( 2166 ) مسألة : قال : ( ومن وطئ فقد أفسد اعتكافه ، ولا قضاء عليه ، إلا أن يكون واجبا )
[ ص: 72 ] وجملة ذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=3466_2520_2584الوطء في الاعتكاف محرم بالإجماع ، والأصل فيه قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها } .
فإن وطئ في الفرج متعمدا أفسد اعتكافه ، بإجماع أهل العلم . حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عنهم . ولأن الوطء إذا حرم في العبادة أفسدها ، كالحج والصوم . وإن كان ناسيا ، فكذلك عند إمامنا
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يفسد اعتكافه ; لأنها مباشرة لا تفسد الصوم ، فلم تفسد الاعتكاف ، كالمباشرة فيما دون الفرج .
ولنا ، أن ما حرم في الاعتكاف استوى عمده وسهوه في إفساده ، كالخروج من المسجد ، ولا نسلم أنها لا تفسد الصوم . ولأن المباشرة دون الفرج لا تفسد الاعتكاف ، إلا إذا اقترن بها الإنزال . إذا ثبت هذا ، فلا كفارة بالوطء في ظاهر المذهب . وهو ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، وأهل
المدينة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، وأهل
العراق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وأهل
الشام ،
والأوزاعي .
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أن عليه كفارة . وهو قول
الحسن ،
والزهري ، واختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي ; لأنه عبادة يفسدها الوطء لعينه ، فوجبت الكفارة بالوطء فيها ، كالحج وصوم رمضان .
ولنا ، أنها عبادة لا تجب بأصل الشرع ، فلم تجب بإفسادها كفارة ، كالنوافل ، ولأنها عبادة لا يدخل المال في جبرانها ، فلم تجب الكفارة بإفسادها ، كالصلاة ، ولأن وجوب الكفارة إنما يثبت بالشرع ، ولم يرد الشرع بإيجابها ، فتبقى على الأصل .
وما ذكروه ينتقض بالصلاة وصوم غير رمضان . والقياس على الحج لا يصح ; لأنه مباين لسائر العبادات ، ولهذا يمضي في فاسده ، ويلزم بالشروع فيه ، ويجب بالوطء فيه بدنة ، بخلاف غيره . ولأنه لو وجبت الكفارة هاهنا بالقياس عليه ، للزم أن يكون بدنة ; لأن الحكم في الفرع يثبت على صفة الحكم في الأصل ، إذ كان القياس إنما هو توسعة مجرى الحكم فيصير النص الوارد في الأصل واردا في الفرع ، فيثبت فيه الحكم الثابت في الأصل بعينه . وأما القياس على الصوم ، فهو دال على نفي الكفارة ; لأن الصوم كله لا يجب بالوطء فيه كفارة سوى رمضان ، والاعتكاف أشبه بغير رمضان ; لأنه نافلة لا يجب إلا بالنذر ، ثم لا يصح قياسه على رمضان أيضا ; لأن الوطء فيه إنما أوجب الكفارة لحرمة الزمان ، ولذلك يجب على كل من لزمه الإمساك ، وإن لم يفسد به صوما .
واختلف موجبو الكفارة فيها ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : يجب كفارة الظهار . وهو قول
الحسن ،
والزهري ، وظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل ; فإنه روي عن
الزهري أنه قال : من أصاب في اعتكافه ، فهو كهيئة المظاهر . ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله : إذا كان نهارا وجبت عليه الكفارة . ويحتمل أن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله إنما أوجب عليه الكفارة إذا فعل ذلك في رمضان ; لأنه اعتبر ذلك في النهار لأجل الصوم ، ولو كان لمجرد الاعتكاف لما اختص الوجوب بالنهار ، كما لم يختص الفساد به .
