=72ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6834أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوا حيا من أحياء العرب ، فلم يقروهم ، فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك ، فقالوا : هل فيكم راق ؟ فقالوا : لم تقرونا ، فلا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلا فجعلوا لهم قطيع شياه ، فجعل رجل يقرأ بأم القرآن ، ويجمع بزاقه ويتفل ، فبرأ الرجل ، فأتوهم بالشاء ، فقالوا : لا نأخذها حتى نسأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : وما أدراك أنها رقية ؟ خذوها ، واضربوا لي معكم بسهم } . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري
. ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك ، فإن العمل قد يكون مجهولا ، كرد الآبق والضالة ونحو ذلك ، ولا تنعقد الإجارة فيه ، والحاجة داعية إلى ردهما ، وقد لا يجد من يتبرع به ، فدعت الحاجة إلى إباحة بذل الجعل فيه ، مع جهالة العمل
; لأنها غير لازمة ، بخلاف الإجارة ، ألا ترى أن الإجارة لما كانت لازمة ، افتقرت إلى تقدير مدة ، والعقود الجائزة كالشركة والوكالة لا يجب تقدير مدتها ، ولأن الجائزة لكل واحد منهما تركها ، فلا يؤدي إلى أن يلزمه مجهول عنده ، بخلاف اللازمة . إذا ثبت هذا ، فإذا قال : من رد علي ضالتي أو عبدي الآبق ، أو خاط لي هذا القميص ، أو بنى لي هذا الحائط ، فله كذا وكذا . صح ، وكان عقدا جائزا ، لكل واحد منهما الرجوع فيه قبل حصول العمل . لكن إن رجع الجاعل قبل التلبس بالعمل ، فلا شيء عليه ، وإن رجع بعد التلبس به ، فعليه للعامل أجرة مثله ; لأنه إنما عمل بعوض ، فلم يسلم له
وإن فسخ العامل قبل إتمام العمل ، فلا شيء له ; لأنه أسقط حق نفسه ، حيث لم يأت بما شرط عليه العوض ، ويصير كعامل المضاربة إذا فسخ قبل ظهور الربح . ولا بد أن يكون العوض معلوما . والفرق بينه وبين العمل من وجهين أحدهما أن الحاجة تدعو إلى كون العمل مجهولا ، بأن لا يعلم موضع الضالة والآبق ، ولا حاجة تدعو إلى جهالة العوض
والثاني أن العمل لا يصير لازما ، فلم يجب كونه معلوما ، والعوض يصير لازما بإتمام العمل ، فوجب كونه معلوما . ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم ، نحو أن يقول : من رد عبدي الآبق فله نصفه ، ومن رد ضالتي فله ثلثها . فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قال : إذا قال الأمير في الغزو : من جاء بعشرة رءوس فله رأس . جاز وقالوا : إذا جعل جعلا لمن يدله على قلعة ، أو طريق سهل ، وكان الجعل من مال الكفار ، جاز أن يكون مجهولا ، كجارية يعينها العامل
فيخرج هاهنا مثله . فأما إن كانت الجهالة تمنع التسليم ، لم تصح الجعالة ، وجها واحدا . وإن كان العمل
[ ص: 21 ] معلوما ، مثل أن يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=6800من رد عبدي من البصرة ، أو بنى لي هذا الحائط ، أو خاط قميصي هذا ، فله كذا صح ; لأنه إذا صح مع الجهالة فمع العلم أولى . وإن علقه بمدة معلومة ، فقال :
nindex.php?page=treesubj&link=6752_6793من رد لي عبدي من العراق في شهر ، فله دينار . أو من خاط قميصي هذا في اليوم ، فله درهم . صح ; لأن المدة إذا جازت مجهولة ، فمع التقدير أولى
فإن قيل : الصحيح من المذهب أن مثل هذا لا يجوز في الإجارة ، فكيف أجزتموه في الجعالة ؟ قلنا : الفرق بينهما من وجوه ، أحدها أن الجعالة يحتمل فيها الغرر ، وتجوز مع جهالة العمل والمدة ، بخلاف الإجارة . الثاني أن الجعالة عقد جائز ، فلا يلزمه بالدخول فيها مع الغرر ضرر ، بخلاف الإجارة ، فإنها عقد لازم ، فإذا دخل فيها مع الغرر ، لزمه ذلك . الثالث أن الإجارة إذا قدرت بمدة ، لزمه العمل في جميعها ، ولا يلزمه العمل بعدها ، فإذا جمع بين تقدير المدة والعمل ، فربما عمله قبل المدة ، فإن قلنا : يلزمه العمل في بقية المدة
فقد لزمه من العمل أكثر من المعقود عليه ، وإن قلنا : لا يلزمه . فقد خلا بعض المدة من العمل ، إن انقضت المدة قبل عمله ، فألزمناه إتمام العمل ، فقد لزمه العمل في غير المدة المعقود عليها ، وإن قلنا : لا يلزمه العمل . فما أتى بالمعقود عليه من العمل ، بخلاف مسألتنا ، فإن العمل الذي يستحق به الجعل هو عمل مقيد بمدة ، إن أتى به فيها استحق الجعل ، ولا يلزمه شيء آخر ، وإن لم يف به فيها ، فلا شيء له
إذا ثبت هذا ، فإنما يستحق الجعل من عمل العمل بعد أن بلغه ذلك ، لأنه عوض يستحق بعمل ، فلا يستحقه من لم يعمل ، كالأجر في الإجارة .