وحكي عن
أبي بكر أن عليه كفارة يمين . ولم أر هذا عن
أبي بكر في كتاب ( الشافي ) ، ولعل
أبا بكر إنما أوجب عليه كفارة في موضع تضمن الإفساد الإخلال بالنذر ، فوجبت لمخالفته نذره ، وهي كفارة يمين
[ ص: 73 ] فأما في غير ذلك فلا ; لأن الكفارة إنما تجب بنص أو إجماع أو قياس ، وليس هاهنا نص ولا إجماع ولا قياس ، فإن نظير الاعتكاف الصوم ، ولا يجب بإفساده كفارة إذا كان تطوعا ولا منذورا ، ما لم يتضمن الإخلال بنذره ; فيجب به كفارة يمين ، كذلك هذا . ( 2167 )
فصل : فأما
nindex.php?page=treesubj&link=2633_2632_26816_2584المباشرة دون الفرج ، فإن كانت لغير شهوة ، فلا بأس بها ، مثل أن تغسل رأسه ، أو تفليه ، أو تناوله شيئا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدني رأسه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وهو معتكف فترجله . وإن كانت عن شهوة ، فهي محرمة ; لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } .
ولقول
عائشة : السنة للمعتكف أن لا يعود مريضا ، ولا يشهد جنازة ، ولا يمس امرأة ، ولا يباشرها . رواه
أبو داود . ولأنه لا يأمن إفضاءها إلى إفساد الاعتكاف ، وما أفضى إلى الحرام كان حراما . فإن فعل ، فأنزل ، فسد اعتكافه ، وإن لم ينزل ، لم يفسد . وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، في أحد قوليه .
وقال في الآخر : يفسد في الحالين . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ; لأنها مباشرة محرمة ، فأفسدت الاعتكاف ، كما لو أنزل .
ولنا ، أنها مباشرة لا تفسد صوما ولا حجا ، فلم تفسد الاعتكاف ، كالمباشرة لغير شهوة . وفارق التي أنزل بها ; لأنها تفسد الصوم ، ولا كفارة عليه ، إلا على رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل . ( 2168 )
فصل :
nindex.php?page=treesubj&link=2594وإن ارتد ، فسد اعتكافه ، لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65لئن أشركت ليحبطن عملك } . ولأنه خرج بالردة عن كونه من أهل الاعتكاف ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=2592شرب ما أسكره فسد اعتكافه ، لخروجه عن كونه من أهل المسجد . ( 2169 )
فصل :
nindex.php?page=treesubj&link=2609_2557_20544وكل موضع فسد اعتكافه ، فإن كان تطوعا ، فلا قضاء عليه ; لأن التطوع لا يلزم بالشروع فيه في غير الحج والعمرة . وإن كان نذرا نظرنا ، فإن كان نذر أياما متتابعة ، فسد ما مضى من اعتكافه ، واستأنف ; لأن التتابع وصف في الاعتكاف ، وقد أمكنه الوفاء به ، فلزمه ، وإن كان نذر أياما معينة ، كالعشرة الأواخر من شهر رمضان ، ففيه وجهان : أحدهما ، يبطل ما مضى ، ويستأنفه ; لأنه نذر اعتكافا متتابعا ، فبطل بالخروج منه ، كما لو قيده بالتتابع بلفظه .
والثاني ، لا يبطل ; لأن ما مضى منه قد أدى العبادة فيه أداء صحيحا ، فلم يبطل بتركها في غيره ، كما لو أفطر في أثناء شهر رمضان ، والتتابع هاهنا حصل ضرورة التعيين ، والتعيين مصرح به ، وإذا لم يكن بد من الإخلال بأحدهما ففيما حصل ضرورة أولى ، ولأن وجوب التتابع من حيث الوقت ، لا من حيث النذر ، فالخروج في بعضه لا يبطل ما مضى منه ، كصوم رمضان إذا أفطر فيه ، فعلى هذا يقضي ما أفسد فيه حسب . وعليه الكفارة على الوجهين جميعا ; لأنه تارك لبعض ما نذره .
وأصل الوجهين في من
nindex.php?page=treesubj&link=2532نذر صوما معينا ، فأفطر في بعضه ، فإن فيه روايتين ، كالوجهين اللذين ذكرناهما .
[ ص: 74 ]
فصل : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=2609نذر اعتكاف أيام متتابعة بصوم ، فأفطر يوما ، أفسد تتابعه ، ووجب استئناف الاعتكاف ، لإخلاله بالإتيان بما نذره على صفته .
( 2166 ) مَسْأَلَةٌ : قَالَ : ( وَمَنْ وَطِئَ فَقَدْ أَفْسَدَ اعْتِكَافَهُ ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا )
[ ص: 72 ] وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3466_2520_2584الْوَطْءَ فِي الِاعْتِكَافِ مُحَرَّمٌ بِالْإِجْمَاعِ ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا } .
فَإِنْ وَطِئَ فِي الْفَرْجِ مُتَعَمِّدًا أَفْسَدَ اعْتِكَافَهُ ، بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ . حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُمْ . وَلِأَنَّ الْوَطْءَ إذَا حُرِّمَ فِي الْعِبَادَةِ أَفْسَدَهَا ، كَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ . وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ إمَامِنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبِي حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ ; لِأَنَّهَا مُبَاشَرَةٌ لَا تُفْسِدُ الصَّوْمَ ، فَلَمْ تُفْسِدْ الِاعْتِكَافَ ، كَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ .
وَلَنَا ، أَنَّ مَا حُرِّمَ فِي الِاعْتِكَافِ اسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ فِي إفْسَادِهِ ، كَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَا تُفْسِدُ الصَّوْمَ . وَلِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ دُونَ الْفَرْجِ لَا تُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ ، إلَّا إذَا اقْتَرَنَ بِهَا الْإِنْزَالُ . إذَا ثَبَتَ هَذَا ، فَلَا كَفَّارَةَ بِالْوَطْءِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ . وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14209الْخِرَقِيِّ . وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وَالنَّخَعِيِّ ، وَأَهْلِ
الْمَدِينَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ ، وَأَهْلِ
الْعِرَاقِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيِّ ، وَأَهْلِ
الشَّامِ ،
وَالْأَوْزَاعِيِّ .
وَنَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=15772حَنْبَلٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً . وَهُوَ قَوْلُ
الْحَسَنِ ،
وَالزُّهْرِيِّ ، وَاخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يُفْسِدُهَا الْوَطْءُ لِعَيْنِهِ ، فَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ فِيهَا ، كَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ .
وَلَنَا ، أَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا تَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ ، فَلَمْ تَجِبْ بِإِفْسَادِهَا كَفَّارَةٌ ، كَالنَّوَافِلِ ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَدْخُلُ الْمَالُ فِي جُبْرَانِهَا ، فَلَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِهَا ، كَالصَّلَاةِ ، وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ ، وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِإِيجَابِهَا ، فَتَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ .
وَمَا ذَكَرُوهُ يَنْتَقِضُ بِالصَّلَاةِ وَصَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ . وَالْقِيَاسُ عَلَى الْحَجِّ لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ مُبَايِنٌ لِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ ، وَلِهَذَا يَمْضِي فِي فَاسِدِهِ ، وَيَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ ، وَيَجِبُ بِالْوَطْءِ فِيهِ بَدَنَةٌ ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ . وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ هَاهُنَا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ ، لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ بَدَنَةً ; لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْفَرْعِ يَثْبُتُ عَلَى صِفَةِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ ، إذْ كَانَ الْقِيَاسُ إنَّمَا هُوَ تَوْسِعَةُ مَجْرَى الْحُكْمِ فَيَصِيرُ النَّصُّ الْوَارِدُ فِي الْأَصْلِ وَارِدًا فِي الْفَرْعِ ، فَيَثْبُتُ فِيهِ الْحُكْمُ الثَّابِتُ فِي الْأَصْلِ بِعَيْنِهِ . وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّوْمِ ، فَهُوَ دَالٌّ عَلَى نَفْيِ الْكَفَّارَةِ ; لِأَنَّ الصَّوْمَ كُلَّهُ لَا يَجِبُ بِالْوَطْءِ فِيهِ كَفَّارَةٌ سِوَى رَمَضَانَ ، وَالِاعْتِكَافُ أَشْبَهُ بِغَيْرِ رَمَضَانَ ; لِأَنَّهُ نَافِلَةٌ لَا يَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ ، ثُمَّ لَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى رَمَضَانَ أَيْضًا ; لِأَنَّ الْوَطْءَ فِيهِ إنَّمَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ لِحُرْمَةِ الزَّمَانِ ، وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مِنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْ بِهِ صَوْمًا .