( 4527 ) مَسْأَلَةٌ قَالَ : ( وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا جَعَلَ لِمَنْ وَجَدَهَا شَيْئًا مَعْلُومًا ، فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَ الْتَقَطَهَا بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ الْجُعْلُ ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=6800_6774_25222الْجَعَالَةَ فِي رَدِّ الضَّالَّةِ وَالْآبِقِ وَغَيْرِهِمَا جَائِزَةٌ . وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ . وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا . وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=72وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ } . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبُو سَعِيدٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6834أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَوْا حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ، فَلَمْ يُقْرُوهُمْ ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ ، فَقَالُوا : هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ ؟ فَقَالُوا : لَمْ تُقْرُونَا ، فَلَا نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعَ شِيَاهٍ ، فَجَعَلَ رَجُلٌ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفُلُ ، فَبَرَأَ الرَّجُلُ ، فَأَتَوْهُمْ بِالشَّاءِ ، فَقَالُوا : لَا نَأْخُذُهَا حَتَّى نَسْأَلَ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ؟ خُذُوهَا ، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ } . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ
. وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَكُونُ مَجْهُولًا ، كَرَدِّ الْآبِقِ وَالضَّالَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ فِيهِ ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى رَدِّهِمَا ، وَقَدْ لَا يَجِدُ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِهِ ، فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إبَاحَةِ بَذْلِ الْجُعْلِ فِيهِ ، مَعَ جَهَالَةِ الْعَمَلِ
; لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا كَانَتْ لَازِمَةً ، افْتَقَرَتْ إلَى تَقْدِيرِ مُدَّةٍ ، وَالْعُقُودُ الْجَائِزَةُ كَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ لَا يَجِبُ تَقْدِيرُ مُدَّتِهَا ، وَلِأَنَّ الْجَائِزَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَرْكُهَا ، فَلَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَلْزَمَهُ مَجْهُولٌ عِنْدَهُ ، بِخِلَافِ اللَّازِمَةِ . إذَا ثَبَتَ هَذَا ، فَإِذَا قَالَ : مَنْ رَدَّ عَلَيَّ ضَالَّتِي أَوْ عَبْدِي الْآبِقَ ، أَوْ خَاطَ لِي هَذَا الْقَمِيصَ ، أَوْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ ، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا . صَحَّ ، وَكَانَ عَقْدًا جَائِزًا ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ فِيهِ قَبْلَ حُصُولِ الْعَمَلِ . لَكِنْ إنْ رَجَعَ الْجَاعِلُ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِالْعَمَلِ ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِهِ ، فَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا عَمِلَ بِعِوَضٍ ، فَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ
وَإِنْ فَسَخَ الْعَامِلُ قَبْلَ إتْمَامِ الْعَمَلِ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ ; لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّ نَفْسِهِ ، حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِمَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْعِوَضَ ، وَيَصِيرُ كَعَامِلِ الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَخَ قَبْلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ . وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا . وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَمَلِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى كَوْنِ الْعَمَلِ مَجْهُولًا ، بِأَنْ لَا يَعْلَمَ مَوْضِعَ الضَّالَّةِ وَالْآبِقِ ، وَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إلَى جَهَالَةِ الْعِوَضِ