وَاخْتَلَفَ مُوجِبُو الْكَفَّارَةِ فِيهَا ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي : يَجِبُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ . وَهُوَ قَوْلُ
الْحَسَنِ ،
وَالزُّهْرِيِّ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ ، فِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15772حَنْبَلٍ ; فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ
الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَصَابَ فِي اعْتِكَافِهِ ، فَهُوَ كَهَيْئَةِ الْمَظَاهِرِ . ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : إذَا كَانَ نَهَارًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ . وَيَحْتَمِلُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ ; لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ ذَلِكَ فِي النَّهَارِ لِأَجْلِ الصَّوْمِ ، وَلَوْ كَانَ لِمُجَرَّدِ الِاعْتِكَافِ لَمَا اخْتَصَّ الْوُجُوبُ بِالنَّهَارِ ، كَمَا لَمْ يَخْتَصَّ الْفَسَادُ بِهِ .
وَحُكِيَ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ . وَلَمْ أَرَ هَذَا عَنْ
أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِ ( الشَّافِي ) ، وَلَعَلَّ
أَبَا بَكْرٍ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةً فِي مَوْضِعٍ تَضَمَّنَ الْإِفْسَادُ الْإِخْلَالَ بِالنَّذْرِ ، فَوَجَبَتْ لِمُخَالَفَتِهِ نَذْرَهُ ، وَهِيَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
[ ص: 73 ] فَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا ; لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ ، وَلَيْسَ هَاهُنَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ ، فَإِنَّ نَظِيرَ الِاعْتِكَافِ الصَّوْمُ ، وَلَا يَجِبُ بِإِفْسَادِهِ كَفَّارَةٌ إذَا كَانَ تَطَوُّعًا وَلَا مَنْذُورًا ، مَا لَمْ يَتَضَمَّنْ الْإِخْلَالَ بِنَذْرِهِ ; فَيَجِبُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، كَذَلِكَ هَذَا . ( 2167 )
فَصْلٌ : فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=2633_2632_26816_2584الْمُبَاشَرَةُ دُونَ الْفَرْجِ ، فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ ، فَلَا بَأْسَ بِهَا ، مِثْلُ أَنْ تَغْسِلَ رَأْسَهُ ، أَوْ تُفَلِّيَهُ ، أَوْ تُنَاوِلَهُ شَيْئًا ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْنِي رَأْسَهُ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَتُرَجِّلُهُ . وَإِنْ كَانَتْ عَنْ شَهْوَةٍ ، فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } .
وَلِقَوْلِ
عَائِشَةَ : السُّنَّةُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا ، وَلَا يَشْهَدَ جِنَازَةً ، وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً ، وَلَا يُبَاشِرَهَا . رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد . وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ إفْضَاءَهَا إلَى إفْسَادِ الِاعْتِكَافِ ، وَمَا أَفْضَى إلَى الْحَرَامِ كَانَ حَرَامًا . فَإِنْ فَعَلَ ، فَأَنْزَلَ ، فَسَدَ اعْتِكَافُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ ، لَمْ يَفْسُدْ . وَبِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ .
وَقَالَ فِي الْآخَرِ : يَفْسُدُ فِي الْحَالَيْنِ . وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ ; لِأَنَّهَا مُبَاشَرَةٌ مُحَرَّمَةٌ ، فَأَفْسَدَتْ الِاعْتِكَافَ ، كَمَا لَوْ أَنْزَلَ .
وَلَنَا ، أَنَّهَا مُبَاشَرَةٌ لَا تُفْسِدُ صَوْمًا وَلَا حَجًّا ، فَلَمْ تُفْسِدْ الِاعْتِكَافَ ، كَالْمُبَاشَرَةِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ . وَفَارَقَ الَّتِي أَنْزَلَ بِهَا ; لِأَنَّهَا تُفْسِدُ الصَّوْمَ ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، إلَّا عَلَى رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15772حَنْبَلٍ . ( 2168 )
فَصْلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=2594وَإِنْ ارْتَدَّ ، فَسَدَ اعْتِكَافُهُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُك } . وَلِأَنَّهُ خَرَجَ بِالرِّدَّةِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الِاعْتِكَافِ ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2592شَرِبَ مَا أَسْكَرَهُ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ ، لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ . ( 2169 )
فَصْلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=2609_2557_20544وَكُلَّ مَوْضِعٍ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ ، فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ . وَإِنْ كَانَ نَذْرًا نَظَرْنَا ، فَإِنْ كَانَ نَذَرَ أَيَّامًا مُتَتَابِعَةً ، فَسَدَ مَا مَضَى مِنْ اعْتِكَافِهِ ، وَاسْتَأْنَفَ ; لِأَنَّ التَّتَابُعَ وَصْفٌ فِي الِاعْتِكَافِ ، وَقَدْ أَمْكَنَهُ الْوَفَاءُ بِهِ ، فَلَزِمَهُ ، وَإِنْ كَانَ نَذَرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً ، كَالْعَشَرَةِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا ، يَبْطُلُ مَا مَضَى ، وَيَسْتَأْنِفُهُ ; لِأَنَّهُ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا ، فَبَطَلَ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ ، كَمَا لَوْ قَيَّدَهُ بِالتَّتَابُعِ بِلَفْظِهِ .
وَالثَّانِي ، لَا يَبْطُلُ ; لِأَنَّ مَا مَضَى مِنْهُ قَدْ أَدَّى الْعِبَادَةَ فِيهِ أَدَاءً صَحِيحًا ، فَلَمْ يَبْطُلْ بِتَرْكِهَا فِي غَيْرِهِ ، كَمَا لَوْ أَفْطَرَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَالتَّتَابُعُ هَاهُنَا حَصَلَ ضَرُورَةَ التَّعْيِينِ ، وَالتَّعْيِينُ مُصَرَّحٌ بِهِ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الْإِخْلَالِ بِأَحَدِهِمَا فَفِيمَا حَصَلَ ضَرُورَةً أَوْلَى ، وَلِأَنَّ وُجُوبَ التَّتَابُعِ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ ، لَا مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ ، فَالْخُرُوجُ فِي بَعْضِهِ لَا يُبْطِلُ مَا مَضَى مِنْهُ ، كَصَوْمِ رَمَضَانَ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ ، فَعَلَى هَذَا يَقْضِي مَا أَفْسَدَ فِيهِ حَسْبُ . وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا ; لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِبَعْضِ مَا نَذَرَهُ .
وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2532نَذَرَ صَوْمًا مُعَيَّنًا ، فَأَفْطَرَ فِي بَعْضِهِ ، فَإِنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ ، كَالْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا .
[ ص: 74 ]
فَصْلٌ : إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=2609نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ بِصَوْمٍ ، فَأَفْطَرَ يَوْمًا ، أَفْسَدَ تَتَابُعَهُ ، وَوَجَبَ اسْتِئْنَافُ الِاعْتِكَافِ ، لِإِخْلَالِهِ بِالْإِتْيَانِ بِمَا نَذَرَهُ عَلَى صِفَتِهِ .