وَالثَّانِي أَنَّ الْعَمَلَ لَا يَصِيرُ لَازِمًا ، فَلَمْ يَجِبْ كَوْنُهُ مَعْلُومًا ، وَالْعِوَضُ يَصِيرُ لَازِمًا بِإِتْمَامِ الْعَمَلِ ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ مَعْلُومًا . وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجُوزَ الْجَعَالَةُ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ ، نَحْوَ أَنْ يَقُولَ : مَنْ رَدَّ عَبْدِي الْآبِقَ فَلَهُ نِصْفُهُ ، وَمَنْ رَدَّ ضَالَّتِي فَلَهُ ثُلُثُهَا . فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ قَالَ : إذَا قَالَ الْأَمِيرُ فِي الْغَزْوِ : مَنْ جَاءَ بِعَشَرَةِ رُءُوسٍ فَلَهُ رَأْسٌ . جَازَ وَقَالُوا : إذَا جَعَلَ جُعْلًا لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى قَلْعَةٍ ، أَوْ طَرِيقٍ سَهْلٍ ، وَكَانَ الْجُعْلُ مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ ، جَازَ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا ، كَجَارِيَةٍ يُعَيِّنُهَا الْعَامِلُ
فَيُخَرَّجُ هَاهُنَا مِثْلُهُ . فَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجَهَالَةُ تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ ، لَمْ تَصِحَّ الْجَعَالَةُ ، وَجْهًا وَاحِدًا . وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ
[ ص: 21 ] مَعْلُومًا ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ :
nindex.php?page=treesubj&link=6800مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ الْبَصْرَةِ ، أَوْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ ، أَوْ خَاطَ قَمِيصِي هَذَا ، فَلَهُ كَذَا صَحَّ ; لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ مَعَ الْجَهَالَةِ فَمَعَ الْعِلْمِ أَوْلَى . وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=6752_6793مَنْ رَدَّ لِي عَبْدِي مِنْ الْعِرَاقِ فِي شَهْرٍ ، فَلَهُ دِينَارٌ . أَوْ مَنْ خَاطَ قَمِيصِي هَذَا فِي الْيَوْمِ ، فَلَهُ دِرْهَمٌ . صَحَّ ; لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا جَازَتْ مَجْهُولَةً ، فَمَعَ التَّقْدِيرِ أَوْلَى
فَإِنْ قِيلَ : الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ ، فَكَيْفَ أَجَزْتُمُوهُ فِي الْجَعَالَةِ ؟ قُلْنَا : الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ ، أَحَدُهَا أَنَّ الْجَعَالَةَ يُحْتَمَلُ فِيهَا الْغَرَرُ ، وَتَجُوزُ مَعَ جَهَالَةِ الْعَمَلِ وَالْمُدَّةِ ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ . الثَّانِي أَنَّ الْجَعَالَةَ عَقْدٌ جَائِزٌ ، فَلَا يَلْزَمُهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا مَعَ الْغَرَرِ ضَرَرٌ ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ ، فَإِنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ ، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا مَعَ الْغَرَرِ ، لَزِمَهُ ذَلِكَ . الثَّالِثُ أَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ ، لَزِمَهُ الْعَمَلُ فِي جَمِيعِهَا ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بَعْدَهَا ، فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ ، فَرُبَّمَا عَمِلَهُ قَبْلَ الْمُدَّةِ ، فَإِنْ قُلْنَا : يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ
فَقَدْ لَزِمَهُ مِنْ الْعَمَلِ أَكْثَرُ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قُلْنَا : لَا يَلْزَمُهُ . فَقَدْ خَلَا بَعْضُ الْمُدَّةِ مِنْ الْعَمَلِ ، إنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ عَمَلِهِ ، فَأَلْزَمْنَاهُ إتْمَامَ الْعَمَلِ ، فَقَدْ لَزِمَهُ الْعَمَلُ فِي غَيْرِ الْمُدَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا ، وَإِنْ قُلْنَا : لَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ . فَمَا أَتَى بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا ، فَإِنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الْجُعْلَ هُوَ عَمَلٌ مُقَيَّدٌ بِمُدَّةٍ ، إنْ أَتَى بِهِ فِيهَا اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ ، وَإِنْ لَمْ يَفِ بِهِ فِيهَا ، فَلَا شَيْءَ لَهُ
إذَا ثَبَتَ هَذَا ، فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ مَنْ عَمِلَ الْعَمَلَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ عِوَضٌ يُسْتَحَقُّ بِعَمَلٍ ، فَلَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ ، كَالْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةِ .